الرئيسية / بايولوجي / دراسةٌ جديدة: لا وجودَ لشيءٍ إسمه (دماغ الذكر) أو (دماغ الأنثى)!

دراسةٌ جديدة: لا وجودَ لشيءٍ إسمه (دماغ الذكر) أو (دماغ الأنثى)!

لعدَّة قرونٍ مضت، سادَ إعتقادٌ بين الناس بوجود إختلافٍ وراثيّ بين دماغ الذكر ودماغ الأنثى، ولكنْ، وفي دراسةٍ جديدة، قام العلماء بمعاينة نتائج المسح الدماغي لــ 1400 شخص، ووجدوا بأنَّـه وعلى الرغم من وجود عددٍ من الإختلافات الدماغيّة المُـتميّزة بين الرجال والنساء، إلا أنَّـه لا وجودَ لدماغٍ مُـختصٍّ بالذكر فقط أو بالأنثى فقط.

نُـشرَت هذه الدراسة في مجلَّـة (فعاليات الأكاديمية الوطنيّة للعلوم.)“Proceedings of the National Academy of Sciences” وكتبَ الباحثون فيها ما نصُّـه: «تُـثبت دراستنا بأنَّـه على الرغم من وجود عددٍ من الإختلافات الدماغيّة بين الجنسين، إلّا أنَّ الدماغ البشري لا يمكن أن يُـصنَّف إلى هذين الصنفين: دماغ الذكر/ دماغ الأنثى.».

جرى الإعتقاد مُـنذ زمنٍ بعيد على إمتلاك الرجال والنساء لأدمغةٍ مختلفة. وقدْ قامت عدد من الأبحاث السابقة بدعم هذا المفهوم، حيث إستطاعت أن تجد بعض الإختلافات التركيبيّة بين أدمغة الذكور والإناث. أُجريَ أحد هذه الأبحاث في عام 2014 واشترك حوالي 949 شخص فيه، كانت نتيجة البحث بأنَّ أدمغة الرجال تمتلك مستوىً أعلى من الإرتباطات ضمن النصف الواحد للدماغ، بينما امتلكت النساء مستوىً أعلى من الإرتباطات بين نصفي الدماغ كليهما.

ولكنَّ بحثًا آخر تحدَّى هذا المفهوم ورفض تقسيم الأدمغة إلى نوعين: أدمغة الرجال وأدمغة النساء.

بعد كل هذه النتائج المُـتضاربة، ومن أجل الحصول على إجابةٍ شافية لهذا التساؤل، قامت دافنا جويل “Daphna Joel”، وهي عالمة نفس في جامعة تل أبيب الإسرائيلية، بالإشتراك مع عددٍ من زملائها بتحليل نتائج الرنين المغناطيسي التي جمعتها من أربع دراسات مختلفة، مما شمل عددًا كبيرًا من الأشخاص يصل لأكثر من 1400 شخص.

قام الباحثون بتسجيل المشاركين في هذه التجربة وفق عددٍ من المتغيّرات مثل السِـمات الشخصيّة والعلاقات والنشاطات والسلوك. بعد ذلك، قاموا بأخذ السمات الأكثر ظهورًا لدى مجموعةٍ من الرجال أو النساء وجعلوا لكلٍّ منها قيمة، وقسَّـموا المشاركين إلى ثلاثة أصناف حسب النتائج التي حقَّـقوها في إمتلاكهم لهذه السمات: صنف الرجال، وصنف النساء، والصنف المتوسِّـط وهو للأشخاص الذين سجَّـلوا مجموعًا بين هذين الصنفين فلا يمكن تصنيفهم ضمن صنف الرجال أو النساء.

بعد ذلك، بدأ الباحثون بتحديد الصنف المناسب لكل دماغٍ من أدمغة هؤلاء الأشخاص، هل إنه يقع ضمن صنف الرجال، أو النساء، أم الصنف المتوسِّـط؟. إن لم يقع ضمن أيٍّ من هذه التصنيفات فهذا يعني أنَّـه يمتلك على الأقل سمةً واحدةً من سمات الجنس المعاكس (على سبيل المثال: إمتلاك دماغ رجلٍ لسمةٍ من السمات السائدة لدى أدْمغة النساء).

الفُـسيفساء العقليّة
وبعد إنتهائهم من هذا التصنيف، وجد الباحثون بأنَّ الإختلافات بين أدمغة الذكور والإناث كانت قليلةً جدًّا. فـبالإعتماد على نتائج التصنيف، أظهرت ربع إلى نصف الأدمغة تباينًا كبيرًا ممّا يجعلها غير قابلةٍ للتصنيف ضمن صنف الرجال أو صنف النساء، بالمقابل، 8% فقط من الأدمغة أو أقل من ذلك بقليل لائَـمتْ التصنيفات المُـقترحة.

هذه صورةٌ لأحجام مناطق الدماغ تعود لــ 42 شخصًا بالغًا، موضِّـحةً مدى التداخل الحاصل بين أدمغة الذكور والإناث. (الأخضر = كبير، الأصفر = صغير).

br

الأدمغة المتداخلة ما بين الذكر والأنثى
إنَّ هذا التداخل الكبير بين صفات أدمغة (الرجال) و (النساء) يجعل تصنيفها ضمن أصنافٍ مُـحدَّدة مهمَّـةً شاقَّـةً للغاية.
بدلًا من ذلك، وكما كتب الباحثون، فإنّ كل دماغٍ هو عبارة عن: «مجموعةٍ فريدةٍ من الخصائص المتباينة، بعضها قد يكون شائعًا لدى الإناث أكثر مما في الذكور، وبعضها قد يكون شائعًا لدى الذكور أكثر ممّا في الإناث، ويبقى البعض الآخر شائعًا لدى الجنسين: الذكور والإناث.».

تمكَّـن هذا البحث من تكوين أوّل دليل قوي على عدم وجود شيءٍ يُـسمَّى بدماغ الذكر أو دماغ الأنثى، إلّا أنَّ ذلك لا يعني بأنَّـه لا توجد إختلافات بين أدْمغة الجنسين، لكنَّ هذه الإختلافات مُـتغيّرة ومُـختلفة من شخصٍ لآخر، وبالتالي لا يمكن إعتبارها مُحدَّدَةً بجنسٍ دون آخر.

كما هو الحال في جميع أنواع البحوث، فإنَّ لهذا البحث عدد من نقاط الضعف. أحد هذه النقاط هو أنَّ البحث ركَّـز على أنماط الدماغ التواصليّة، إلّا أنَّـه لم يُـظهر مدى تأثير هذه الأنماط على طبيعة السلوك البشري. وبهذا، وعلى سبيل المثال، لن نتمكَّـن من معرفة تأثير إمتلاك شخص لدماغٍ مُـصنَّف تحت صنف الرجال على سلوكه وتصرُّفاته الإنسانية.

المصدر: هنا

 

 

 

 

 

 

 

عن

شاهد أيضاً

“حمضٌ من بين ملايين الأحماض”: حمض الـ DNA ليس الجزيء الجيني الوحيد

تقديم: مات دافيس بتاريخ: 21. نوفمبر. 2019 لموقع: BIGTHINK.COM ترجمة: هندية عبد الله تصميم الصورة: …

“محرك الوعي” في الدماغ هي منطقة بالغة الصغر

بقلم: ستيفن جونسن بتاريخ: 12/شباط/2020 ترجمة: رهام عيروض بصمه جي تدقيق: ريام عيسى  تصميم الصورة: …