كتبه لـ(بيغ ثينك): كريستيان جاريت
منشور بتاريخ: 27/4/2018
ترجمة :احمد طريف المدرس
تدقيق: ريام عيسى
تصميم: مينا خالد
في عصر الأخبار المزيفة و الحركات الشعوبية المتصاعدة، أصبحت مصادفة أحد مروجي نظرية المؤامرة امراً يومياً. يقوم اغلب الناس عادة بتجاهل هذه الافكار ويجدونها ساذجة وسطحية. ولكن يؤمن البعض بنظريات المؤامرة. و في حال صدق شخص ما احد هذه النظرية، فإنه يصدق عادة باقي النظريات.
يهتم علماء النفس بالسبب الذي يجعل بعض الناس يميلون إلى تصديق نظريات المؤامرة، وخاصة أن العواقب يمكن أن تكون ضارة: على سبيل المثال، يمنع بعض الاباء أطفالهم من التلقيح وذلك بسبب تصديقهم لنظرية المؤامرة وبهذه الحالة سيضروا بالصحة العامة على نطاق واسع؛ وفي حالات أخرى، يمكن أن يؤدي الإيمان بتآمر جماعة عرقية أو دينية واحدة إلى إثارة التطرف.
بحسب دراسة اجراها (يان ويليم فان برويخين) في امستردام فإن غير المؤمنين بهذه النظريات يميلون إلى أن يكونوا أكثر تعليماً. حيث اجرى مسحين كبيرين لمحاولة التعمق بدور التعليم بتطعيم الناس ضد الايمان بنظرية المؤامرة. حيث قام بالمسح الاول، بجمع أكثر من 4000 قارئ لمجلة علوم شعبية في هولندا، بمتوسط عمر يبلغ 32 عاماً. وسألهم عن مستوى تعليمهم الرسمي وعن إيمانهم بمختلف نظريات المؤامرة المعروفة، مثل اعتبار الهبوط على سطح القمر خدعة. كما اختبر شعورهم بالعجز، وشعورهم الشخصي تجاه طبقتهم الاجتماعية (حيث حددوا موقعهم على سلم اجتماعي)، وسئلهم عن إيمانهم بالحلول البسيطة، مثل قول( أن معظم المشاكل في المجتمع سهلة الحل). ووجد ان كلما كان المشاركون أكثر تعليماً، كلما قل احتمال تأييدهم لنظريات المؤامرة. كما وجد العديد من المعايير الأخرى المتعلقة بالتعليم وأسهمت في الارتباط بين التعليم وعدم الاعتقاد بالمؤامرة مثل: شعور أقل بالعجز (أو المزيد من السيطرة)، والشعور بالمركز الاجتماعي العالي، والتشكك في الحلول البسيطة.
وكان المسح الثاني مشابهاً، ولكن هذه المرة استجوب فان برويجن ما يقرب من 1000 مشارك، متوسط عمرهم 50 عاماً، وتم اختيارهم لتمثيل شريحة اوسع من الهولنديين، واحتوى المسح على مرحلتين: الأولى، أجاب المشاركون على أسئلة حول مستوى تعليمهم. وشعورهم بالسلطة، وتصنيفهم الاجتماعي، والإيمان بالحلول البسيطة وتم أجراء بعض الاختبارات الأساسية لمهاراتهم في التفكير التحليلي. ثم بعد مرور أسبوعين، صنف المشاركون إيمانهم بمختلف نظريات المؤامرة. مرة أخرى، ارتبط المستوى التعليمي المرتفع بعدم الإيمان بنظريات المؤامرة، والتفسير (الجزئي) هو أن المشاركين الأكثر تعليماً الذين يشعرون بمزيد من السيطرة، مع إيمان أقل بالحلول البسيطة، ولديهم مهارات تحليلية أقوى.
لكن لم يكن للتصنيف الذاتي للطبقة الاجتماعية صلة في هذا الاستطلاع. وقال فان برويجن إن النتائج التي تشير إلى أن العلاقة بين التعليم والاعتقاد في نظريات المؤامرة لا يمكن أن تحصر الايمان بهذه النظريات في آلية نفسية واحدة بل هي نتاج تفاعل معقد لعمليات نفسية متعددة. إن دراسته لا تعني أننا لا نستطيع أن نستنتج أن التعليم أو باقي العوامل ذات الصلة التي قام بقياسها تسبب إيمان أقل في المؤامرات. لكن التعليم قد يكون ضالعاً في ذلك: على سبيل المثال، فإن المزيد من التعليم عادة ما يزيد من إحساس الناس بالسيطرة على حياتهم (رغم وجود استثناءات)، في حين أن الشعور بالعجز هو واحد من الأشياء التي غالباً ما تجذب الناس إلى نظريات المؤامرة. قال فان برويجين إن النتائج التي توصل إليها تساعد في فهم السبب الذي يجعل التعليم يساهم في بناء مجتمع أقل هوساً بالتشكيك، وذلك بدون حتى دحض نظريات المؤامرة. حيث تكمن مساهمته في تعليم الأطفال مهارات التفكير التحليلي وفكرة أن المشاكل الاجتماعية ليس لها حلول بسيطة في كثير من الأحيان، ومن خلال تحفيز الإحساس بالسيطرة، وتعزيز شعور الفرد بأنه عضو مهم في المجتمع، فمن المرجح أن يقوم التعليم بتقديم جرعة صحية من التشكيك العقلاني ويثبت الأدوات العقلية التي تحمينا من نظريات المؤامرة السطحية.
المقال باللغة الانجليزية: هنا