الرئيسية / جيولوجيا / إنفجارات العراق: أجهزة الرصد الزلزالي ترسم “خريطة” لأصوات الحرب!

إنفجارات العراق: أجهزة الرصد الزلزالي ترسم “خريطة” لأصوات الحرب!

تمكنت أجهزةُ رصد الزلازل المنصوبة في العراق لكشف الهزات الأرضية من تسجيل العديد من الانفجارات المجاورة والتي تسببت بها قذائف الهاون والسيارات المفخخة. وفقاً لدراسةٍ جديدة، فإنه يُمكن استخدام البصمات المنفردة لهذه الإنفجارات من قِبل المختصين في بناء تصورٍ عن كيفية حصول هذه الحوادث السريعة، بل من الممكن أن يتم استخدام هذه المعلومات في صناعة برامج استجابة سريعة من أجل تعقب مصدر الإطلاقات والرد المباشر عليها.

كانت أصوات الانفجارات في بغداد – وخاصةً في عام 2006- أمراً مألوفاً جداً، ولكن في ليلة العاشر من شهر اوكتوبر/تشرين الأول في تلك السنة، سقطت سلسلةٌ من قذائف الهاون على مخزنٍ للعتاد في قاعدة الصقر الأميريكية، وقد قال المختصون بأنَّ الإنفجارات التي نتجت عن هذه القذائف كانت خارجةً عن المألوف حتى بالنسبة لبغداد التي اعتادت على مثل هذه الإنفجارات.

يُطلق على ما حصل في مخزن العتاد، والذي تم تصويره من قبل شهود عيان، بـ”cook-off”، وهو انفجار العتاد بشكلٍ سابقٍ لأوانه عند تعرضه للحرارة الشديدة. تسببت النيران المنبعثة نتيجة هذه القذائف بسلسلة من الإنفجارات، والتي تصاعدت بسرعة مصورةً مشهداً مرعباً من النيران المتطايرة، انفجارٌ تلو الآخر دون توقف!. في هذه الدراسة الجديدة، قام الباحثون بوصف القطع المتوهجة التي تطايرت في السماء وغيوم الدخان على شكل نبات الفطر وهي تتصاعد من بين اللهب، مما قاد بعض المراقبين إلى الاعتقاد بأنه كان هجوماً نووياً.https://www.youtube.com/watch?v=x-QLTp1DruI

أفاد الباحثون أيضاً بأن هذه الانفجارات تسببت بموجة من الهزات التي صعقت القاعدة، مما أدى إلى تدمير البنايات المجاورة، وقد أحس سكان بغداد بالإنفجار حتى في المنطقة الشمالية منها. وفقاً لوكالة “Stars and Stripes”  الإخبارية، فقد  استمرت سلسلة الانفجارات هذه حتى ظهيرة الحادي عشر من شهر اوكتوبر/تشرين الأول، وقد ذكرت الوكالة بأنَّ الانفجارات التي حصلت في مخزن العتاد “هزت النوافذ” في قاعد ليبرتي الأمريكية، والتي تقع قرب مطار بغداد الدولي.

كان هنالك “آذانٌ” أخرى تلتقط أصوات الفرقعات هذه أيضاً. فعلى بعد 7 كيلومترات من القاعدة، كان هنالك جهاز رصدٍ زلزالي نُصِب في محطة بغداد للرصد الزلزالي للكشف عن الهزات الأرضية، قام هذا الجهاز بتسجيل كل فرقعةٍ ناتجةٍ عن هذا الانفجار. كان هذا الجهاز واحدأً من عدة أحهزة كشف زلزالي والتي نُصبت مؤخراً لمراقبة كيفية تأثير الطبقة العليا للأرض -والتي تسمى بالقشرة- في منطقة ما على مدى تكرار وحجم الهزات الأرضية الضخمة.

إن أجهزة الرصد الزلزالي العراقية هذه نُصبت من قبل غسان العقابي، وهو قائد هذه الدراسة، بالتعاون مع عددٍ من مساعديه. وبعد تعرض المخزن لهذا الكم الهائل من النيران والانفجارات، تسائل هو ومساعده ميشيل وايسيسون عن كيفية ظهور كل هذه الأصوات المعقدة والمتنافرة في أجهزة الرصد الزلزالي خاصتهم.

لم تخذلهم هذه الأجهزة، فقد تمكن الباحثون بعد جمعهم للبيانات التي تم تسجيلها خلال تفجيرات العاشر من اوكتوبر من إعادة بناء تسلسل الأحداث التي حصلت في تلك الليلة، انفجاراً تلو الأخر، مكتشفين “بصماتٍ زلزالية” مميزة لأنواع محددة من الإنفجارات، مما ساعدهم في التعرف عليها وتسجيلها بدقة.

قال وايسيسون وهو استاذ في الفيزياء الجيولوجية في جامعة واشنطون بأن جهازاً واحداً مثل جهاز الرصد الزلزالي ذو الحزمة العريضة في بغداد يمكن له أن يسجل مدىً واسعاً من الترددات. يُظهر جهاز كشف الزلازل الأصوات على شكل موجات، حيث يُعبر طول الموجة عن علو الصوت، بينما يظهر تردد الموجة مدى ارتفاع أو انخفاض الصوت، مقاساً بالهيرتز.

ولكن، كيف يمكن لجهاز رصد الزلازل هذا أن يُفرق بين الهزة الأرضية وبين فرقعة الإنفجارات؟

قال وايسون:”فكر بطريقة عمل أذنيك” وأضاف:”يمكنك أن تستمع لصوت عزف المزمار والكلارينيت، وحتى إن كانتا تعزفان المقطوعة ذاتها، فإن أذنك قادرةٌ على التمييز بين هاتين الآلتين. وبهذه الطريقة، يمكن لجهاز رصد الزلازل أن يفرق بين قذائف الهاون، وسيارةٍ مفخخة، على الرغم من أنَّ كليهما يصدران فرقعةً عند انفجارهما.”

وفقاً لوايسيسون، فإن الخاصية المُميزة لقذائف الهاون هي أنها تصل إلى القمة عند تردد 5 هيرتز. استطاع وايسيسون وزملاؤه تحديد أوقات سقوط قذائف الهاون المتعددة أثناء الحادثة بدقة عن طريق مقارنة البصمات الزلزالية التي تميزها، والمختلفة عن الآثار الزلزالية التي تركتها أنواع أخرى من الانفجارات.

يمكن لسعة الموجة أن تخبرنا عن المسافة التي وقع فيها الإنفجار. “من الواضح أنه إن انفجرت فرقعة نارية على بعد ميل من هنا، فإنها ستمتلك صوتاً مختلفاً تماماً لو انفجرت بالقرب من اذنك”. وهذا يصح أيضاً بالنسبة لجهاز رصد الزلازل، فهو يقوم بتسجيل صورة مختلفة للأصوات عندما تكون بعيدة.

قد يكون “علم الزلازل العدلي” كما يحب وايسيسون تسميته، تطبيقاً غريباً لأجهزة رصد الزلازل، ولكن استعمال هذه الأجهزة في مدىً واسع من الأغراض العلمية هو أمرٌ شائع في الواقع.

قال وايسيسون:” نستطيع تعقب قطعان الوعل باستخدام أجهزة رصد الزلازل،” وأضاف:”نحن نستخدم هذه الأجهزة في مراقبة تكسر الجليد وجريان الأنهار الجليدية. يمكن لك النظر إلى مستوى الضجيج الصادر عن هذه الأجهزة عبر عقودٍ من الزمن لتتعقب تزايد كثاقة الأعاصير خلال هذه العقود كنتيجة للاحتباس الحراري. في الحقيقة، يمكنك استخدام أجهزة رصد الزلازل هذه في تعقب أي شيءٍ يُصدر صوتاً في هذا الكون.”

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

ماذا يخبرنا علم الزلازل عن تجارب كوريا الشمالية النووية

بقلم: نيل ويلكينز “NEIL WILKINS” منشور بتاريخ: 4 سبتمبر 2017 ترجمة: نعمان البياتي تصميم: مكي …

هل التطور قابل للاختبار؟

ترجمة: سامر حميد تدقيق: بهاء محمد تصميم: مكي السرحان [spacer height=”20px”] قبل الإجابة عن هذا …