عالمياً، هنالك مئة وسبعة أطفال ذكور يولدون مقابل كل مئة طفلةٍ أنثى. هذه النسبة المشوهة سببها جزئياً يعود إلى الإجهاض على أساس الجنس و”الإبادة الجنسية”؛ وهي قتل أجنة الإناث، في بلدان مثل الصين والهند حيث الذكور مرغوبون أكثر من الإناث. لكن حتى عند استبعاد هذه العوامل، النسبة الطبيعية لولادة الذكور إلى نسبة ولادة الإناث تظل تتأرجح حول مئة وخمسة إلى مئة. مما يعني أن النساء أكثر احتماليةً بشكلٍ وراثي لولادة الذكور، فما هو السبب؟
عدة عوامل تؤثر في ما إذا كان الحيوان المنوي المحتوي على كروموسوم Y أم الحيوان المنوي المحتوي على كروموسوم X هو الذي سيكون أول من يخصب البويضة، بضمنها عمر الأبوين، تعرضهما للمؤثرات البيئية، التوتر، مرحلة دورة إباضة الأم، وحتى ما إذا كانت الأم لديها أطفال سابقاً أم لا؛ كل هذه العوامل تشترك لتضع متوسط نسبة الجنس عند الإخصاب هي مئة وخمسة ذكور مقابل كل مئة أنثى. ولكن ما فائدة هذا الإنحياز الطبيعي في النسبة؟
العديد من المختصين في الإحصاء خمنوا أن عدم التساوي الجنسي هو طريقة التطور في تعديل الأمور. الأجنة الذكور يعانون من مشاكل صحيةٍ أكثر من الأجنة الإناث. وهذه المشاكل تمتد إلى البلوغ أيضاً، حيث يقتل الرجال البالغون بعضهم بعضاً أكثر من النساء، يقومون بمخاطراتٍ أكثر ويتعرضون لمشاكل صحيةٍ أكثر من النساء، مما يجعلهم يموتون بعمرٍ أصغر. هذا لا يوازن الميزان الجنسي بشكلٍ كامل، ولكنه يجعله متقارباً. في المجموع السكاني البشري، تصل نسبة الرجال إلى النساء إلى مئةٍ وواحد مقابل مئة.
لماذا لا تكون النسبة متساويةً تماماً بين الذكور والإناث؟ في الحقيقة فإنه في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا، هنالك نساءٌ بالغاتٌ أكثر بقليلٍ من الرجال البالغين. الإنحياز البسيط نحو الذكور يبقى في النسبة الجنسية لعموم المجموع السكاني البشري نتيجةً للعوامل الإجتماعية المشار إليها مُسبقاً: إجهاض الأجنة الإناث والإبادة الجنسية في جنوب شرق آسيا ومعظم الشرق الأوسط، حيث يوجد تفضيل ثقافي قوي للذكور.
هنالك مسألةٌ مثيرةٌ للإهتمام بقدر عدم التساوي الجنسي في الولادة وهي وجوب أن يكون هنالك تساوٍ أو نسبةٌ قريبةٌ جداً من التساوي. الرجال ينتجون عدداً لا نهائياً من الحيوانات المنوية، بينما تمتلك النساء عدداً محدداً من البويضات. وفي ما يخص التطور، لماذا لم تتكيف البشرية مع نساءٍ أكثر ورجالٍ أقل؟
الجواب الأكثر مقبوليةً على هذا السؤال وضعه لأول مرةٍ السير رونالد فيشر Sir Ronald Fisher، عالم البايولوجيا التطورية الشهير، والذي عمل في النصف الأول من القرن العشرين. يتلخص مبدأ فيشر في أن الإختلاف في النسبة بين الجنسين يميل إلى التناقص عبر الزمن بسبب الفوائد التكاثرية التي سيمتلكها أفراد الجنس الأقل أوتوماتيكياً.
لنفترض على سبيل المثال أن ولادات الذكور كانت أقل بكثيرٍ من ولادات الإناث. في هذه الحالة سيمتلك المواليد الذكور فرصاً أفضل للتزاوج من المواليد الإناث، ومن المتوقع أن يحظوا بذريةٍ أكثر. الآباء المعرضون وراثياً إلى إنتاج الذكور سيحظون بأحفادٍ أكثر وستنتشر جيناتهم التي تنتج الذكور، وتصبح ولادات الذكور أكثر شيوعاً. تدريجياً سيقترب المجتمع السكاني من التساوي الجنسي.