بقلم: جودرن جاينز لويس
تاريخ النشر: ٢٨/ ١ / ٢٠١٤
ترجمة بتصّرف وتدقيق: اسامة الاسدي
——-
أنا لست كبيراً بالمعنى الحقيقي للكلمة، لكني أعاني من النسيان في الفترة الاخيرة. في هذا الصباح وضعت كوب القهوة في التَرمس وذهبت الى المختبر تاركاً القهوة على منضدة المطبخ. كدت ان انسى الورقة التي عليّ مراجعتها هذا الاسبوع حتى رأيت التنبيه الذي وضعته مسبقاً على التقويم. لم أتذكر عيد ميلاد صديقي حتى دخلت الى الفيسبوك – وأنا المعروف بتذكر أعياد الميلاد.
أعتقد اني احتاج الى نوع من تحسين الذاكرة. للأسف، على الرغم من الشهرة المتنامية لمواقع تدريب الدماغ مثل Lumosity و CognFit و CognMed و Jungle Memory لا اعتقد أني سأجد ضالتي هناك. الدراسات تثير الشك حول ما اذا كان لهذه البرامج من تأثير ملموس على تحسين المهارات الذهنية.
(مايكل سكانلون) أسس موقع Lumosity في عام 2005 بالاشتراك مع (كونال ساركر) و (ديفيد دريشير) بعد ان ترك إكمال الدكتوراه في علم الاعصاب في ستانفورد. منذ ذلك الحين وصل عدد المشتركين لديه في الموقع لأكثر من ٣٥ مليون مشترك. وفي السنة الماضية نزل تطبيق الموقع لأجهزة الموبايل مع ٥٠ الف تحميل جديد كل يوم.
فكرة موقع Lumosity مبنية على علم “المرونة العصبية،” ذلك العنوان التجاري. وموقع Lumosity يصرّح بأنه موجّه ل “تمرين الذاكرة وقدرة الانتباه” من خلال “تدريب مخصص لكل فرد حسب احتياجاته.” والموقع يحتوي على اكثر من ٤٠ لعبة صُممت لتطوّر الذاكرة، المرونة، الانتباه، سرعة المعالجة، وقدرة حلّ المشاكل المجردة.
حتى ان موقع Lumosity قد وضع تقريراً فخماً في الصفحة الرسمية للموقع يوّضح العلم خلف هذه الالعاب والتغييرات التي حصلت للافراد في اختبار اداء الدماغ BPT قبل وبعد ممارسة هذه الالعاب.
بعد سنة من انطلاق موقع Lumosity الرسمي في عام ٢٠٠٧، طرحت (سوزان جيجي) وزملاءها من جامعة كولومبيا دراسة تقترح بأن تمارين الذاكرة لا تحسّن الذاكرة قصيرة المدى وحسب، بل يمكنها ان تطوّر معامل الذكاء للفرد IQ درجةً كاملة لكل ساعة واحدة من التدريب. (واو!)
لكن (توماس ريديك) و زملاءه من مؤوسسة (جورجيا تك – Georgia Tech) رأو بأن النتائج تثير الشكوك. لذا قاموا بتكرار تجربة (سوزان جيجي). هذه المرة، بخلاف تجربة سوزان، قامو باختبار ١٧ مهارة ذهنية مختلفة، من ضمنها الذكاء المرن، تعدد المهام، الذاكرة الفعالة وسرعة الادراك. وبدلاً من مجموعة سيطرة واحدة أدخلوا الى التجربة مجموعتي سيطرة [1]. احدهما أُعطيت تمارين وهمية والاخرى تركت بلا أي تمارين.
بعد ٢٠ جلسة من اللعب (كل جلسة تحتوي على ٥ ألعاب) تبيّن لـ (توماس ريديك)، صاحب الدراسة، بأنه على الرغم من تحسن أداء المشتركين في الالعاب التي تحت أيديهم، فإن هذا التحسن لم يتم نقله بأي نوع الى الذكاء او الادراك بشكل عام.
دراسة اخرى ايضاً أجريت على الافراد واستعملت فيها مجموعتي سيطرة شبيهة بالتجربة المذكورة مسبقاً. وتركزت بشكل كبير على الذاكرة الفعالة وحل المشاكل المجردة. وجدوا بأنه حتى بعد التدريب لـ ٢٠ يوم فأنه لا نتائج قد حصلت فيما يخص تحسّن المهارات الذهنية. على الرغم من تحسّن أداء الافراد على الالعاب التي تحت أيديهم.
وكذلك (أدريان آوين) وزملاءه من جامعة كامبريدج أعلنوا نتائج مشابهة بعد ٦ اسابيع من تمارين الدماغ على ١١ الف و ٤٠٠ مشترك. وقد أوعزت هذه التحسّنات الى شعبية هذه الالعاب – وليس الى تغير حقيقي في القدرات الذهنية.
ومؤخراً صدر تحليل بيانات تلوي [2] من ٢٣ دراسة لتؤكد نتائج الدراسات السابقة المذكورة. استنتجت (مونيكا ميلباي) و (شارلز هولم) من جامعة اوسلو، منفذي تحليل البيانات هذا، بأن العاب تدريب الدماغ احرزت في الحقيقة تطورات محددة وعلى المدى القصير في الالعاب التي تحت اليد، لكن لا تحسّن عام قد حصل سواء على الذكاء، الذاكرة، الانتباه، او اي مهارة ذهنية اخرى.
بعبارة اخرى، وطبقاً لهذه الدراسات، يبدو ان تذكرك للشكل الهندسي الذي جاء قبل الدائرة ( إحدى الألعاب التي تعرضها مواقع تدريب الدماغ) لن يساعدك في تذكر قائمة المشتريات وأنت حائر في السوبرماركت. وبالتأكيد لن ترفع حاصل ذكاءك IQ بأي مقدار يذكر.
في عصر الموبايلات واجهزة التابلت، إنه لمن المؤسف أن شيئاً متوفر بسهولة لا يستطيع تدريب عقولنا بطريقة تساعدنا على الكفاح خارج نطاق شاشة البلازما.
وإنها لأخبار مؤسفة خصوصاً للاشخاص الذين يضعون إعتماداً كبيراً على هذه الالعاب كل يوم – على سبيل المثال، العجائز الذين يحاولون التغلب على الخرف. أو أولئك الذين يعانون من إصابات دماغية والأفراد الذين يعانون من صعوبات في التعلم.
ما حصيلة هذه الدراسات؟ اذا كنت تستمتع بهذه الالعاب، إستمر. لكن لا تصدق الدعاية وبَريقها ولا تضيع أموالك إن كنت حقاً تؤمن بأن هذه الالعاب ستحسّن ذاكرتك، ردة فعلك او ذكاءك على المدى الطويل.
إذا كانت فكرة تمرين الدماغ لتجنب تأثيرات الكِبر على الذكارة والمهارات الاخرى لا زالت تعجبك، اذن عرّض نفسك للعديد من مهارات حل المشاكل في الحياة اليومية- كالقراءة وحل المعادلات (كما اثبتت الدراسات) [3] – وليس بالضرورة عن طريق الكومبيوتر.
واذا كنت مثلي، فقط تذكّر أين وضعت كوب القهوة قبل ان تخرج من المنزل. جرعة من الكافيين تستطيع ان تنجز ما لم تقدر عليه برامج تمرين الدماغ!
الهوامش:
[1] مجموعة السيطرة: هي المجموعة التي لا تعطى العلاج والغرض من وجود هذه المجموعة هو عزل العناصر الاخرى التي قد تؤثر على نتائج التجربة دون عِلم المقيمين عليها.
[2] تحليل بيانات تلوي Meta-analysis : هو نوع من الاحصاء وتحليل البيانات الذي يتم بجمع عدة دراسات في تحليل بيانات شامل للحصول على عناصر مشتركة بين الدراسات ولغرض الوصول الى صورة عامة عن العلاج او الشيء موضوع الدراسة.
[3] دراسة تشير الى ان القراءة وحلّ المسائل الحسابية اظهر تحسّن في الوظائف الذهنية لأشخاص عاديين كبيري العمر. للإطلاع: http://1.usa.gov/1D6AU3f
المصدر: هنا