البروفيسورة ميلاني جرينبرغ (Melanie Greenberg Ph.D.) لــ The Mindful Self-Express
كيف يمكنك أن تعرف ما إذا كان الحب سيدوم؟ إنْ توقَّـعْنا بأنّ علاقاتنا ستكون سعيدة، فإنّها سوف تصبح كذلك. بالكاد بدأتَ بعلاقةٍ جديدة وتجد نفسك واقعًا في غرام محبوبك الجديد. هو الآخر يبدو بأنّه يشعر بالأمر ذاته. وقد يجلب لك الزهور أو يحادثك عدّة مرّات في اليوم ويصغي إليك بإهتمام ويريد قضاء كل وقت فراغه معك. أو ربّما تُـظهر هي مشاركتك الآمال والأحلام ذاتها وتبتسم معك وبينكما جاذبيّة قويّة.
وفي مقابل ذلك قد تكوّنا ثنائيًّا متزوجًا وتمرّ علاقتكم بفترةٍ صعبة. تناضلون كثيرًا من أجل حياة متوائمة، وينقصكم الكثير من الحميميّة الجسديّة والعاطفية. وتبدآن بالشكِّ فيما إذا كنتم ستكملان الدرب سويّةً لآخره. فأي من هذه العلاقات ستدوم وتزدهر وأيّها سوف تضمحل؟ كيف تعلم إذا ما كان شريكك سوف يستمر معك أثناء الظروف الحالكة أو فيما إذا كان الغرام (romance) المبكّر سوف يقود إلى إرتباط أكثر جدّية؟
أشارت دراسة حديثة إلى أنّ رؤانا للمستقبل مع شريكنا وتوقّعاتنا بمدى السعادة التي ستحملها أيّام المستقبل هي مؤشّرات قويّة على الإلتزام بالعلاقة. نموذج الإستثمار (Kelley & Thibaut, 1978) للإلتزام بالعلاقة يقول بأنّنا نبقى ملتزمين بالعلاقات العاطفيّة بقدرٍ ما:
• تلبّي إحتياجاتنا ولا تخيّبها (منها إحتياجاتنا للحميمية والمرح والأمان والإثارة، الخ…)
• تكون جذّابة أكثر من أيّ علاقاتٍ محتملة أخرى ومن أي طريقةٍ ثانية لقضاء أوقاتنا.
• الإنفصال عن العلاقة سيؤدّي بنا إلى فقدان موارد ثمينة (كالوقت والمال والسكن والنشاطات الترفيهية أو كونك جزءًا من عائلة أو تكتُّـل إجتماعي). في بعض الأحيان نستمر في العلاقات غير المُـرضية جدًّا فقط لأنّنا سوف نخسر الكثير بالإنفصال أو لأنّنا لا نمتلك بدائل أفضل. أو قد نترك علاقة مُـرضية نسبيًّا بسبب ظهور شريك بديل أكثر جاذبيّةً وثراءً من حيث الإمتيازات.
اقترحت دراسة حديثة في (مجلّة الشخصية وعلم النفس الإجتماعي) (Journal of Personality and Social Psychology) للبروفيسور ادوارد ليمي (Edward Lemay) من جامعة ماريلاند نظريّة بديلة، دُعيَـت بــ (نموذج التنبُّـؤ للإلتزام بالعلاقة) (forecast model of relationship commitment). هذا النموذج يشير إلى أنّ توقّعاتنا عن مدى سعادتنا مع شريكنا في المستقبل هو ما يقرّر مدى إلتزامنا في علاقاتنا، إضافةً إلى العوامل الثلاثة التي نُـوقشَت أعلاه. بتعبيرٍ آخر، إذا كنّا نمرّ بمرحلةٍ حرجة من العلاقة (كإنجاب طفل جديد أو تربية مراهق صعب المِـراس أو وضع إقتصادي صعب أو مشاجرة أو حاجة أحد الشركاء للعمل طول الوقت)، فإنّ الأكثر ترجيحًا هو أن نبقى إذا اعتقدنا أنّ العلاقة سوف تتحسّن وتجلب لنا السعادة في المستقبل. فنصبح أكثر رغبةً لإستثمار الجهد وتقديم التضحيات إذا رأينا أنّ هنالك إمكانية للكسب المستقبلي. لكن إذا اعتقدنا أنّه لا توجد أي إمكانية لتحسّن الأمور أو أنّنا لم نرّ سعادةً على المدى البعيد مع شريكنا، فإنّنا قليلًا ما سنستثمر أو نتصرّف بأي طريقةٍ قد تساعد العلاقة. في العلاقات الجديدة، قد نفكّر في ما لو كان شريكنا يرغب بذات الأشياء التي نرغبها في الحياة، أيّ نوعٍ من الآباء أو الأمّهات سيكونون، أو فيما لو سنبقى نستمتع سويةً، وأمور من هذا القبيل. دراسات بحثيّة وجدت تأييدًا قويًّا للعوامل الثلاثة المحدّدة من قبل نظريّة نموذج الإستثمار وعامل الرضا المستقبلي المتوقّع المُـشار إليه بنموذج التنبُّـؤ.
• الذين شهِـدوا مستقبلًا أسعد مع شريكهم أعلنوا مزيدًا من الإلتزام على أساسٍ يومي، ولعام واحدٍ تالٍ.
• أظهرت الدراسات أيضًا أنّه حينما يتوقّع الناس إرضاءً مستقبليًّا أكثر في العلاقة، فإن التصرّفات غير البنّاءة سوف تكون أقل حضورًا لديهم. مثل تقليلهم للّوم والإنتقاد والرفض.
• وهم على الأرجح، سيستجيبون أيضًا بشكلٍ إيجابي وبنَّـاء لأي تصرّف سلبي من قبل الشريك.
• هذه التصرّفات الإيجابية في العلاقة ترجّح تحسين دوام العلاقة. واستنتج الباحثون أنّ: ’’الأفراد يداومون في العلاقات التي يُـتوقّع منها أن تجلب السعادة وينفصلون عن تلك المُـتوقّع لها أن تجلب الألم، وهذا ما يمكن رؤيته في تأثيرات تلك التوقّعات للمستقبل على الإلتزام بالعلاقة‘‘. ص.49 لذلك، إن أردْت لعلاقتك أن تدوم، فحاول التحدُّث لشريكك عن أحلامك وآمالك عن مستقبل علاقتكما وارسم صورة للأوقات السعيدة التي تراها قُـدُمًا.
المصدر:-
Lemay Jr, E. P. (2016). The Forecast Model of Relationship Commitment. Journal of Personality and Social Psychology, 111(1), 34-52