حدد الباحثون اثنين من البروتينات الرئيسية التي تعمل بمثابة المهندسين المعماريين لوضع الخطة التي تحتاجها الأجنة خلال المراحل الأولى من نموها.
في بحث سابق من قبل فريق بحث من معهد والتر وإليزا هول في ملبورن، أستراليا، أظهر أن البروتين MOZ يمكن أن يوصل “الرسائل” الخارجه إلى الجنين النامي، وكشفو عن آلية لكيفية تأثير البيئة على نمو الجنين خلال مراحل الحمل المبكره جداً.
في هذا البحث، كشف الدكتور بلال الشيخ، و الأستاذ المساعد تيم توماس، والاستاذة المساعدة آن فوس وزملاء اخرين، أن البروتين MOZ والبروتين BMI1 يلعبان ادوار متعارضة في إعطاء الأجنة النامية مجموعة من التعليمات اللازمة لضمان تطور قطاعات الجسم المختلفة، بما في ذلك العمود الفقري والأعصاب والأوعية الدموية، بشكل صحيح وفي المكان المناسب.
وقالت الاستاذة المساعدة فوس ان الدراسة كشفت أن هذه البروتينات تنظم بإحكام عملية التعبير الجيني ( genetic expression) لجينات هوكس HOX خصوصاً في فترة النمو الجنيني المبكر. وأضاف “في وقت مبكر جدا، اي عندما يكون الجنين مجرد مجموعة من الخلايا المنقسمة، يجب أن يصبح الجنين ‘منظم’ حتى تستطيع أنسجة وأعضاء الجسم ان تنمو بشكل صحيح، فيكون كل شيء في مكانه الصحيح.”
واضافت: “ويتم تنظيم هذا الجنين على طول”محور” من الرأس إلى الذيل، حيث يبرز نمط نموذجي للنمو وهو أن يقسم جسم الجنين إلى أجزاء، وكل جزء يكون مسؤول عن إنتاج جوانب محددة من الأنسجة والأعضاء، بما في ذلك العمود الفقري والحبل الشوكي والأعصاب”.
“لقد أظهرنا أن البروتينات MOZ وBMI1 كانت مهمة للبدء في تفعيل جينات هوكس – في كل قسم من اقسام الجسم واحد تلو الاخر – مما يوفر المخطط الدي يحتاجه الكائن الحي من أجل نمو سليم.”
وقالت الاستاذة المساعدة فوس: على الرغم من أنهما يعملان معا، فأن MOZ وBMI1 يلعبان ادواراً متعارضة. “لقد اكتشفنا أن MOZ وBMI1 كانت مهمة لبدء وتوقيت التعبير الجيني لجينات هوكس بشكل صحيح، اي ضمان تنشيط هذه الجينات في الوقت المناسب وفي المكان المناسب”.
اضافت فوس: كان MOZ مسؤول عن تفعيل الجينات، في حين منع BMI1 تفعيل جينات هوكس قبل الأوان.
وقالت أظهر البحث أيضا أن الحد بشكل كبير من تعبير جينات هوكس كان لا يزال يسمح بنمو طبيعي للجنين، طالما أن توقيت ومكان التعبير كانت صحيحة.
“وجدنا أنه إذا تم تنشيط جينات هوكس في وقت مبكر جدا أو متأخرا، تكون التداعيات خطيرة على نمو الجنين، مثلاً ظهور تشوهات في العمود الفقري”، قالت فوس. “ومن المثير للاهتمام، وجدنا أيضا أن إنتاج الكمية الصحيحة من MOZ أو BMI1 لم يكن له ذلك الاثر الكبير في نمو الأجنة مقارنة ب متى وأين يتم تنشيط الجينات هوكس”.
الأهم من ذلك، يمكن أن يعمل MOZ وBMI1 على توفير آلية لنقل الإشارات من البيئة إلى الجنين النامي، مما يعني احتمالية حدوث عواقب مدمرة.
وقالت “نحن نعلم أن جينات هوكس يمكن أن تتأثر بشكل مباشر مثلاً بالتعرض للكثير من فيتامين A، الذي يمكن أن يسبب تشوهات شديدة في الجنين”. “المواد أو التحديات البيئية التي تؤثر على تعبير MOZ أو BMI1 يمكن أن تؤثر على متى وأين يتم التعبير عن جينات هوكس، مما يسبب عيوب في الجنين النامي.”
فوس قالت ان اكتشاف فريقنا البحثي يمثل انقلاب في اعتقاد ساد عقود طويلة حول التطور الجنيني. ” اكثر ما نعرفه عن التطور الجنيني وكيفية السيطرة عليه جاء من دراسات على ذباب الفاكهة”. “في هذه الدراسة أظهرنا فرقاً أساسياً، وهو ان اثنان من الجزيئات التي ليس لها سوى دور الصيانة في ذباب الفاكهة هي نفسها لا غنى عنها لبدء مخطط النمو في الثدييات.”
تم نشر البحث في وقائع مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم، وكان تمويله من قبل المجلس الوطني للصحة و البحوث الطبية وحكومة ولاية فيكتوريا. وكان الدكتور الشيخ طالب دكتوراه في جامعة ملبورن خلال جزء من هذه الدراسة البحثية.
المصدر: هنا