عندما يشاهد معظمنا مباراة شطرنج، تكون مشاهدتها تقريباً، بنفس متعة مشاهدة محاضرة عن ميكانيكا الكم. ولذلك أنتم تظنون إن مقطع فيديو عن “الشطرنج الكميّ” سيكون مملاً جداً. إلا إذا، ربما، يكون اللاعبون أناساً مشهورين، كالفيزيائي وعالِم الكونيات ستيفن هوكينغ والممثل بول رود.
هذا صحيح، تم تسمية هذا الفيديو القصير بالإسم “Anyone Can Quantum”، يحتوي مقطع الفيديو كل شيء، لقطاتٌ من فيلم “Ant-Man” . الرسالة القادمة من الخالد كيانو ريفز “Keanu Reeves” بعد 700 سنة من الحاضر. مقاطع فيديو عن القطط. تعليقات وهمية على تويتر من المشاهير والبابا. معلوماتٌ عن مسلسل بيل وتيد “Bill and Ted” وفيلم “Anchorman”. وبالطبع، الغرابة الكميّة.
لماذا هذا الفيديو موجودٌ أصلاً؟ تعاونَ معهد كاليفورنيا لتكنولوجيا معلومات المادة والكم “Caltech” مع شركة تروبر “Trouper” للإنتاج لإنشاء هذا الفيديو القصير إحتفالاً بمؤتمر القمة الكميّ الخاص بالمعهد، وهو الحدث الذي يناقش فيه الخبراء مستقبل مختلف التقنيات الكمية. لذلك، قُدّمَ هذا الفيلم القصيركعرضٍ إعلانيّ وترفيهيّ، لكنه يُعدُّ أيضاً مقدمة لأساسيات ميكانيكا الكم، والتي تتعلمونها كما يفعل بول رود.
يردد ريفز المستقبليّ في بداية الفيديو، “قبل سبعمئة سنة، غيّر بول رود مجرى التاريخ عبر إظهاره للعالم إن أي شخصٍ يمكنه أن يتصارع مع مفاهيم ميكانيكا الكم”. ويحقق رود هذا الهدف من خلال لعبة الذكاء، الشطرنج الكميّ، حيث يجب أن تمتثل القطع لكل من قواعد لعبة الشطرنج وقوانين ميكانيكا الكم. ولفهم ما يجري في هذه اللعبة، عليكم أن تفهموا قاعدتين كميّتين: مبدأ التراكب ومبدأ التشابك.
مبدأ التراكب:
الأجسام الكميّة، وخلافاً للأجسام العادية المألوفة، فإن لديها القدرة على أن تكون في حالاتٍ متعددة في وقتٍ واحد. إن قذفتم عملةً معدنية عادية، تعلمون إنها ستحط إما على جزء الرأس، أو جزء الذيل. ولكن إن قذفتم عملةً كمية، وقمتم بتغطيتها على الفور من دون التحقق من حالتها، ستكون موجودةً في حالة “تراكب” من جزء الرأس وجزء الذيل، مزيجٌ من الحالتين. حتى ترصدوا العملة، لن تستطيعوا معرفة حالتها الحقيقية، ولكن تستطيعون معرفة “دالتها الموجية،” التي تصف كون العملة في أيّ حالة. وبمجرد نظرةٍ خاطفة على العملة، فإن دالتها الموجية ستنهار إلى حالةٍ واحدةٍ من الحالات الممكنة فقط. إما رأس أو ذيل. المثال الأكثر شهرةً على هذه الظاهرة هو “قطة شرودنغر” “Schrödinger’s cat”.
إذاً كيف ينطبق ذلك على لعبة الشطرنج الكميّ؟ في أي دور، كل قطعة – على سبيل المثال، الملكة – يكون لديها الفرصة في ان تتحرك حركاتٍ عدة. إن كانت قطعةً كميّة، فيمكنها أن تتحرك عدة حركات في وقتٍ واحد، متواجدةً بحالة تراكب في الأماكن على رقعة الشطرنج. ولن يعلم خصمكم ما الحركة التي ستصنعها الملكة (وبالتالي أين هي) حتى يعترضها. ومن خلال القيام بذلك، فالخصم “يرصد” الملكة، مما يجبر القطعة على الظهور في أحد المواقع المحتملة.
ألم يتم تشويشكم بعد؟ ستصبح الأمور أكثر تعقيداً.
مبدأ التشابك:
بعد التدريب (بالطبع هنالك تدريب)، تواجه بول رود وستيفن هوكينغ في مباراة شطرنج. تبّقى لدى رود قطعتين فقط، لذلك، حاول مناورةً محفوفةً بالمخاطر: أحدث تشابكاً بين قطعة الملك وقطعة الفيل. التشابك الكميّ، وهي ظاهرة حيث يرتبط فيها جسيمين معاً، حيث يتصرفون كنظامٍ واحد. خذوا العملة الكميّة من المثال السابق. إن أحدثتم تشابكاً بين عملتين كميّتين، ثم بدلاً من القيام بوصف الدالة الموجية لكلٍ منهما، ستمتلكون دالةً موجيةً واحدةً فقط للزوجين. هذا يعني إن تحققكم من جسمٍ متشابك واحد سيخبركم شيئاً عن حالة شريكه. في مثال العملة، دعونا نقول إن الدالة الموجية تخبرنا إن احدى زوجيّ العملتين المعدنيتين على جزء الرأس والأخرى على جزء الذيل. إن رصدتم إحدى تلك العملتين ورأيتم العملة التي على وجه الرأس، سوف تعلمون مباشرةً إن العملة الثانية ستكون على وجه الذيل حتى ولو لم تكونوا قد تحققتم من حالتها.
في مشهد الشطرنج، يهاجم هوكينغ أحد المواقع المحتملة لقطعة الملك الخاصة بـ رود. وبالتالي هو يرصد قطعة الملك… وهو ما يكشف عن موقع قطعة الفيل الخاصة بـ رود كذلك. عملية الرصد بيّنت إن قطعة الملك الخاصة بـ رود ليست في المربع الذي هاجمه هوكينغ، ولكن قطعة الفيل الخاصة بـ رود تم إبدالها بإتقان لكي تهاجم قطعة الملك الخاصة بـ هوكينغ وبالتالي الفوز بالمباراة.
أنتم تعرفون الأساسيات الآن، وجاهزون للعب الشطرنج الكميّ! ألا تشعرون بأنكم مستعدون؟
لمشاهدة الفيديو: هنا
المصدر: هنا