الرئيسية / طب / «الأوكسيتوسين هرمون الحُب»، حقيقة أم خيال؟

«الأوكسيتوسين هرمون الحُب»، حقيقة أم خيال؟

——————–
ترجمة: حسن الجابري
تدقيق: علي أدهم
——————-

دخل في الثقافة الشعبية في السنوات الأخيرة مُركّبٌ بيوكيميائي- كيميائي حيوي- يُنتَج في الدِماغ ويُدعى «الأوكسيتوسين» كهُرمونٍ للحب أو العاطفة أو العلاقات الاجتماعية الحميمة، وهذه تسميات كافية لكي تختار منها.

يلعب «الأوكسيتوسين» دوراً في عمليات انقباض الرحم أثناء الولادة وفي المساعدة على الرضاعة، ولكننا علمنا هذا لأكثر من قرنٍ من الزمان، وقد أظهرت تجارب عام ١٩٩٠م أنه كان ذا أثر فعال في تغيير سلوك فئران الحقل المعروف عنها الاكتفاء بشريكة واحدة مدى الحياة، ثم أظهرت دراسات بعد ذلك أن هذه المادة الكيميائية تساهم في الثقة والتفاعلات الاجتماعية لدى حيوانات مختلفة- بما فيهم البشر-.

بعد الدراسة التي أُجريَت على فئران الحقل، زاد الاهتمام بهذا الببتيد المتكون من تسع أحماض أمينية، وأَطلق عليه عالم الاقتصاد (باول زاك) في مؤتمر لمؤسسة (تيد –TED) لقب «الجزيء المعنوي»، وذلك بسبب ارتباطه بمشاعر الثقة والتعاطف والسرور .

ثم اقتبس هذه الفكرة التي انتشرت كالفيروس سوقٌ إلكترونيٌّ لتحسين قدرات الدماغ في الإبداع والإنتاج يُدعى (دي آي واي – -(DIY وهي اختصار لكمة أصنعها أو أفعلها بنفسك-، كما باعت مختبرات (فيرو – Vero ) الواقعة في منطقة ساحلية في ولاية فلوريدا رذاذَ «الأوكسيتوسين» بسعر ٧٩ دولاراً، بهدف تعزيز الأواصر الاجتماعية في أماكن العمل وزيادة الوعي الذاتي الإيجابي. وخرجت الشركة أيضاً بمنتج يصلح لاستعمال الذكور والإناث تحت اسم (أتراكت – (Attrakt، وهو عبارة عن رذاذٍ من مزيج «الأوكسيتوسين» مع «الفرمونات»- مركبات كيميائية للجذب الجنسي تساعد الفئران على المضاجعة-، لكن دورها في إثارة السلوك الجنسي في البشر كان محل جدلٍ واسعٍ، ويحذر الباحثون القائمون على دراسة «الأوكسيتوسين» المشترين الذين ينوون شراء هذه المنتوجات بقولهم أن الاستخدام واسع المدى لم يتم دراسته بعد.

ومع ذلك فإن المسألة ككل ليست مسألة تسويق وعقاقير وهمية تأثيرها نفسي، حيث أشارت هيئة بحوث جديرة بالاهتمام بأن «الأوكسيتوسين» وجزيء متعلق به يُدعى (فاسوبريسين – vasopressin) يُعزّزَان أنماطاً شتّى من السلوك الاجتماعي، وفي إحدى الدراسات التي أُجريت وتضمنت لعب لعبة استثمار، دفع المشتركون في التجربة مزيداً من المال لموظف بنك الاستثمار بعد استنشاقهم «الأوكسيتوسين»، وفي دراسة أُخرى ارتفعت مستويات «الأوكسيتوسين» في الأبَويْن الجدد كلما أصبحوا معتادين على العيش مع مواليدهم الجدد.

وتَشُق التجارب الآن طريقها في إثبات ما إذا كان رذاذ «الأوكسيتوسين» يساعد في تخفيف حدة بعض العجز الاجتماعي لدى الاطفال الصغار الذين شُخصت حالتهم على أنها مرض «التوحد».

إضافةً إلى ذلك، فإن «الأوكسيتوسين» له جانب آخر يجعله أقل من كونه جرعة حُـب، فالبحث التاسع الذي أُجـريَ مؤخـراً بيـّن أنّه يستطيع تقوية الذكريات الاجتماعية السلبية، مثل تذكر صراخ رئيسك في وجهك أمام زملائك في العمل، كما قد يُزيد من احتمال العدوانية والعنف تجاه الآخـرين الذين هم ليسوا جزءاً من دائرتك الإجتماعية.

لذلك فلا شك بأن «الأوكسيتوسين» له تأثير على السلوكيات الاجتماعية، لكن تأثيره يعتمد بدرجة كبيرة على الظروف، وقد استشهدت منظمة علماء النفس الأمريكيين باقتباسين رائعين من علماء عن «الأوكسيتوسين» والتي تُحذر من الاستخفاف بدوره، فهو يمتلك دوراً ثابتاً يسيطر على العلاقات الاجتماعية:
– يقول لاري يونغ (Larry Young) من جامعة (Emory): «الأوكسيتوسين ليس هرمون الحب، إنّه يجعلنا في انسجام مع المعلومات الاجتماعية ويسمح لنا بتحليلها بدقة أعلى».
– كما يقول شيلي تايلور (Shelley Taylor) من جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس: «إنّها ليست بفكرة ناجحة أبداً أن نعين مخططاً نفسياً على هرمون، فهو لا يمتلك مخططاً نفسياً».

وذلك يعني أنها لحظات قبل أن يتصاعد الحب إلى قلبك وتشعر بالنشقة مع الشهيق، والأفضل أن تمتزج بالنبيذ الأحمر والشمبانيا.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

فوسفات الكلوروكين قد تساعد في علاج فايروس كورونا

تجارب سريرية تجرى لتحديد عقاقير فعالة لعلاج فايروس كورونا الجديد .   ترجمة : سهاد …

السجائر الالكترونية تؤثر على الأوعية الدموية حتى بدون النيكوتين

ترجمة: حيدر هاشم تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: أسماء عبد محمد   ربما تكون السجائر …