ترجمة: زينب حسين
تدقيق: نعمان البياتي
لقد عُرقل العلماء الذين يعملون على تطوير علاجات جديدة للأمراض العصبية، وذلك لأن الخلايا العصبية الحركية غير قادرة على النمو في المختبر؛ الخلايا العصبية الحركية تتحكم بتقلصات العضلات، وإصابتها بأضرار تؤدي إلى أمراض مدمرة، مثل التصلب الجانبي الضموري وضمور العمود الفقري، وكلاهما يؤدي في النهاية إلى الشلل والوفيات المبكرة.
في بحث جديد، قام العلماء في كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس بتحويل خلايا الجلد من البالغين الأصحاء إلى خلايا عصبية حركية مباشرة، دون المرور عبر الخلايا الجذعية.
هذه التقنية تتيح إمكانية دراسة الخلايا العصبية الحركية للجهاز العصبي المركزي البشري في المختبر؛ وعلى عكس الخلايا العصبية الحركية في الفئران، والتي تكون موضع الدراسة عادةً، فالخلايا العصبية الحركية البشرية، التي تنمو في المختبر، ستكون أداة جديدة للباحثين لأنه لا يمكنهم أخذ عينات من الخلايا العصبية من الأحياء، بينما يستطيعون بسهولة أخذ عينات من الجلد؛ ولقد نُشرت هذه الدراسة في 7 سبتمبر في مجلة (Cell Stem Cell).
إن تجنب مرحلة الخلايا الجذعية يلغي المخاوف الأخلاقية التي أثيرت عند إنتاج ما يسمى الخلايا الجذعية متعددة القدرات (pluripotent stem cells)، والتي تكون مماثلة للخلايا الجذعية الجنينية في قدرتها على أن تتحول إلى جميع أنواع الخلايا؛ والأهم من ذلك، فإن تجنب حالة الخلايا الجذعية، يسمح للخلايا العصبية الحركية الناتجة بالاحتفاظ بعمر خلايا الجلد الأصلي، وبالتالي، الاحتفاظ بعمر المريض؛ إن الحفاظ على العمر الزمني لهذه الخلايا أمر مهم عند دراسة الأمراض العصبية، والتي يُصاب بها الناس في مختلف الأعمار والتي تزداد سوءاً على مدى العقود.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة (د. أندرو س. يو)، الأستاذ المساعد في علم الأحياء التنموي: “في هذه الدراسة، استخدمنا فقط خلايا الجلد من البالغين الأصحاء، الذين تتراوح أعمارهم بين العشرينات وحتى أواخر الستينيات؛ وقد كشفت أبحاثنا عن كيفية قيام جزيئات الحامض النووي الرايبوزي (RNA) الصغيرة بالعمل مع إشارات خلوية أخرى، تسمى عوامل النسخ (transcription factors)، على توليد أنواع معينة من الخلايا العصبية، في هذه حالة، الخلايا العصبية الحركية؛ مستقبلاً، نود دراسة خلايا الجلد من المرضى الذين يعانون من اضطرابات الخلايا العصبية الحركية، وينبغي على عملية التحويل أن تُكوِّن نموذجاً لنواحي المرض المختلفة، باستخدام الخلايا العصبية المستمدة من المرضى الذين يعانون من هذه الحالة”.
ويستكمل الدكتور “إن المرور عبر مرحلة الخلايا الجذعية، تشبه إلى حد ما هدم منزل وبناء منزل جديد من الأساس، أما ما نقوم به هو أشبه بالتجديد، إذ إننا نغير التصميم الداخلي، مع إبقاء الهيكل الاصلي الذي يكون محتفظاً بخصائص الخلايا العصبية التي نود دراستها”.
إن قدرة العلماء على تحويل خلايا الجلد البشرية إلى أنواع أخرى من الخلايا، مثل الخلايا العصبية، تعزز القدرة على فهم الأمراض، وتساهم في إيجاد طرق جديدة لعلاج الأنسجة والأعضاء التالفة، وهو ما يسمى بالطب التجديدي (regenerative medicine).
ولتحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا عصبية حركية، قام الباحثون بتعريض خلايا الجلد للإشارات الجزيئية، والتي تكون عادة موجودة بمستويات عالية في الدماغ، وقد أظهر العمل السابق الذي قام به (يو) وزملاؤه – ثم في جامعة ستانفورد في ما بعد – أن التعرض لقطعتين صغيرتين من الحامض النووي الرايبوزي قد حوّل خلايا الجلد البشرية إلى خلايا عصبية؛ وهاتين القطعتين من الحمض النووي الرايبوزي، وهي (miR-9) و(miR-124)، تساهم في إعادة كتابة التعليمات الوراثية للخلية.
في هذه الدراسة، وصف الباحثون العملية بالتفصيل، ووضحوا كيفية إعادة برمجة خلايا الجلد إلى خلايا عصبية عامة، ثم تحويلها إلى أنواع محددة من الخلايا العصبية؛ ووجدوا أن الجينات المشاركة في هذه العملية تصبح مهيأة، لكنها تبقى غير نشطة حتى يتم تزويدها بالتسلسل الجزيئي المناسب؛ وبعد العديد من التجارب ومحاولة وضع تركيبات وسلاسل متنوعة، توصل العلماء إلى إن إضافة إشارتين إضافيتين للخلطة، – عوامل نسخ تدعى (ISL1) و(LHX3) – تمكنت من تحويل الخلايا الجلدية إلى خلايا عصبية حركية للحبل الشوكي خلال 30 يوماً.
وبحسب (يو)، وزملائه (دانيال أبيرناثي)، و(ماثيو مككوي)، و(وو كيونك كيم)، فإن تركيبة الإشارات هذه – جزيئات الـ (RNA) الدقيقة من نوع (miR-9) و(miR-124)، مع عوامل النسخ (ISL1) و(LHX3) – تُخبر الخلية أن تطوي التعليمات الجينية لصنع خلية جلدية، والبدء بتطبيق تعليمات صنع خلية عصبية.
دراسة سابقة، من قبل فريق (يو)، أظهرت أنه عند تعريض قطع الـ (RNA)، (miR-9) و(miR-124) نفسها إلى خليط مختلف من التعليمات، وعوامل نسخ مغايرة، فإن الخلايا الجلدية تتحول إلى خلايا عصبية مختلفة؛ فقد تحولت، في دراستهم تلك، إلى خلايا عصبية شوكية (striatal medium spiny neurons)، والتي في حال تعرضها إلى داء هنتنغتون، تؤدي إلى حركات عضلية لا إرادية، وهبوط في الأداء الإدراكي.
ويذكر الباحثون في الدراسة الحالية، أن الخلايا العصبية البشرية المحوّرة، كانت تعمل بشكل مشابه للخلايا العصبية عند الفئران، فيما يخص آلية عمل الجينات؛ ولكن لا يمكن للعلماء، أن يكونوا متيقّنين، من إن هذه الخلايا هي مطابقة للخلايا العصبية الحركية البشرية الأصلية بصورة مثالية، ذلك لأنه من الصعب الحصول على عينات من الخلايا العصبية الحركية المستزرعة من الأفراد البالغين؛ ولمعرفة مدى دقة محاكاة الخلايا هذه، للخلايا الأصلية، سنحتاج لعينات من المرضى الذين، قد يتبرعون بها بعد الموت.
رابط المقال بالانكليزية: هنا
شاهد أيضاً
“حمضٌ من بين ملايين الأحماض”: حمض الـ DNA ليس الجزيء الجيني الوحيد
تقديم: مات دافيس بتاريخ: 21. نوفمبر. 2019 لموقع: BIGTHINK.COM ترجمة: هندية عبد الله تصميم الصورة: …
“محرك الوعي” في الدماغ هي منطقة بالغة الصغر
بقلم: ستيفن جونسن بتاريخ: 12/شباط/2020 ترجمة: رهام عيروض بصمه جي تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: …