كَتَبَهُ لموقع “ذا كونفرزيشن”: سام غيلبرت وميلاني جورج
منشور بتاريخ: 10/8/2018
ترجمة: شهد عبد الكريم البيرماني
تدقيق لغوي: عقيل صكر
تصميم: حسام زيدان
يمتلك البشر أدمغة كبيرة؛ وبشكل خاص فإن جزء الدماغ؛ المُسمّى بالفص الجبهي والذي يقع خلف الجبهة مباشرة، يمثل جزءاً كبيراً جداً منه. إن الإصابات التي تحدث لهذا الفص تكون ناتجة إمّا من ضربة قوية على الراس، أو نتيجة جلطة دماغية، ومن التناقضات التي نراها؛ أن بعض الأشخاص الذين لديهم إصابات في الفص الجبهي لا يبدو عليهم أي تاثير، ولا يتم اكتشاف أصابتهم إلا بعد بحث وتقييم طبّي دقيق.
في بعض الأحيان يوصف الفص الجبهي بأنه الجزء المسؤول عن إدارة الدماغ، أو بأنه قائد الأوركسترا، حيث يقوم الفص الجبهي بالسيطرة على أفكارنا؛ وعلى عملية اتخاذ القرارات وتنظيمها. أنت تعتمد على الفص الجبهي عندما قيامك بالتخطيط لشي ما، عند انتقالك من نشاط إلى آخر، أو عند مقاومتك للإغراءات.
بعض الأشخاص الذين يعانون من أصابات الفص الجبهي يبدون طبيعيين في المحادثات القصيرة بينهم وبين شخص آخر، لكنهم في الحقيقة يعانون من صعوبات كثيرة في أداء المهمات اليومية البسيطة، مثل: الطبخ، تنظيم أعمالهم الورقية، أو تذكّر مواعيد أخذ الدواء. وهذا هو ما يسمّى بتناقض الفص الجبهي، لأنه على الرغم من أن هؤلاء الناس يبدون طبيعيين عند فحصهم؛ إلا أن لديهم صعوبات واضحة في أداء المهمات اليومية.
وفي أغلب الأحيان من المستحيل ملاحظة إصابات الفص الجبهي دون أطلاع طبيب خبير ومتخصص في هذا المجال، لأن هؤلاء الأشخاص يبدون طبيعيين وبإمكانهم التحدّث بصورة طبيعية. وربما يجهلون امتلاكهم لهذه الصعوبات أو حتّى قد ينكرون حاجتهم لأي مساعدة أو عناية.
مشاكل البصيرة
لا يكذب الأشخاص المصابون بهذه الحالة عندما يقولون إنهم ليسوا بحاجة للمساعدة، لكن في الحقيقة هم يجهلون حالتهم، لأن مناطق الفص الجبهي المسؤولة عن مراقبة التصرّفات الذاتية، وتطوير البصيرة قد تاثرّت بفعل الإصابة.
هناك سبب آخر لتناقض الفص الجبهي، وهو: إن المهارات المطلوب من الشخص تأديتها خلال مقابلة التقييم الطبّي للإصابة تختلف عمّا يفعله الشخص في حياته اليومية.
إذ أن التصميم المُنظم للبيئة المحيطة، والروتين المتكرّر فيها، مثل: ردهات مراكز إعادة التاهيل، التي يمكنها أن تاخذ دوراً في تأثيرها على عمل الفص الجبهي، حيث بأمكانها أن تحجب الصعوبات التي يعانيها هؤلاء الأشخاص في بيئة مفتوحة غير منظّمة. ولهذا فإن قدرات هؤلاء الأشخاص يجب تقييمها بظروفٍ مشابهة لما يمرون به في حياتهم اليومية. وإن أداء بعض المهمات البسيطة، مثل التسوّق؛ من الممكن أن تُظهر الصعوبات اليومية عند الأشخاص المصابين، والذين يبدون طبيعيين في اختبارت الذاكرة والأنتباه، ويمتلكون درجة ذكاء اعتيادية.
عدم وجود تدريب كافي للمختصين
اكتشف عُلماء الأعصاب والأطباء حالة تناقض الفص الجبهي، منذ (50) سنة، لكنها ليست مفهومة دائماً بالنسبة للأشخاص غير المختصين، وبهذه الحالة؛ لن يستطيع المصابون الحصول على المساعدة التي يحتاجونها بشدة.
على سبيل المثال في انكلترا و ويلز، موظفو الخدمات الاجتماعية؛ وموظفو الرعاية، هم المسؤولون عن تحديد فيما إذا كان الشخص يمتلك القدرة (تحت تصرفات القدرة العقلية 2005)، لرفض الرعاية والمساعدة. هؤلاء الموظفون محترفون ومجتهدون لتقديم كل ما يصب في مصلحة الأشخاص؛ الذين تحت رعايتهم، لكن العديد منهم يتلقّون القليل من التدريب حول إصابات الدماغ، أو ربما لا يتلقّونه أبداً. يعتمد هؤلاء الموظفون في اتخاذ قرارهم حول قدرات الأشخاص الذين يعانون من أصابات الدماغ؛ على محاورات قصيرة بينهم وبين الأشخاص المعنيين، وهذا بالتحديد ما قد يجعل هؤلاء الموظفين ينكرون حاجة هؤلاء المصابين للعناية التي يحتاجونها.
التقييم الطبي يوفر المساعدة التي يحتاجها الشخص ليبدو مؤهّلاً، لكنه يبدو مؤهلاً فقط خلال فترة التقييم. ومثال على ذلك: قامت سيدة بأقناع سلسلة من المختصين أن بأمكانها العيش بمفردها بعد أن تعرّضت لأصابة قوية في الدماغ. لكن في الواقع هي لم تستطع أن تعد لنفسها وجبات الطعام أو أن تتذكّر أن تاخذ أدويتها الضرورية، وللأسف تُوفيت هذا السيدة في منزلها بعد فترة قصيرة.
المساندة المطلوبة
نحن لا نعلم بالضبط كم أن هذه الحالة شائعة لكن على الأغلب فإن تناقض الفص الجبهي موجود عند عدد كبير من الأشخاص وأكثر ممّا نتخيل.
فبالإضافة للأشخاص الذين يتعرّضون إلى ضربة على الرأس أو الذين يُصابون بجلطة دماغية، هناك أشخاص آخرون يصابون بحالة تناقض الفص الجبهي، مثل: الذين يمتكلون عدوى معينة؛ أو بعض أنواع الخرف؛ أو حتى النوع الثاني من داء السكري، الذي لم تتم السيطرة عليه.
من المهم جداً أن يكون موظفو الخدمات الاجتماعية، وموظفو الرعاية مُدربين، وعلى اطلاع بأصابات الدماغ، لحماية الأشخاص الذين لديهم أصابات الفص الجبهي، إذ أن هؤلاء الأشخاص هم الأكثر عوزاً للمساعدة، لكنهم على الأغلب الأقل في الحصول عليها.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا