ترجمة: هالة زكي
تصميم الصورة: مكي السرحان
عقاقير تخفيض الكوليسترول قد تحارب الأمراض المُعدية. دواء الستاتين (statin) الذي تقوم بأخذه للتقليل من مخاطر الإصابة بالنوبة القلبية او السكتة الدماغية يومًا ما قد يؤدي مهمتان، مزودك بالحماية ضد المضيف الكلي للأمراض المُعدية، المتضمنة حمّى التيفوئيد والكلاميديا والملاريا. علماء جامعة ديوك قد اكتشفوا حديثًا بأنّ الجين الذي يؤثر على مستويات الكولسترول يمكنه زيادة مخاطر الإصابة بحمّى التيفوئيد. وأيضًا بينوا بأنّ عقاقير تخفيض الكولسترول الشائعة إزتيميب وزيتيا يمكنها حماية سمك الزينة (zebrafish) ضد السالمونيلا التيفية، المسببة لهذه العدوى المؤذية. أعطت نتائج البحث نظرة عن الآليات التي تسيطر على قابلية تعرّض البشر للأمراض المُعدية. وأيضًا أشاروا إلى السبل الممكنة لحماية أولئك الأكثر تأثرًا بمسببات الأمراض -مثل بكتيريا السالمونيلا- التي تستخدم الكولسترول لتصيب الخلايا المضيفة. قال الدكتور دينيس كو المؤلف الأول لهذه الدراسة وأستاذ مساعد في علم الوراثة الجزيئي وعلم الأحياء المجهرية ”هذه فقط الخطوة الأولى،“ ”نحتاج أن نجرب هذه الطريقة على كائنات حية مختلفة، مثل الفئران، وعلى الأرجح مع مسببات أمراض مُختلفة، قبل الشروع بهذا في العيادة. المثير في الأمر أن دراستنا توفر مخطط يجمع تقنيات مختلفة لفهم سبب لماذا بعض الأشخاص يتعرضون للمرض أكثر من غيرهم، وما الذي يمكن عمله حيال هذا.“ في مطلع القرن الماضي، حازت المهاجرة الإيرلندية ماري مالون على لقب ”ماري تيفوئيد“ بعد أن تسببت بمرض أكثر من 50 شخص في مدينة نيويورك. مالون كانت لديها المناعة ضد البكتيريا التي تحملها، وأيضًا الكثير من الناس الذين كانوا على احتكاك مع الطاهية سيئة الصيت لم يصابوا بالمرض. ما الذي جعلهم مختلفون؟ لقد كان دينيس مُثار بهذا السؤال منذ مدة طويلة. بأية حال, محاولة تفسير الاختلافات بين الناس يمكن أن يكون خادع عندما يتعلق الامر بقابلية التعرّض للأمراض المُعدية: فأنت لا يمكنك معرفة إذا ماكان بقاء الشخص بصحة جيدة هو بسبب جيناتهم أم بسبب عدم تعرضه لمسببات الأمراض، وحتى عندما يتعرض كل شخص للمسببات، فهناك الكثير من العوامل البيئية الأخرى التي تلعب دورًا في هذا. وبدلًا من ترك العالم الحقيقي يخوض التجربة، دينيس وفريقه استخدموا مئات من خطوط الخلايا من متطوعين بصحة جيدة وعرّضوهم للجرعة نفسها بالضبط من السالمونيلا التيفية، والتي تم وضع علامة عليها باللون الأخضر المشع. بعدها بحثوا عن الاختلافات الجينية التي تميز الخلايا التي تملك معدلات عالية من الغزو البكتيري عن تلك التي لا تملك. وجد الباحثون بأنّ نوكليوتيد واحد من الحمض النووي في جين يُسمى VAC14 كان مرتبط مع مستوى الغزو البكتيري في الخلايا عندما قضوا على الجين، تم غزوا الخلايا بسرعة أكبر والكثير من الخلايا توهجت مع البكتيريا الخضراء. وبشكل غير متوقع وجدوا أيضًا بأنّ تلّك الخلايا الأكثر تأثرًا لديها مستويات عالية من الكوليسترول، وهو مكون رئيسي لأغشية الخلايا والذي ترتبط فيه السالمونيلا لتغزوا الخلايا المضيفة. أرآد دينيس أن يفهم ما إذا كان هذا الاختلاف الجيني على صلة بعدد السكان. بالنظر في النشر العلمي، قرر أن يصل لباحثة تعمل في فيتنام، الدكتورة سارة دونستان، والتي تدرس حمّى التيفوئيد في ذلك البلد. عندما أجرت دوستان اختبار الحمض النووي ل ١٠٠٠ شخص فيتنامي، نصف منهم مُصابون بحمّى التيفوئيد والنصف الآخر غير مُصاب، وجدت بأنّ الجين المسمى VAC14 مرتبط مع مخاطر مرتفعة بشكل معتدل لحمّى التيفوئيد. الخطوة التالية كانت البحث فيما إذا كان هناك طريقة لتصحيح قابلية التعرّض للأمراض. قال دينيس ”كان من المهم اكتشاف الآلية لأن الكثير من الناس يستخدمون عقاقير تخفيض الكوليسترول، وبالاخص الستاتينات للكوليسترول العالي“ ”لو أن هناك عقاقير مشابهة يمكن أن تُعطى لتقليل مخاطر عدوى السالمونيلا.“ مونيكا ألفاريز، طالبة دراسات عليا في مختبر دينيس كو كباحثة رئيسية في هذه الدراسة، ولديها بعض الخبرة بالتعامل مع سمك الزينة (zebrafish)، لذلك هم قرروا البدء من هنا. قامت باضافة عقاقير تخفيض الكوليسترول (إزتيميب وزيتيا) لمياه تلّك الاسماك بعدها حقنت السمك بالسالمونيلا التيفية. وجدت بأنّ الأسماك المعالجة كانت أكثر أرجحية لطرد البكتيريا من نظامها والبقاء على قيد الحياة. ثم بعد ذلك، يخطط الباحثون لإجراء تجارب مماثلة في الفئران وعلى الارجح تجربة دراسات مرجعية في البشر الذين يتناولون أدوية خفض الكوليسترول مسبقًا. إنهم يريدون استكشاف إذا ماكانت هذه الطريقة يمكنها أن تقي ضد مسببات أمراض أخرى، وقد قاموا بالفعل بفحص مسببات أخرى معروفة باعتمادها على الكوليسترول في مرحلة ما خلال العدوى. قال دينيس ”نهجنا الجيني البشري المبني على الخلايا هو وسيلة لربط بيولوجيا الخلية مع مرض الإنسان،“ ”من خلال معرفة الآلية، يمكنك كشف استراتيجيات علاجية محتملة لم تكن لتفكر بها من خلال النظر الى الجين فقط.“
المصدر: هنا