إذا كُنّا قد تعلّمنا شيئاً من إصدار الـ(iPhone) الجديد؛ فهو أننا مجتمعٌ مُتعطّشٌ لكل تكنولوجيا جديدة، نهُبُّ عندما تلوح لنا فرصةُ استبدالِ تقنيّةِ العام السابق بأُخرَى أحدث؛ ولو كانت أنحف بملليمترٍ واحدٍ فقط. ولكننا كثيراً ما ننسى أننا نملك بالفعل الآلة الأكثر فعاليّة وكفاءة؛ ألا وهي «الدماغ البشريّ».
يقوم الحاسوبُ الفائق الذي يزن ثلاثةَ أرطالٍ داخلَ جمجمتك بمُعالجة العديد من البيانات في وقتٍ واحد، فيُعالج الحقائقَ والوجوه ويُخزّن الذكرياتِ ويُخرج السمومَ ويَتحكم في الحركة والكلام ويأخذ القرارت. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية؛ أخذ العلماءُ يكتشفون المزيد عن مدى روعة دماغنا، ويرجع الفضل في ذلك جزئيّا إلى التقدم في تقنية التصوير العصبي.
إذن ما الذي نعرفه حالياً؟
هذه 43 حقيقةً عن عجائبِ وغرائب وفعالية الدماغ البشري:
1. يوجد في الدماغ ما بين 80 و100 مليار خليةٍ عصبية، وتبدو كشيءٍ من هذا القبيل.
2. تزيد الخلايا العصبية الموجودة في نصف الدماغ الأيسر عن مثيلاتها في النصف الأيمن بنحو 200 مليون خلية.
3. تتفاوت الخلايا العصبية في العرض ما بين 4 و100 مَيِكْرونٍ – جزء من مليون جزء من المتر –. ولاستيعاب مدى صِغَر هذا الأرقام؛ يجب أن تعرِف أن محيط النقطة الموجودة في أخر هذا السطر يبلغ حوالي 500 مَيِكْرونٍ، ما يعني أنها تسع 100 من الخلايا العصبية الصغيرة.
4. على الرغم من صِغَر هذه الخلايا؛ يُمكن للعلماء قياس نشاط الخلية العصبية الواحدة، وذلك بإدخال قُطبٍ كهربيٍّ ميكرويّ في الدماغ. وهناك عملية تُدعى «تسجيل وِحدة عصبية واحدة» تُستخدم لتحسين تشخص مرض (الصرع).
5. لا يزال الاختلافُ الدماغيُّ بين الجنسين مُثيراً للجدل، ولكن طِبقاً لدراسةٍ نُشِرَت في مجلة (Neuroscience) عام 2014؛ تحتوي أدمغة النساء على نسبةٍ أعلى من المادة الرَّماديّة.
6. قد يكون ارتفاعُ نسبة المادة الرَّماديّة مسؤولاً عن الأداء المتفوق في المهام اللغوية.
7. إذا كنت راغباً في زيادة المادة الرَّماديّة؛ فلتُمارِس رياضة المشي، حيث تُشير الأبحاث إلى أن التمارين الرياضية المنتظمة قد تؤدّي إلى زيادة المادة الرّماديّة في (الحصين) – منطقة في الدماغ -.
8. لَوْن المادة الرَّماديّة؛ التي تُشكّل 40% من الدماغ؛ يُصبح رَماديّا بعد الموت فقط.
9. يكون لونُ دماغ الإنسان الحيّ أكثرَ زَهريةٍ – اللون القرنفلي -، وطبقاً لقول العلماء؛ يكون ملمسه مشابهاً لملمس جبن (التوفو).
10. قد لا يملك الرجال نسبة عالية من المادة الرَّمادية، إلا أنهم يملكون نسبةً عاليةً من المادة البيضاء والسائل الدماغي الشَوْكي.
11. تكتسب المادةُ البيضاءُ – التي تُشكّل الـ60% الأخرى من الدماغ – لونها من مادة (المَيَالِين)؛ والتي تعزِل المَحاوِر العصبية وتُزيد من سرعة انتقال الإشارات الكهربية.
12. يمكن للدهون أن تضُر القلب، ولكنها مُفيدة للدماغ، حيث يتكون أكثر من نصف الدماغ – بما في ذلك (المَيَالِين) – من الدهون.
13. من حيث استهلاك الوقود؛ فالدماغ أشبه بـ(Hummer) في هيكل سيارةٍ أنيقة. فالدماغ الذي يبلُغ وزنه حوالي ثلاثة أرطالٍ؛ يُشكِّل وزنُه حوالي 2% فقط من كتلة الجسم، ومع ذلك يستهلك حوالي 20% من الأكسجين في الجسم، كما يستهلك ما بين 15% و20% من نسبة الجلوكوز فيه – قد تختلف التقديرات من إنسانٍ لآخر -.
14. كما يستهلك الدماغ جزءاً هائلاً من الطاقة، حيث يمكن للدماغ النائم أن يستهلك من الطاقة ما يمكنه إضاءة مصباحٍ كهربائيٍّ قُدْرته 25 واط.
15. اختلفت التقديرات حول سعة قرصك العصبي الصلب، حيث تراوحت سعته في هذه الدراسات ما بين «ألفٍ» و«2,5 مليون» جيجا. لم يتوصل العلماء إلى اتفاقٍ بهذا الشأن.
16. إذا قارنّا بين أعداد الخلايا الدبقية والخلايا العصبية في الدماغ؛ فستبدو أعداد النوع الثاني متواضعة للغاية، حيث تبلغ أعداد الأولى 10 أضعاف أعداد الثانية – التي تبلغ 80 مليار -. سُمّيت هذه الخلايا بالـ(دبقية) لأن العلماء كانوا يعتقدون منذ 20 عاماً أن وظيفتها الحفاظ على تماسك الخلايا العصبية، ولكن يُعتقَد الآن أن أنواعاً منها (مثل: الخلايا النجمية) تلعب دوراً في التفكير المُعقَّد.
17. كان دماغ (ألبرت أينشتاين) يحوِي عدداً استثنائياً من الخلايا النجمية، حيث اكتشف باحثو معاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NIH) عدد خلاياه الدبقية الهائلة حينما كانوا يُحلّلون أجزاءً من أنسجة دماغه بعد انقضاء 40 عاماً على وفاته. كما كان يملك جسماً ثفنياً – كتلة مقوسة للمادة البيضاء في أعماق الشق الطولاني – بالغ السماكة، وفقاً لصورٍ أُخِذَت عقب وفاته وفُقِدَت لما يقرب من الـ50 عاماً.
18. لكن تُثبت أدمغة الفيزيائيين النظريين أن الحجم لا يُشكّلُ فارقاً، فقد كان دماغ (أينشتاين) أصغر قليلاً من المُعتاد، حيث كان يزن حوالي 2,71 رطلاً.
19. في الواقع؛ لقد تقلّصَت أدمغتُنا مع مرور الوقت، ولكنّها تزداد كفاءةً. إلا أن هناك علماءٌ يعتقدون أننا نزداد غباءً، فبفضل التقدم الاجتماعي؛ بإمكاننا أن نكون أغبياء وأن نستمر في الوجود رغم ذلك.
20. إذا بسطنا المحاور العصبية؛ فبإمكانها أن تمتد لمسافة 100,000 ميل، أي بإمكانها الالتفاف حول الأرض لأربع مراتٍ.
21. يفتقر الدماغ إلى مُستقبِلات الألم، وهذا هو سبب قدرة الجراحين على اختراق قشرة دماغ المريض بينما لا يزال مُحتفظاً بوعيه.
22. تُعتبَر قشرة الفص الجبهي للدماغ مرنة بشكل مثير للإعجاب، وجزءٌ من الفضل في ذلك يرجع إلى أن هناك الكثير من التكرار في مناطق الفص الجبهي. وعند حدوث ضررٍ في منطقة معينة؛ تتدخل منطقة أخرى للتعويض.
23. في حين يستطيع الفص الجبهي للدماغ أن يتحمل الكثير من الإنهاك والتمزق؛ لا يستطيع جذع الدماغ تحمل هكذا نوعٍ من الضرر، بل قد يكون الضرر الاعتيادي مُميتاً.
24. وهذا بسبب أن الدماغ عندما تطور بالأساس؛ تطور من الأمام إلى الخلف. وتُعتبَر المناطق القديمة من الدماغ التي تتحكم بعمليات إدامة الحياة (مثل التنفس) أقلَّ صلابة مقارنة بالمناطق الجديدة.
25. في الواقع؛ يستطيع الناس أن يبقوا على قيد الحياة بنصفِ دماغٍ فقط.
26. ولكن قد تكون إزالة أجزاءٍ معينةٍ من الدماغ أمراً مليئاً بالعواقب التي قد لا يتوقعها حتى جراحو الأعصاب. ففي نتيجة غير متوقعة لجراحة أجريت على امرأة لإزالة اللوزة الدماغية (Amygdala) بهدف علاج الصرع الحاد (Epilepsy) لديها؛ قامت المرأة بتطوير حالةٍ من «الإفراط في التعاطف»، وهذا يعود لدور اللوزة الدماغية في تمييز العاطفة، فمن المعروف أن عند إزالة اللوزة الدماغية – تكون بنيتها شبيهة باللوز – يحدث عند المريض تبلدٌ بالعاطفة. ولكن بعد مرور 13 عاماً على إجراء العملية للمرأة؛ لا تزال تشعر بكل خلجة عاطفيي تحدث حولها, مما أثار دهشة واستغراب العلماء حول العالم.
27. إيّاك أن تصدق خرافة الـ10% السخيفة، لأن النسبة الكلية لاستخدام أدمغتنا مُقاربة للـ100%. وهنا يجبُ علينا أن نأسف من أفلام شباك التذاكر، مثل فيلم (Limitless) و(Lucy)؛ وأي فيلم آخر يستكشف إمكانيات «الدماغ المفتوح».
28. وفقاً للخبراء؛ يُعتبَر القوام مهماً جداً، فالتجاعيد الموجودة في أدمغتنا؛ والتي تُلقّب بالتلافيف (Gyri)؛ تقوم بزيادة المساحة السطحية مما يتيح لنا ضغط المزيد من الخلايا العصبية المسؤولة عن تخزين الذاكرة وإنتاج الأفكار. – الثنايا بين التلافيف (Gyri) تُسمّى بـ الأتلام (Sulci) – وها هنا صورة لدماغٍ أملس للغاية، اكتشفه مؤخراً مصورٌ فوتوغرافيٌّ كان يصور الأدمغة البشرية المخزونة في خزانة جامعة (تكساس) للأدمغة القديمة في مدينة (أوستن).
29. هل تريد المزيد من التجاعيد؟ إذن عليك بممارسة التأمل، فقد تم ربط سنين من التأمل وتوجيه السلام الداخلي بزيادة في عملية التلفيف (Gyrification) – عملية تجعُّد الدماغ – في الجزء الأيمن الأمامي والظهري للجزيرة (Insula)، والتي قد تتوافق مع التركيز والتأمل والسيطرة على المشاعر.
30. بكتيريا البروبيوتيك (Probiotic)؛ وهي بكتيريا من النوع الجيد تكون متواجدة في الأمعاء؛ ربما يكون لديها القدرة على تغيير الكيمياء العصبية، مما يساعد على تقليل مستويات هورمون الإجهاد (الكورتيزون).
31. هل تعبت من قراءة القائمة؟ تفضل بالتثاؤب. حيث تشير الأبحاث إلى أن التثاؤب يقوم بتبريد الدماغ، أما الحرمان من النوم فيقوم برفع درجة حرارة الدماغ.
32. ولكن حتى العقول المنهكة تبقى مُنتجة جداً، حيث يقول بعض الخبراء أن الدماغ يُنتج 70,000 ألف فكرةٍ يومياً، في حين يُصر آخرون على أن الرقم أعلى من ذلك بكثير. لكن في النهاية؛ يتوقف الأمر كله على تعريفك الشخصي للفكرة.
33. فكّر بسرعة: تنتقل المعلومات في الدماغ خلال أنواعٍ مختلفة من الخلايا العصبية؛ وبسرعات مختلفة تتراوح ما بين ميلٍ إلى حوالي 270 ميلاً في الساعة – تُضاهِي سُرعة أسرع سيارة في العالم -.
34. وفقاً لدراسة نشرها مؤخراً معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)؛ تستطيع أدمغتُنا أن تقوم بمسح ومعالجة الصور المعقدة (مثل: منصة مترو الأنفاق في ساعة الذروة) في أقل من 13 ميلي ثانية، ما يُعتبَر سريعاً جداً، حيث أن طرفة العين الواحدة تأخذ بضع مئاتٍ من الميلي ثانية.
35. يقوم الحائل الدموي الدماغي بالحماية من الإصابة والمرض عبر منع الجزئيات من دخول الدماغ. ولكنه أيضاً يجعل من العسير معالجة الاضطرابات العصبية.
36. يعمل العلماء في مجال طب النانو على إنشاء أجهزة تكون أصغر من جزء من المليار من المتر؛ لنقل الأدوية متجاوزةً الخط الأمامي للدفاع في الدماغ.
37. تعتبر الباحة المنخفضة (area postrema) في الدماغ – المنطقة المسؤولة عن التقيؤ – محصنةً ضد الحائل الدموي الدماغي، وهذه الوظيفة المفيدة تتيح للدماغ أن يكشف ويرسل إشارة للتقيؤ عند وجود موادٍ ضارةٍ ومؤذيةٍ في الدم.
38. يُعتبَر العزف على آلة موسيقية بمثابة تمرين كامل للدماغ، حيث تُجبَر القشرات السمعية والحركية والبصرية في الدماغ على العمل سوية. وسواءً كُنتَ تعزف مثل (موزارت) أو تقومَ فقط بصفع الآلة كالبرغوث؛ فسوف يقوم الدماغ بسحب المهارات اللغوية والرياضية من فص الدماغ الأيسر والمحتوى الإبداعي من فص الدماغ الأيمن والمهارات الحركية الدقيقة من كلا الفصّين.
39. لا يستطيع دماغك الكذب، فعلى الرغم من أن هذا الأمر ما زال مثيراً للجدل؛ ولكن بعض خبراء القانون العصبي (Neurolaw) يضغطون لكي يتم استخدام نتائج الرنين المغناطيسي في قاعات المحاكم، حيث يمكن القول بأن تصوير الدماغ بالأشعة قد يساعد البشر المنحاز في إجراء تقييم أفضل على البراءة والذنب.
40. على الرغم مما تضعه في سيرتك الذاتية حول قدرتك على تنفيذ مهامٍ متعددةٍ في وقت واحد؛ فإن معظم أدمغة الناس ليست مبنية لتكون متعددة المهام، بل هناك في الواقع أبحاثٌ ربطت تعدد المهام بانخفاض في كثافة المادة الرمادية في القشرة الحزامية الأمامية في الدماغ، وهي المنطقة المعنِيّة بمعالجة الإدراك والعاطفة.
41. ولكن أدمغتنا مبنية للملاحة، ففي أكتوبر الماضي؛ حاز مجموعةٌ من العلماء على جائزة (نوبل) لاكتشافهم شبكةٍ معقدةٍ من الخلايا أطلِق عليها «نظام تحديد المواقع الداخلي» (Inner GPS).
42. قبل خمسة عشر عاماً؛ اعتقد العلماءُ أن الغالبية العظمى من تطور الدماغ قد حدث خلال السنوات القليلة الأولى من الحياة. ولكن من خلال دراسة نتائج تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي من الناحية الهيكلية والوظيفية؛ اكتشف العلماء أن التغيرات الهامة في الدماغ تحدث في فترة المراهقة، خاصة في قشرة الفص الجبهي والأجهزة الحوفية (Limbic Systems)، والتي تشارك في صنع القرار الاجتماعي والسيطرة على الانفعالات ومعالجة العواطف.
اعرف المزيد من خلال حديث TED هذا:
43. عندما يتعلق الأمر بالدماغ؛ فإن توقف نموه يعتبر أمراً طبيعياً، وبالطبع تنتهي فترة المراهقة في عمر 18. ولكن بُناءً على أحدث دراسات تصوير الدماغ التي أجراها علماء الأعصاب على ألاف الشباب؛ يقول العلماء أن الدماغ لا ينضج تماماً إلا في سن الـ25. بعد بضعة عقود؛ ربما يكون هنالك فترة تنموية أخرى للعقل مختبئة في المستقبل، لكن البحث ما زال غامضاً، فابقَ مترقباً للنتائج.
المصدر: هنا