كتبه لموقع (بلومبيرغ): جيف وايز
منشور بتاريخ: 11/04/2018
ترجمة: الطيب عيساوي
تصميم: مينا خالد
داخل مختبر في جامعة (كارنيجي ميلون) في بيتسبرغ، يرفع ذراع الروبوت زجاجة مملوءة بالكواشف الكيميائية وينقلها فوق بنك أنابيب الاختبار، حيث يقوم بتوزيع عدد دقيق من القطرات على كل واحدة. يدور الذراع، يستبدل الزجاجة، يدور مجدداً، ويلتقط حاوية أخرى. بلا هوادة، ودون كلل، ينهي الروبوت الاختبار تلو الآخر. هذه التجارب جزء من مشروع مستمر لتحديد التركيب الكيميائي المثالي لبطاريات السيارات الكهربائية ذات السعة العالية، وقريباً لن تقوم الأجهزة بتشغيل التجارب فحسب، بل ستصممها أيضاً.
خلال الأشهر القليلة المقبلة، ستتولى خوارزميات الذكاء الاصطناعي تدريجياً تخطيط تجارب تعتمد على اختبار تشغيلات البطارية. وبمجرد أن تعمل بشكل كامل، سيقرر طالب الدراسات العليا في تخصص الروبوت كيفية تعديل تركيزات المكونات التي يختبرها. يقول (برايان ستوري) عالم معهد تويوتا للأبحاث، وقائد هذا المشروع: “لا تتم أتمتة (جعلها تعمل آليا) الجزء اليدوي من إجراء التجربة فحسب، بل أيضاً الجزء الخاص بالتخطيط”.
لطالما اعتبر العلم واحداً من الأنشطة البشرية الأقل احتمالاً لزرعها للروبوتات. لكن هذا المعطى بدأ يتغير، ذلك لأن أجهزة الاستشعار، وأجهزة التسلسل، والأقمار الصناعية تُخرج المعلومات الرقمية بالتيرابايت. تقول (مانويلا فيلوسو) التي ترأس شعبة تعلم الآلة في جامعة كارنيجي ميلون: ”لا يمكننا التعامل مع كمية البيانات بعد الآن، إنها مصدر قلق يومي لشركات التكنولوجيا الحيوية ومجموعة واسعة من الشركات الأخرى التي تكافح من أجل التعرف على التزايد غير المسبوق للمعلومة الخام.“
انتشرت برمجية الذكاء الاصطناعي المصممة لتحديد وتصنيف الأنماط في مساحة واسعة من العلوم، من علم الأحياء البحرية (تحديد أصوات الدلافين البرية من تسجيلات المسماع المائي) إلى علم الفلك (اكتشاف وجود الكواكب من مراقبة تقلبات دقيقة في سطوع آلاف النجوم). لاكتشاف بوزون هيغز، أو ما يسمى بجسيم الله، خوارزمية مَحَّصَتْ مليارات الجسيمات المُتَوَلِّدَة داخل مصادم الهادرونات الكبير في سويسرا. فقد أصبح الذكاء الاصطناعي سريعاً جزءاً أساسياً من مناهج العلوم الجامعية.
إن أتمتة عملية الاكتشاف لا تعمل على توفير وقت الباحثين فحسب، بل من المحتمل أن تغير نوع الاكتشافات التي يتم إجراؤها. يقول (بارنابس بوكزوس) أستاذ تعلم الآلة في جامعة كارنيجي ميلون، والمتعاون مع مشروع تويوتا: “يمكنني بسهولة تخيل الحالات التي يوصي فيها الذكاء الاصطناعي بإجراء تجارب في محاولة لتجميع جزيء كيميائي لا يمكنك التفكير فيه ، لكنه سيكون قادراً على القيام بذلك”.
لسوء الحظ، فإن إنتاج تنبؤات جديدة ليس بالأمر المفيد بحد ذاته إطلاقا. ما بلغه العلماء هو أقل من الصيغ النظرية الأنيقة التي تسمح لهم بفهم كيفية عمل الكون، مثل قانون نيوتن الأول. وحتى الآن، لا يمكن للشبكات العصبية التي تقوم على برمجية الذكاء الاصطناعي أن تشرح كيف تصل إلى إجاباتها.
في المقابل ، البشر جيدون في ذلك. لذلك على المدى القريب ستكون المقاربة الأكثر تبشيراً للبشر والذكاء الاصطناعي للعمل معاً. وقد أعلن الناشر الهولندي (إلسفير) في شهر فبراير/شباط تعاوناً تجريبياً مع شركة البرمجيات (يوريتوز)، مستخدما الذكاء الاصطناعي لتقييم ملايين مقالات مراجعة الأقران العلمية لاقتراح فرضيات في مجال الكيمياء الحيوية، وسيقوم الأكاديميون بإلغاء هذه الفرضيات عبر الإنترنت، استناداً إلى التجارب الأكثر تشجيعاً. ويقول (أري باك) الشريك المؤسس لشركة يوريتوز: “الرؤية هي أن تصبح المناقشة عملية أكثر آلية بكثير” .
وبعد هذا؟ يقول برايان ستوري: “لقد تساءل الناس عما إذا كان بإمكانكم جعل الكمبيوتر يكتشف تلقائياً المبادئ التي تقوم عليها الفيزياء”، ويضيف: “لا أعتقد أننا ذاهبون إلى هذا الحد الآن.”
المقال باللغة الإنجليزية : هنا