يمكنني القول أن الارادة في أن تصبح شخص أفضل وشريك أفضل هي أغلب ما يرغب به أي شخص مقبل على الزواج، غير أن السعي للكمال هو أمر غير ممكن وغير مرغوب وعادة ما يمنع من تشكيل علاقة سليمة.
بدل من أن يعيش تجربة كاملة من العواطف السليمة، فأن الشخص المهوس بالكمال يتأرجح بين أثنين من العواطف الأساسية وهي الرهبة والأرتياح. إن هذا النمط من الرهبة والأرتياح يُكرر نفسه إلى ما لا نهاية
وعادة ما يكون الأزواج والأطفال غير سعداء بهذه الرحلة المملة.
وعادة ما يكون الأزواج والأطفال غير سعداء بهذه الرحلة المملة.
في الواقع، إن الشخص المهووس بالكمال يقضي أغلب وقته فزعاً من الفشل المحتمل المقبل. ويلاقي النجاح بشعور راحة مؤقت. إحترام الذات لا يتم بناؤه من الشعور بالأرتياح أو الشعور المؤقت بالراحة بعد النجاح في عمل ما. الأفتقار إلى مصدر عميق وثابت من احترام الذات هو بمثابة فشل يضرب بصورة موجعة الشخص المهووس بالكمال ويمكن أن يؤدي به إلى نوبات طويلة من الإكتئاب أو الإنسحاب حتى. هؤلاء الأشخاص لديهم حساسية مفرطة تجاة الرفض أو الشعور بأي دليل لفشل مقبل. لسوء الحظ، إن هذا الشخص يصبح عبداً في سعيه للكمالية، ومن المرجح أنه أقل اهتماماً بصحته.
يتحدث في العادة الأشخاص المرتبطين بشريك مهووس بالكمال عن إخفائهم لعواطفهم. إنه لمن الصعب جداً على الشخص ”المهووس بالكمال“ أن يشارك تجاربه مع الشريك، حيث يشعرون أنهم لابد من أن يبقوا بمظهر القوي والمتحكم بمشاعره. هؤلاء الأشخاص يتجنبون التحدث عن مخاوفهم الشخصية، الشعور بالضعف، عدم الأمان وخيبات الأمل التي تلقوها، حتى مع أقرب الأشخاص أليهم. وبطبيعة الحال، فأن إخفاء المشاعر يحد من الحميمية العاطفية في الزواج.
الشخص المهووس بالكمال يمكن أن يكون أيضاً منافساً عنيفاً حتى مع الشريك. الشعور بالنقص قد يؤدي به إلى سحب مشاعر المقارنة للمنزل ”على الأقل أنا أكثر نجاحاً من زوجتي“. الاحتفال بتحقيق النجاح للازواج قد يكون صعباً ومهدداً لمشاعر الشريك المهووس بالكمال لكونه ”الشريك الأكثر كفاءة“ في العلاقة.
الإنهاك الذي يأتي عندما يحاول الشخص أن يصل للكمال قد يؤدي به إلى الإستسلام أمام العقبات. لقد عملت مع بعض المرضى الذين يصفون أنفسهم أنهم كاملين، رأيت بعض الصور لمنازلهم، في البداية قد يبدو الأمر غريباً أن شخصأ يعتبر نفسه كاملاً يعيش في بيئة مزرية، لكن إن كان العامل المؤثر في نفسية الشخص هي فكرة ”إن لم أستطع فعل ذلك بشكل تام، فأنا لن افعلها مطلقاً“ سيبدو الأمر منطقياً.
الكمال والزواج والمساواة
من الصعب أن يكون الأزواج متساوين عندما يكون أحدهما أو كلاهما من المهووسين بالكمال. الزواج العادل هو المشاركة بين اثنين من الناس يؤمنان أنهما متساويين تماماً. ليست المساواة فقط، يجب أن يؤثر احدهما على الآخر باستمرار لتصبح العلاقة مثالية ولا يكون احدهما قادراً على أن يجد بديلاً لشريكه. كما أكدت في كتابي، فالطريقة لتكوين شراكة مع رفيق الروح ليست بأن تصل الية وانتما متطابقين تماماً، بل كيف تصبحان كذلك بمرور الوقت. المفتاح للزواج هو كيف سيشكل احدهما الآخر في حياة سيعيشانها سوياً. التعاون المتبادل لتحقيق هذه الغاية يتطلب من كلا الشريكين أن يعبر عن كل مشاعره، بما فيها العواطف المتعلقة بالضعف الشخصي.
إحترام الذات نستمده من العيش منسجمين مع قيمنا العميقة حيث يمنحنا الحرية للتعلم والنمو بدون الخوف من الرفض. البحث عن الكمال يؤدي بنا إلى الفراغ وعدم الاستقرار، كسفينة تتهاوى في محيط مهتاج من دون مرساة.
ماذا لو كنت احد الأشخاص المهووسين بالكمال؟
الهووس بالكمال يمكن علاجه طبياً. بعض طرق العلاج نفسها التي تستعمل مع المصابين بالوسواس القهري حيث تعطي نفس الفعالية في معالجة الاشخاص المهووسين بالكمال. جميع طرق العلاج ستتطلب منك في البداية أن تتحمل القلق وعدم الشعور بالراحة وفي النهاية ستكون مدركاً للضعف الشخصي.
عندما تتغلب على هوسك بالكمال، احترامك لذاتك سيزدهر، وعندما يحصل ذلك، سيكون حظك أكبر في جذب إنتباه شخص لديه الإمكانية والرغبة في أن يكون شريكاً مثاليا لك.
المصدر : هنا