إلى أولئك الذين لم ينسوا بعد كل شيء تم تعليمهم وتلقينهم إياه في المدرسة، ربما يتذكرون أن كوكبنا يتكون من ثلاث طبقات رئيسية تشبه كثيرا شكل البيضة، للأرض طبقة رفيعة خارجية ثابتة تسمى القشرة (crust) وهي التي تحوي على كل أشكال الحياة.
هذه الطبقة تعلو الطبقة الأصلب والتي تسمى الغطاء (mantle) والتي تتكون من صخور شبه صلبة ومعادن، تحت هذه الطبقة يكمن قلب كوكبنا: النواة (core) أو مركز الأرض المعدني الحراري الذي ينقسم إلىطبقتين، الطبقة الخارجية السائلة والطبقة الداخلية الصلبة لمركز الارض، لكن أبحاثا مثيرة للاهتمام كشفت لنا أن القصة لا تنتهي على هذه الشاكلة، وذلك لأن العلماء الآن لديهم أدلة جديدة ليقترحوا أن الطبقة الداخلية الصلبة للمركز لديها نواة داخلية خاصة بها .
هذا الاكتشاف الفريد من نوعه تم بواسطة فريق دولي من الباحثين من جامعة إلينوي (university of lllinois) وجامعة نانجينغ (nanjinj) الذين قاموا باستخدام تكنولوجيا قياس الهزات الأرضية للكشف عن أعمق جزء في كوكبنا. نتائجهم التي تم نشرها في مجلة علوم الأرض الطبيعية وضحت أن هنالك طبقة مميزة مختلفة في مركز النواة الداخلية الصلبة تختلف تماما في التركيب عن بلورات الحديد الموجودة.
يهتم العلماء بمركز الأرض بسبب أن خصائصها قدتكشف عن بعض الأمور المهمة في تاريخ كوكب الأرض.
يقول سونغ وهو من الباحثين في هذه الدراسة: “بالرغم من أن النواة الداخلية لنواة الأرض صغيرة وأصغر حتى من القمر، إلا أن لديهابعض الخصائص المثيرة للاهتمام، وهي أنها من الممكن أن تخبرنا عن كيفية نشوءكوكبنا وعن تاريخه وعن فهم العمليات الحيوية الأخرى لكوكب الأرض، إنها تصقل مداركنا عن ما يحدث في أعماق كوكب الأرض.”
ولأن العلماء لا يمكنهم أن يقطعوا آلاف الأميال إلىأعماق الأرض لكي يصلوا إلى مركزه، فمكوناته الدقيقة لا تزال غامضة. ولكن هناك طرقغير مباشرة لكي نصل إلى أعماق كوكبنا، التي ساعدتنا بمشاهد واضحة عن عما يحدث فيقلب الكوكب .
في هذه الدراسة، قام الباحثون بتحليل ما يسمى “برموز الزلازل” وهي عبارة عن موجات متفرقة تنبعث من مصدر الهزة الأرضية فياتجاهات مختلفة، هذه الموجات تهتز خلال الطبقات المختلفة للأرض أثناء الهزة الأرضية، تقريبا مثلما الجرس يرن بعد ضربه بمطرقه. بواسطة دراسة كيف للصدى أن يتغير خلال انتقاله ويرتد في الطبقات المختلفة لكوكب الأرض، وعن طريقه يستطيع العلماء جمع المعلومات عن نشأتها ومكوناتها.
هذه المجموعة من البيانات الجديدة كشفت عن أن نواة الأرض الداخلية التي كان يعتقد أنها كرة صلبة تتكون بشكل أساسي من النيكل والحديد، ولكن في الواقع أن لها نواة داخلية مميزة مختلفة خاصة بها التي يبدوأنها تأخذ نصف قطر من كامل حجم الطبقة الداخلية للنواة أو المركز، إذا وقفت على القطب الجنوبي ناظرا إلى الأسفل، بلورات الحديد في الجزء الخارجي للنواة الداخلية سوف تصطف من الشمال إلى الجنوب عموديا، أما البلورات في نواة النواة الداخلية فسوف تصطف من الشرق إلى الغرب أفقيا.
إلى جانب هذه الاختلافات، فلقد وجد الباحثون أن البلورات في الطبقات المختلفة أيضا مختلفة، الأمر الذي أدى إلى نشوء مقترح أن الطبقة الخارجية والداخلية للنواة الداخلية قد تكونتا تحت ظروف مختلفة، بالإضافة أن النتائج قد تشير أن النواة الداخلية للنواة قد شهدت تغييرات جذرية منذ أوائل تاريخ نشأة كوكبنا، والتي يمكن أن تخبرنا قصة مهمة مثيرة للاهتمام حول كيفية تطور كوكبالأرض.
المصدر: هنا