من علم الفلك إلى الطب، جميع العلوم تسعى للحصول على دقة صورة أفضل، دائماً ما نقوم بتطوير تلسكوبات ومجاهر ونواظير جديدة، لكن تطور تكنولوجيتها دائماً ما يكون الفوز بنصف المعركة، النصف الآخر يكون بالتأكد من أن الضوء الذي يتم رصده لم يتأثر بأي انعكاسات. الضوء المنبعث قابل للتشويه بسهولة والسبب في ذلك وببساطة الأمر أن الضوء يتحرك في محيط قبل تلقيه من قبل راصد.
الهواء والماء وحتى أنسجة الإنسان جميعها تؤثر في تشويه موجات الضوء والصورة التي يمكن رصدها تكون ذات دقة ووضوح غير عالية، هنالك عدة تقنيات للتقليل من التشويه ولكن ذلك يتطلب معرفة كيف تم تشويه جبهة الموجة (أي جزء من الضوء التي تم انبعاثه في الوقت نفسه) في بادئ الامر، لا يمكن الاعتماد على أي دقيقة تم التشويه فيها.
لذلك قام الباحثون في جامعة دبلن بتطوير طريقة للتقليل من التشويه إلى حدٍ أدنى وأن تكون تلك الطرق تسمح باستخدام ما يطلق عليه «أشباه الجسيمات»، ومن المحتمل أن تُستخدم هذه الجسيمات في تحسين دقة الصور في مجالات عدة من الكيمياء التحسسية وإلى الطب الحيوي، كما ستمم عمل بعض الطرق التقليلدية مثل البصريات التكيفية في علم الفلك.
حالما أمكننا قياس التشويه بدقة معينة من الممكن لاحقاً تصحيح ما تم تشويهه من جبهة الموجة وبالتالي بناء موجة الضوء الأصلية. قام الفريق باستعمال ظاهرة فيزيائية غريبة تدعى أشباه الجسيمات، ذلك الاضطراب في وسط أو مادة الذي يسلك سلوك جسيم اعتيادي، لكنه ليس كذلك.
هنالك بضع أشباه جسيمات معروفة تستخدم في تبسيط التفاعلات الفيزيائية المعقدة؛ مثال على ذلك أنه من الصعب وصف الكترون خلال حركته داخل أشباه الموصلات، حيث أنها تتفاعل مع إلكترونات وبروتونات أخرى في المادة نفسها، كما يحدث في رقاقة الحاسوب السيليكونية. لحسن الحظ -والفضل يعود لذلك النوع من التفاعلات- يمكن تشبيه أشباه الجسيمات إلى تلك الإلكترونات ولكنها ذات كتلة مختلفة تسير في وسط مفتوح، لذلك تمكن الفيزيائيون من وصف أشباه الجسيمات بنظامٍ مماثل لهذا.
الدراسة التي تم نشرها في مجلة «أوبتيكا» أخذت بعين الاعتبار التصرف الرنيني لنوع من اشباه الجسيمات يُطلق عليها بلاريتونات البلازمون السطحي (SPPs). تتشكل هذه البلاريتونات عندما تتفاعل الفوتونات والإلكترونات مكونة مجال كهربائي على أسطح مواد معينة. عندما يرتطم الضوء بأحدى هذه المواد يكون ذبذبة من تلك البلاريتونات التي تسافر على طول السطح بعيداً عن نقطة انطلاقها، هذه الذبذبات تتصرف وكأنها جسيم متحرك، ووصفها على هذا النحو يجعل من السهل تنبؤ تصرفاتها. تعتمد البلاريتونات بشكل كامل على الفوتونات التي كونتها، لذلك أيُّ تغييرٍ في الفوتونات يُنتج تغيير في تلك البلاريتونات.
لقد استخدم الباحثون حساس فيلم مصنوع من الذهب يمكن أن يُنتج بلاريتونات على سطحها والسبب في ذلك يوضحه الدكتور براين فونسن: «علينا الاستفادة من تخفيف الاشارة في سطح الذهب ببساطة لتحويل شكل جبهة الموجة أو منحدرها إلى شعاع ضوء مختلف الكثافة». ذلك ما قاله المؤلف الرئيسي للدراسة في بيانه، ويضيف أيضاً «هذا التغيير يمكن رصده بسهولة بواسطة كامرات حساسة جدا للتغيرات الدقيقة في الكثافة».
القوة التي تستطيع البلاريتونات تشكيلها تكون متعلقة بشكل جوهري على الزاوية التي يرتطم الضوء بالسطح من خلالها، التشويه وحتى الأجزاء الصغيرة منه تُغير الزاوية بشكلٍ جزئي فينتج بذلك تأثير على هيئة تشكيل البلاريتونات. يُمكن قياس التغييرات بواسطة كاميرات عالية السرعة ثم أخذ كلاً من القياسات على حدى وبزاوية 90 درجة فيتمكن الباحثون بذلك من إعادة بناء الموجة الضوئية بشكلٍ أصلي وبدون تشبيه تماماً.
يقول دكتور فونسن لمجلة «IFLScience» : «اظن انها من الاثارة الدمج بين ظاهرة رنين البلاريتونات مع ظاهرة استشعار جبهة الموجة». يقول أيضاً: «المجال التطبيقي الذي يمكن استعمال هذه الظاهرة فيه هو في تطوير المِجهر الضوئي وفي أنظمة الليزر وبالتالي في المزج مع معدل جبهة الموجة يُمكن الحصول على مستشعر جبهة الموجة ذات دقة وسرعة كبيرة، وكذلك تصحيحات في أنظمة البصريات التكيفية ذات أداء محدود الحيودية».
المصدر: هنا