طوّر علماء أميركيون دواء جديد بالأمكان وضعه مباشرة في العين عن طريق القطّارة فيعمل على تقليص ثم القضاء على الماء الأبيض/عتمة العين – المسبب الرئيس للعمى عند البشر- وفي حين أنه لم يتم اختبار آثاره بعد على البشر، يأمل الباحثون من جامعة شيكاغو بتكرار نجاح النتائج سريرياً لكي يُقدَّم هذا العلاج كبديل مناسب للعلاج الحالي والوحيد للمرضى، ألا وهي الجراحة التي تكلف مبالغ باهظة الثمن ولها آثار مؤلمة.
الماء الأبيض أو عتمة العين، تلك الظاهرة التي تصيب أكثر من عشرة ملايين من البشر، يُسبب حدوث ضبابية أو رؤية غائمة في عدسة العين، وتركها وعدم معالجتها يؤديان إلى العمى الكلي. يحدث ذلك عندما تتداعى بُنية بروتينات «الكريستالين» المسؤولة عن تكوين عدسة العين، مما يسبب تجمع البروتينات التالفة على شكل غيمة بنية أو زرقاء حليبية اللون. وفي حين أن الماء الأبيض لايستطيع الإنتشار في كلا العينين، فأنه يُمكن أن يحدث في عين دون الأخرى.
إن العلماء غير متأكدين تماماً من الأسباب الداعية للإصابة بعتمة العين، لكن معظم الحالات كانت مرتبطة بالتقدم في السن، حيث أن تقارير المعهد الوطني الأميركي لطب العيون تؤكد أن نصف من هم في عمر الـ٨٠، قد أصيبوا بالماء الأبيض، أو قد قاموا بعملية جراحية لإزالته. ومن المؤسف حقاً، أنه مع بساطة هذه العملية الجراحية، إلا أن العديد من سكان الدول النامية لايملكون المال الكافي لإجرائها، مما يعني أن العمى هو أمر لامفر منه للغالبية العظمى من أولئك المرضى.
وطبقاً لمؤسسة (Fred Hollows)، فأن ما يقدّر بـ (32.4) مليون شخص مصاب بالعمى، وأن (90%) منهم يعيشون في البلدان النامية، وأن اكثر من نصف هذه الحالات سببها وجود الماء الأبيض، مما يعني وجود قطرة عين تكون بديلاً لهذه الجراحة، هو أمر لايصّدق وسوف يحدث فرقاً عظيماً.
إن الدواء الجديد هذا مبني على مادة ستيرودية طبيعية تعرف بـ «لانوستيرول»، وكانت فكرة اختبار فعالية اللانوستيرول على الماء الأبيض في العين قد جائت الى الباحثين عندما صادفتهم حالتين مرضيتين لشقيقين من الصين كانت إصابتهما بهذا المرض ولادية، ولم تكن مؤثرة لوالديهم. اكتشف الباحثون أن هولاء الشقيقان يشتركان بطفرة تعمل على إيقاف انتاج مادة اللانوستيرول، والتي يفتقدها والديهم.
لذا، بما أن الوالدين كانا ينتجان اللانوستيرول ولم يصابا بعتمة العين، لكن اطفالهم لم يكونا منتجين للانوستيرول وأصيبا بعتمة العين، افترض الباحثون أن تلك المادة الستيرودية من شأنها أن توقف بروتينات الكريستالين من التجّمع والتشكّل معاً لتكوين الماء الأبيض/عتمة العين في الحالات غير الولادية من هذا المرض.
لقد قام العلماء باختبار قطرة اللانوستيرول العينية على ثلاث مراحل. قاموا في المرحلة الأولى باختبارها على عدسات عين بشرية في المختبر ولاحظوا تناقص حجم الماء الأبيض فيها. بعدها قاموا باختبار آثارها على الأرانب، وبعد ستة أيام، كان جميع الـ(13) عشر ارنباً ماعدا إثنان منهم، قد تحولوا من إصابتهم بالعتمة الشديدة إلى العتمة المتوسطة، وبعض منهم قد تماثلوا بالشفاء نهائياً من الماء الأبيض.
وأخيراً قاموا باختبار هذه القطرة على مجموعة من الكلاب المصابة بالماء الأبيض طبيعياً، حيث لاحظوا أن تلك الكلاب قد استجابت بصورة إيجابية لذلك الدواء، حيث تماثلت معظم الإصابات الشديدة للشفاء.
هذه النتائج تم نشرها في مجلة (Nature)، وقد عقّب عالم البيلوجيا الجزيئية جوناثان كينك من معهد ماساتشوستس للتقنية بقوله: «إنها حقاً نتائج شاملة ومقنعة، وهي من أقوى الأوراق البحثية التي تم نشرها منذ عقد من الزمن.»
الخطوة القادمة للباحثون هي أن يكتشفوا كيف لهذه القطرات من اللانيسترول أن تنتزع استجابة البروتينات لعتمة العين، ومن ثم مواصلة ابحاثهم وتجاربهم على البشر.
المصدر: هنا