الرئيسية / أجتماع / كيف بإمكان كتابة اليوميات أن تجعلك شخصاً أفضل؟

كيف بإمكان كتابة اليوميات أن تجعلك شخصاً أفضل؟

هل تقوم بكتابة يومياتك؟ اذا لم تكن تفعل فربما ستبدأ بالتفكير بذلك فقد أشارت دراسات حديثة الى أن القيام بما يسمى ” كتابة تعبيرية ”  أي كتابة يومياتك الخاصة له فائدة علاجية وهو أمر مجد يجلب لفاعله السعادة وقد يغير سلوكه للأفضل.

إن الاعتراف بمفهوم الكتابة الشخصية كنوع من العلاج أم مستحدث نسبياً حيث طورت الفكرة على يد العالم النفسي جيمس بينابيكر أواخر الثمانينات ولكن كتابة اليوميات بالتأكيد لم يتم اعتبارها كذلك بعد، لقد كانت كتابة اليوميات طريقة شعبية للأشخاص الذين يودون تفريغ أفكارهم ومشاعرهم الأكثر عمقاً وربما يعزى التراجع في استخدامها الآن الى شيوع مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وكما يظهر أننا نميل الى مشاركة مشاعرنا علانية مع جمهور الانترنت عوضاً عن كتابتها ومشاركتها مع شخص واحد! من ناحية أخرى لا يبد الأمران متشابهان حيث أن الكتابة عبر موقع التواصل الاجتماعي ليست صادقة تماماً الا إذا كنت شخصاً واقعياً جداً وهذا غالباً أمر غير مرحب به على فيسبوك غالباً، فأنت تحتفظ دائماً ببعض الأمور لنفسك عندما تريد وصف يومك في منشور. وبصرف النظر عن أن كتابة اليوميات في تراجع مستمر إذا لم تكن عزيزي القارئ قد كتبت يومياتك من قبل فاسمح لي أن أحظى بفرصة تشجيعك على تجربة ذلك.

كلنا نملك قصة تحكى داخل عقولنا وأصواتنا الخاصة تقحم نفسها دائماً في هذه القصة والمشكلة تكمن أن القاص شخص غير جدير بالثقة ، إن الكتابة تعبيراً عن ذواتنا يمكنها أن تمنحنا رؤية حقيقية لأنفسنا ولكل الأمور التي تحدث في حياتنا وبعدها لن نعود تحت سيطرة ذلك الصوت المزعج المتذمر الذي يقطن عقولنا وربما كنت تظن أنه من الأجدر بنا تسميته صوتنا الخاص – لاحظ أني أتجنب جمع صوت الى أصوات لأن ذلك سيضعنا في مشكلة نفسية حقيقية. إن الجلوس للكتابة يستبدل المنولوج الذي يدور في ذهنك بأفكار أكثر عقلانية وواقعية بخصوص وضعنا الحالي ويسمح لنا بالتصالح مع ذواتنا.

وقبل أن أكمل أخمن أنك تقول داخلك ” لكني لست كاتباً جيداً” لا يهم إن كنت  تعتبر نفسك كاتباً جيداً أو مريعاً لأن قدرتك على الكتابة لن تحدث فرقاً هنا، ربما ستكون فظيعاً في النحو أو الإملاء ولكن هذا لا يهم لأن الهدف هنا ليس أن تكتب جيداً ولا أن تتمرن على الكتابة لصالح أي أحد، الكتابة في اليوميات لك وحدك ولا أحد سيطلع على ما تكتبه. ما يهم فعلًا أن تبدأ بالتحاور مع ما يجري داخل أعماقك.

كثير من الشخصيات التاريخية أشادوا بفوائد كتابة اليوميات، على سبيل المثال الكاتب الايرلندي الظريف اوسكار وايلد قال ” لم أسافر قط دون مفكرتي على المرء دائماً أن يمتلك شيئاً مثيراً وعظيماً ليقرأه في القطار”. فيرجينيا وولف خلفت وراءها 26 كتاباً من يومياتها المكتوبة بين عامي 1915-1941 وكانت مغرمة بالفوائد الإبداعية لكتابة اليوميات فقد قالت “ان عادة كتابة اليوميات لي وحدي تدريب جيد ، انه يحررك من قيودك ويجعلك أقل قلقا بخصوص أخطائك وزلاتك ” والممثلة الكوميدية الانجليزية جو براند تحب أن تقرأ من يومياتها لأنها تذكرها بما مرت به وبما قد تخطته ” أحب ان أقرأ في يومياتي لأتذكر كم كنت بائسة وحمقاء “

رأينا – من وجهة نظر سردية –  دليلاً على أن كتابة اليوميات يمكن أن تكون مفيدة بالنسبة لك، من ناحية أخرى تدعم الدراسات العلمية هذا أيضاً، كشفت دراسة عما أسماه الباحثون ” تأثير بريدجيت جونز ” أن كتابة مشاعرك يساعد عقلك على تخطي همومه ومقلقاته جاعلا إياك تشعر بشعور أفضل . ” أولئك الذين يكتبون عن تجاربهم العاطفية أظهروا نشاطاً في جزء من الدماغ يسمى لحاء الفص الأيمن مما يؤدي إلى تثبيط النشاط العصبي المرتبط بالعواطف القوية “

دراسة أخرى جعلت الأزواج يكتبون عن خلافاتهم بصفة حيادية والأزواج الذين كتبوا مشاكلهم أظهروا تحسناً على صعيد سعادتهم الزوجية مقابل أولئك الذين يفعلوا.

تذكر أن القيام بكتابة اليوميات ليست أبداً لأولئك الذين يرغبون بأن يصبحوا كتاباً وليست لها علاقة أبداً بقدرتك على الصياغة، إن تدوين ما يمر به المرء في مذكرة هو لمن يريد أن يعرف ذاته أكثر وأن يفكر ملياً في مجريات حياته وأن يحظى بفهم أعمق لوضعه ليصبح في النهاية شخصاً أفضل .. وربما أكثر سعادة.

قم بالمحاولة ومع الوقت ستجد نفسك تخصص جزءاً من يومك لتدون.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

القضاء على الفقر المدقع في شرق اسيا ومنطقة المحيط الهادي 

ترجمة: سهاد حسن عبد الجليل تدقيق: ريام عيسى  تصميم الصورة: أسماء عبد محمد   في …

عملية هدم الحضارة

ادريان ولدرج يرثي انهيار منظومة العادات والاعراف    بقلم : ادريان ولدرج ترجمة: سهاد حسن …