غيرت هذه الخريطة البابلية القديمة لكوكب المشتري التاريخ الذي نعرفه اليوم.
أنت تشاهد الآن أسس علم الحساب الحديث.
كشف تحليل لوحٍ قديم بأن علماء الفلك البابليين كانوا قد تمكنوا من حساب تحركات كوكب المشتري بإستخدام شكلٍ مبكر من أشكال الحساب الهندسي قبل حوالي 1400 عام من التقنيات التي نعتقد بأن الأوروبيين قد إخترعوها.
ويعني هذا بأن أولئك الفلكيين القدماء من بلاد ما بين النهرين لم يتمكنوا من حساب كيفية التنبؤ بمسارات كوكب المشتري فحسب قبل أكثر من 1000 عام من وجود أولى التيلسكوبات، بل إنهم كانوا قد إستخدموا تقنياتٍ رياضية من شأنها أن تُشكل أُسس علم الحساب الذي نعرفه اليوم.
قال المؤرخ ماثيو أوسندريفر من جامعة هومبولت في ألمانيا لمادي ستون في موقع جزمودو: “هذا يدل على مدى التقدم العالي الذي كانت عليه تلك الحضارة القديمة. أنا لا أعتقد بأن أحداً يتوقع إكتشاف شيءٍ من هذا القبيل في نصٍ بابلي.”
كان المفتاح الرئيسي لهذا الكشف عبارة عن صورة قديمة عمرها 50 عاماً عن لوحٍ فلكي، إستخدمها أوسندريفر لفك شفرة وفهم شكل شبه منحرف غريب تم نقشه على الحجر منذ أكثر من 2000 عام.
على مدى عقود، تحير الباحثون بشأن أربعة ألواح بابلية محفوظة في المتحف البريطاني بلندن جميعها تذكر ذلك الشكل شبه المنحرف في نصوص تشير إلى تحركات كوكب المشتري عبر السماء. وبينما نمتلك الكثير من الأدلة الأثرية على أن الهندسة الأساسية غالباً ما تم إستخدامها في الرياضيات البابلية، إلا أننا حتى الآن، لم نرى سوى علامات على إستخدامهم لعلم الحساب.
فلماذا إذن أشاروا للحسابات الهندسية على أساس الجانبين الطويل والقصير من شبه المنحرف؟ من دون فك رموز اللوح في الصورة أعلاه، فإن ذلك لن يُثمر عن شيء.
تم التنقيب عن هذه الألواح المسمارية في مواقع أثرية في بابل وأوروك (العراق الآن) في القرن التاسع عشر وتم نقلها للمتحف البريطاني. يعرف أوسندريفر محتوى تلك الألواح الأربعة كما يعرف ظاهر يده طوال عقود، لكنه وحتى رؤيته لهذه الصورة الفوتوغرافية، فإنه لم يكن قد رأى اللوح الخامس من قبل.
قال أوسندريفر مخاطباً جوشوا سوكول في مجلة نيو ساينتست: “عندما عثرت على هذا اللوح في العام الماضي، فكرت على الفور بالألواح الأخرى التي أعرفها، وقد قمت بترجمة بعضٍ منها بنفسي. لكنني لم أتمكن من فهمها أبدا.”
بشكلٍ أساسي، يحمل هذا اللوح المفتاح لفهم كيفية إستخدام البابليين للشكل شبه المنحرف في التنبؤ بموقع كوكب المشتري، والذي كان جزءاً لا يتجزأ من معتقداتهم عن الطقس، وأسعار السلع، وإرتفاع منسوب مياه الأنهار المتقلبة على مدار السنة.
قالت مادي ستون من موقع جزمودو: “يصف النص (أ) الذي تم فك شفرته الآن، عملية حساب تحرُك كوكب المشتري عبر المسار الشمسي، وهو المسار الذي يبدو أن الشمس تتبعه خلال النجوم، على مدار السنة. وبحسب النص، فأن البابليين قد قاموا بذلك من خلال تتبع سرعة المشتري بوصفها وحدة زمن وحددوا المنطقة الواقعة تحت منحنى السرعة الزمن.”
مؤثرٌ جداً، أليس كذلك؟
مما يُثير الإعجاب هو أن العلماء الفرنسيين والبريطانيين قد إستخدموا ذات الإسلوب في القرن الرابع عشر الميلادي ـ حيث إستخدموا أشكال شبه منحرفة لحساب مقادير السرعة والإزاحة ـ وقد إفترض الجميع بأنها كانت قد بدأت بفضلهم.
قال أوسندريفر لموقع جزمودو: “في عام 1350، تمكن علماء الرياضيات من فهم أنه إذا كُنت تريد حساب المساحة تحت ذلك المنحنى، فإنك ستحصل على المسافة المقطوعة. وهذه تماماً فكرة مجردة عن العلاقة بين الزمن والحركة. وما تظهره هذه النصوص هو أن هذه الرؤية النافذة البصيرة قد جاءت من بلاد بابل.”
المصدر: هنا