كتبه لموقع “ساينس أليرت”: جوش هرالا
منشور بتاريخ: 13\5\2016
ترجمة: ورد عرابي
تدقيق ومراجعة: نعمان البياتي
تصميم: مرتضى ضياء
“كم يمكننا الذهاب بعيداً”، إنه سؤالٌ يراودنا عندما نتحدث عن استكشاف الفضاء، فهل هنالك حد معين؟ حتى مع تكنولوجيا الخيال العلمي في المستقبل ووصول البشرية إلى أبعد من الأرض؟
بدايةً، نحن نعيش على بقعةٍ صغيرةٍ من مجرة “درب التبانة”، وهي مجرةٌ حلزونية متوسطة الحجم، بقطر يصل لحوالي 100 ألف سنة ضوئية، ومثلها مثل الكثير من المجرات الحلزونية، تحتوي على المليارات من النجوم، والكواكب، والسُحب الغازية، والطاقة المظلمة، وفي مركزها ثقبٌ أسود هائل الحجم؛ وعلى الرغم من إننا قد نظن بأن مجرتنا مكتظةٌ جداً، إلا إن معظمها ليس سوى فضاءٍ فارغ.
من هنا دعونا نأخذ نظرةً أوسع؛ إن مجرة “درب التبانة” ومجرة “أندروميدا” بالإضافة إلى 52 مجرةٍ قزمة أخرى يُشكلون معاً “المجموعةُ المحلية” وهي منطقة في الفضاء ذات قطرٍ يبلغ 10 ملايين سنةٍ ضوئية؛ وبدورها تُعد “المجموعة المحلية” مُجرد حلقةٍ من مئات الحلقات المشكلة “للعنقود المجري” المُسمى “لانياكيا العظمى”، وهي جزء صغير جداً من الكون المرئي.
والآن بعد أن عرفنا أين نقف بالتحديد، دعونا نفترض بأن المركبات الفضائية المستقبلية ستُلبي مستوى الخيال العلمي في السفر بين النجوم، فمع كل هذه التطورات التكنولوجية، إلى أي مدى يمكننا الذهاب في هذا الكون؟
للأسف ليس بعيداً جداً، فالبشرية لن تستطيع أن تتخطى حيز “المجموعة المحلية”.
لكن لا بأس بذلك، فالمجموعة المحلية يبلغ قطرها حوالي الـ 10 ملايين سنةٍ ضوئيةٍ، وبالتأكيد فإن هذا جزءٌ كبيرٌ من الكون، أليس كذلك؟ كلا، هذا ليس صحيحاً؛ “المجموعة المحلية” لا تشكل سوى نسبة 0.00000000001% من الكون المرئي، أي واحد من مئة مليار جزءٍ من المئة! بكلمات أخرى (مجازياً)، فالبشرية لن تصل إلى أبعد من التجوال على سطح ذرة رملٍ من رمال صحراء “الكون المرئي”.
فما الذي يمنعنا من الذهاب أبعد؟ باختصار، إنه الفضاء نفسه، فالفضاء ليس فارغاً بالمعنى الحرفي، بل هو في الحقيقة مليء بالطاقة، وإن مناطق مختلفة من الكون ذات جيوب أكثر كثافة من مناطق أخرى، ولنفهم كل ذلك علينا العودة إلى لحظة “الانفجار العظيم”، والذي وسّع الكون من حجم حبة بازلاء إلى حجم لا يمكن إدراكه.
خلال هذا الحدث، بدأت التقلبات الكمية بمدّ الكون، خالقةً أماكن أكثر كثافة خلال الكون، ومن تلك اللحظة حاولت الجاذبية أن تجذب الأشياء نحو بعضها البعض، لأن هذا ما تفعله الجاذبية؛ في أماكن أصغر، مثل مجموعتنا المحلية، قامت الجاذبية بتكوين المجرات وتوابعها.
ومع مرور الوقت نمت هذه المجموعات المحلية بشكلٍ منفصلٍ، وذلك بسبب الطاقة الغامضة المسماة “الطاقة المظلمة”، والتي يعدّها الباحثون السبب الرئيس وراء تمدد الكون، رغم عدم معرفتهم بماهية هذه الطاقة؛ هذا يعني بأن مجموعتنا المحلية ليست مترابطة بفعل الجاذبية مع المجموعات الأخرى، مما يجعلها (المجموعات الأخرى) تطوف بعيداً عنا.
ولأن هذه المجرات تسير مبتعدةً عنا بسرع هائلة، فإننا وإن تمكنّا من الوصول الى الفضاء بين المجرات، لن نستطيع أن نصل إلى السرعة الكافية التي تمكننا من الوصول إلى المجموعات المجرية الأخرى، ومع مرور الوقت سوف تستمر هذه المجموعات بالتباعد أكثر فأكثر حتى نصل إلى مرحلةٍ نفقد فيها القدرةُ حتى على تتبعها ورؤيتها.
لكن مع تباعدنا عن المجرات خارج مجموعتنا المحليةِ، فإن المجرات داخل مجموعتنا تتقارب فيما بينها بفعل الجاذبية، وسيؤدي ذلك إلى التقاء مجرتنا “درب التبانة” مع مجرة “أندروميدا” لتندمجا معاً ويشكلا ما يعرف بمجرة “دربدروميدا”؛ هذا يعني إنه عند اندماج المجرتين لن يتمكن البشر –إن وُجدوا حينها- من رؤية أي شيء في السماء، التي ستكون مظلمةً تماماً.
قد يبدو المشهد قاتماً بعض الشي، إلا إننا لم نتمكن من الوصول إلى المريخ حتى، ولا يزال لدينا الكثير من الوقت لاستكشاف المجموعات المحلية قبل أن تنفصل بعيداً عنا، فنحن نتحدث عن مليارات السنين؛ وقت كثير، أليس كذلك؟
لمزيد من المعلومات شاهد هذا الفيديو: هنا
المقال باللغة الإنجليزية: هنا