يبلغ أحمد من العمر ثلاثة عشر عاما، ولكن وبطرق عديدة انتهت طفولته قبل ثلاث سنوات. يعيش في حلب، أكبر محافظات سوريا. عام 2012، بدأت معركة حلب، بين قوات النظام السوري ومختلف الجماعات الثورية. وهنا توقف أحمد عن اِرتياد المدرسة بشكل نظامي، وبدلا من ذلك، اضطر للعمل بجانب أخويه في مطعم بغية إعالة أسرته. عندما قتل والده في غارة جوية للنظام، ازداد العبء المادي على الأشقاء. الآن، يدرس احمد نصف اليوم ويقضي النصف الآخر في العمل. إنها حياة تتردد ما بين الطفولة والرشد : ملأى بالمسؤوليات وكذلك بالمسرات الطفولية الصغيرة كأفلام الكارتون والحلوى. “أحببت دوما أن أتعلم” قال أحمد واقفا في إحدى شوارع حلب. يريد أحمد أن يستغل التعليم الذي يتلقاه بشكل جيد في المستقبل. “أريد أن أكون مهندسا لأعيد بناء مباني بلادي ولأعيد الحياة للمدينة التي أحب” ومن شباك غرفته، يرى أحيانا الأطفال يلعبون. يقول إن قناصي النظام اعتادوا على إطلاق الرصاص نحو النافذة ولا يدري لما توقفوا عن ذلك. مقابلة مع أحمد – ما أكثر الأشياء التي تملكها قربا لقلبك؟ ” أكثر الأشياء التي أحبها هي كتبي. ولكني لا أملك الوقت الكافي للقراءة كما إنني لا أمتلك سوى كتب المدرسة”
– ما هي أسعد ذكرياتك؟ ” أجمل ذكرياتي هو آخر عيد ميلاد لي مع والدي ووالدتي، قبل أن يرحل والدي. كانت حفلة صغيرة وبسيطة مع الهدايا والحلويات. وكانت آخر مرة أكون فيها مع أمي وأبي في ذات اللحظة.” – وما أكثر ذكرياتك حزنا؟ ” أكثر ذكرياتي حزنا هي وفاة والدي، بعد سقوط برميل متفجر على منزلنا. كنت أنا ووالدتي في زيارة عند خالتي. سمعنا صوتا عالياً، كان انفجاراً ضخماً في منزلنا، المكان الذي كان والدي فيه حينها. مات في الانفجار ولم أره بعدها أبداً. حتى إننا لم نحصل على فرصة رؤية جثمانه أو دفنه. – مكانك المفضل؟ “مكاني المفضل هو مدرستي. إنه المكان الوحيد الذي أرتاح فيه وأتعلم أشياء جديدة. الأيام التي أغلقت فيها المدرسة بسبب قنابل النظام كانت من أصعب الأيام علي. ولكن المدرسة فتحت أبوابها مجددا وأنا سعيد جدا بذلك.” – ما فيلم الكارتون المفضل لديك؟ ” أحب حقاً المحقق كونان، لأنه يعلمني كيف أنظر للأمور وأستكشف أشياء صعبة الحل. وأحب أيضا مغامراته حين يلاحق المجرمين ويلقي القبض عليهم.” – ما الذي يقلقك؟ ” إنني قلق وخائف من قنابل الطائرات التي يمكن أن تقتلني و تقتل أحد أفراد عائلتي، أو يمكن أن تجعلني وحيدا أو تفقدني أحد أطرافي.”- إن كان باستطاعتك تغيير شيء واحد في هذا العالم، ماذا ستغير؟ ” إن كان بإمكاني تغيير شيء واحد فسأمنع استخدام الأسلحة التي تدمر كل شيء والتي تستخدم لقتل الناس. ربما يستطيع الناس حينها أن يعيشوا بسلام.”يوسف فتحي، أحد عشر عاما من حلب. وهو صديق أحمد. يمضي معظم وقته في المنزل. لا ترسله عائلته إلى المدرسة ونادراً ما تسمح له باللعب في الحي مع باقي الأطفال. إنهم يخافون من القنابل التي يمكن أن تخطف روح أصغر أفراد عائلتهم. يوسف أيضا خائف من القنابل والطائرات التي تحوم فوق رؤوسهم. ولده خصيصا أكثرهم خوفا على سلامة ابنه. السنة الماضية، هاجمت القنابل مدرسته وقتلت العديد من أصدقائه. الآن، عوضا عن الذهاب إلى المدرسة، يساعد يوسف أمه في المنزل، يشاهد التلفاز ويلعب مع إخوته. ولا تسمح له مغادرة المنزل إلا برفقه والده. وكأحمد، يمتلك يوسف شغفاً للتعلم ويهتم بأفلام الكارتون اليابانية. وفي بعض الأحيان يلعب مع أحمد وبعض الرفاق في الشارع، ومن نافذة غرفته يطالعهم ويتمنى لو يرافقهم أكثر.”مقابلة مع يوسف – ما أكثر الأشياء التي تملكها قربا لقلبك ؟ ” الملابس الجديدة، خاصة ملابس العيد، ولم أرتدي ملابس العيد منذ أربع سنوات. – ما أسعد ذكرياتك ؟”احتفالي بالعيد مع عائلتي كلها، عائلتي الكبيرة” – ما أكثر ذكرياتك حزنا؟ ” أسوأ ذكرياتي كانت عندما قصفت طائرة منزلنا وأصبحنا تحت الركام. لقد تأذينا كثيرا ولكننا نجونا.”- ما هو مكانك المفضل؟ ولماذا؟” مكاني المفضل هو حديقتي، وأحب الحي أيضا.”- ما فيلم الكارتون أو البطل الكارتوني المفضل لديك؟ “جوكا من دراغون بول هو المفضل عندي، لأنه أقوى شخص ويمتلك مهارات قتالية ويستطيع محاربة أي شرير نصرة للخير.”- ما أكثر شيء يقلقك؟ “أحيانا أخاف من فكرة أن أموت في أي لحظة، وأخاف من صوت الطائرة أو المنبه.”- إن كان بإمكانك تغيير شيء واحد في هذا العالم، ما الذي ستغيره؟ ” إن كان باستطاعتي فعل ذلك، فسأنهي الحروب وسنعيش بأمان دون القنابل والتفجيرات وصوت الطائرات. وبإمكاننا الذهاب للمدرسة حينها، واللعب دون الخوف من الطائرات أو أي شيء آخر يمكنه قتلنا.”
المصدر: هنا