غالباً ما تعتبر دعوة رئيس الولايات المتحدة كينيدي عام 1962 لأرسال رجل الى سطح القمر بحلول نهاية العقد خطوة جريئة، باعتبارها سعي نحو المجهول. لكنها في الواقع كانت خطوة مُختارة بعناية لتحقيق هدف استراتيجي.
في الحقيقة، كان هذا الهدف ممكنا من الناحية الفنية لأن المهندسين وقتها كانوا يعرفون كيفية تصميم وبناء الصواريخ والمركبات الفضائية. فقد كانت معظم ه…ذه التقنيات قد طورت قبل ذلك كجزء من برنامج الصواريخ البالستية. لكن هذا الهدف يمثل أهمية استراتيجية عظيمة للولايات المتحدة. فقد انبثق هذا الهدف كجواب لسؤال وضعه كنيدي هو: كيف يمكننا ان نتغلب على الروس في الفضاء؟ردا على هذا السؤال، كتب عالم الصواريخ فيرنر فون براون (Werner von Braun) مذكرة لنائب الرئيس ليندون جونسون بينت بصيرته الثاقبة. أشار فون براون في هذه المذكرة أن الاتحاد السوفياتي كان متفوقا على الولايات المتحدةً بفارق كبير في الصواريخ التي تستطيع نقل احمال ثقيلة. هذا التفوق معناه ان الاتحاد السوفيتي سيتمكن من الفوز في اي سباق لوضع مختبر علمي مأهول في مدار حول الأرض أو حتى وضع مركبة غير مأهولة على سطح القمر.ولكن، فون براون ناقش التالي:”لدينا فرصة كبيرة في النجاح في ارسال طاقم مكون من 3 اشخاص حول القمر قبل السوفيات في حوالي عام 1965-1966″. ثم أكمل قائلاً: “لدينا فرصة ممتازة لنغلب السوفييت في ارسال طاقم يقوم بالهبوط على سطح القمر (وبطبيعة الحال، هذا يشمل ايضاً القدرة على العودة الى الأرض). والسبب هنا هو أن السوفييت سيحتاجون الى قفزة نوعية في كفاءة صواريخهم بقدر 10 اضعاف مقارنة بصواريخهم الحالية”.
في الوقت الذي كانت الولايات المتحدة متأخرة مقارنة مع الاتحاد السوفيتي في مجال الصواريخ، حيث كان الاتحاد السوفيتي يمتلك صواريخ كبيرة
مقارنة بصواريخ الولايات المتحدة. بالتالي، تمكن السوفييت من تحقيق عدد من الانتصارات المذهلة في مجال الفضاء. لكن الهبوط على سطح القمر يتطلب صواريخ أكبر بكثير من الصواريخ التي تمتلكها أي من الدولتين، الأمر الذي يعطي للولايات المتحدة الأفضلية في هكذا سباق لأنها تمتلك قاعدة أكبر من الموارد (العلماء، الشركات، القدرة على الصرف على البحث العلمي والتطوير). بالتالي أوصى فون براون ان تقوم الولايات المتحدة باستباق السوفييت عن طريق الإعلان عن هدف طموح كهذا لأنها تمتلك فرصة جيدة في تحقيقه قبلهم.
بعد شهر واحد من مذكرة فون براون، القى الرئيس كينيدي خطابه الشهير.
ان الهدف الذي وضعه كينيدي، والذي يبدو هدفاً جريئاً للشخص العادي كان في الحقيقة قريب المنال. فقد كانت مسألة تنظيمية للموارد وللإرادة السياسية في سبيل تحقيق هذا الهدف.
المصدر: Good Strategy Bad Strategy: The Difference and Why It Matters, By: Richard Rumelt
لا هبوط على القمر ولا يحزنون ..مجرد صور هيوليودية ضحكوا بها على العالم .. فقط دققوا بالصور