نشر الفنان “فيليب هارتغان” المولود في المملكة المتحدة والساكن مدينة شيكاغو الامريكية مقطع فيديو مختصر عن (رسومات فرانز كافكا). وقد كتب “كافكا” بالطبع مجموعة من الاعمال الادبية، معظمها لم ينشر خلال فترة حياته، جُسدت فيها العزلة و السخافة الموجودة في العالم الحديث الذي نشأ مؤخراً: في رواية التحول – او المسخ – , يتحول “غريغور” اثناء الليل… إلى صرصور عملاق؛ في رواية المحاكمة يتهم “جوزيف كي” بإرتكابه جريمة مبهمة من قبل محكمة لا يمكن الوصول اليها وبشكل يدعو للجنون. في رواية تلو الاخرى يصور لنا “كافكا ” ابطال تلك الروايات وهم يُسحقون بين كماشة من سلطة بيروقراطية مجهولة الهوية من جهة وشعور عميق بالخزي والذنب من جهة أخرى.
وعلى فراش الموت يناشد الكاتب الشهير والمعذب صديقه ” ماكس برود” أن يقوم بحرق أعماله غير المنشورة. وقد تجاهل “برود” هذا الالتماس وبدلاً من ذلك فقد قام بنشرها بالكامل – روايات وقصص قصيرة وحتى مذكراته. إحتوت تلك المذكرات على خربشات و رسوم بضربات قلم سريعة إعتاد “كافكا” أن يرسمها على الدوام – وقد إتسمت تلك الرسوم بنفس الطابع من القلق العميق الذي طغى على كتاباته. وواقعاً فإن أغلب تلك الرسوم قد انتهى بها الامر لان تكون صوراً تزين أغلفة كتبه.
’’ حركات سريعة ومقتضبة والتي تنقل الشعور النموذجي للمزاج اليائس لرواياته ’’ كما يقول “هارتيغان” وهو يتحدث عن ذلك الفن لدى” كافكا” ويكمل قائلاً: ’’ أذهلني كيف أن هذه الإيماءات البسيطة، هذه التعرجات من المعصم، تحتوي على ايحاء او تصنع علامة مميزة و باقتضاب ملحوظ بحيث أن أكثر الفنانين خبرة يمكن أن يتعلم شيئا منها ’’.
في كتابه ” حوار مع كافكا” ، يصف ” غوستاف يانوتش” ما حصل له حين أقبل على “كافكا” أثناء قيامه بإحدى الرسومات: حيث قام الاخير وبصورة مفاجئة بتمزيق الورقة التي كان يرسم عليها إلى قطع صغيرة خشية أن يراها احد. وبعد أن تكرر حصول ذلك عدة مرات، رضخ “كافكا” اخيرا ً وسمح له برؤية اعماله. إنذهل ” يانوتش” وقال له بتذمر: ’’ حقاً لم يكن هنالك داع لان تخف عني تلك الرسوم ؛ انها غير مؤذية تماماً ’’ .
’’ هز “كافكا” رأسه ببطء: ’ اوه كلا ! إنها ليست مؤذية كما تبدو. هذه الرسوم هي بقايا لشغف قديم ومتجذر بعمق. ذلك سبب محاولتي لاخفائها عنك …. إنه ليس على الورق، الشغف موجود داخلي، لطالما أردت أن أكون قادراً على الرسم، أدت أن أرى، وأتمسك بكل ما كان يُرى. ذلك كان شغفي . ’’