لامارك ضد داروين!
——————–
أعداد: حسن مازن
أعادة تصميم البوستر علي صلاح
—————————————–
تعتبر اللاماركية (نسبة لامارك 1744-1829) أقدم نظرية متكاملة قابلة للاختبار حاولت الإجابة عن السؤال الكبير “كيف أصبحنا على ما نحن عليه” فحسب لامارك الصفات المكتسبة من خلال تفاعلنا مع المؤثرات من حولنا تمر لأبنائنا وهم سيكتسبوها ليعدلوها حسب مؤثرات بيئتهم وهكذا.
هذا التصور الأنيق للتغير البايلوجي عبر الزمن لم يكن صحيح بأي حال من الأحوال، فكلنا يلاحظ في محيطه كيف يولد ابن قصير القامة لأب طويل أو العكس وكيف يولد ابن غير مفتول العضلات لأب رباع أو بطل في كمال الأجسام.
ماذا عن داروين (1809-1882) والداروينية؟ جاء داروين بعد رحلته الشهيرة على متن سفينة الأبحاث (بيغل) إلى أرخبيل غلاباكوس، بنظرية غاية بالأناقة لاتخطئ العين المتفحصة جمالها وروعتها. فسرت نظريته التنوع الأحيائي، بعد تعديلات أُدخلت عليها بالتتابع أشهرها ما فعله رونالد فيشر (1890-1962) بتقديمه للداروينة الجديدة القائمة على النظرية المندلية بالوراثة. نظرية داروين تقول إن إن الصفات المكتسبة لاتورث إنما تعمل الظروف البيئية على إبعاد كل ما ليس مؤهل للبقاء وإبقاء الأكثر تكيفاً (ما يُعرف بلإنتخاب الطبيعي) وبذلك نجد إن ابن العامل القوي البنية ليس من المفترض به وراثة بنية أبيه القوية بل إن لم يرثها سينتهي به الأمر ميتاً من الجوع فيبقى أخوته ذوي البنية القوية فقط.
ماذا عن الزرافة؟
حسب لامارك فإن الزرافة يجب أن تكون مدت رقبتها لتصل لأوراق الأشجار فتمددت الأنسجة ومررت هذا التمدد الصغير لأبنائها، والذين بدورهم مدوا رقابهم لأشجار أعلى وتستمر العملية؟ لكن هل هذا صحيح؟ لو كان صحيح ماذا عن الأشجار؟ لماذا هي الأخرى تطول وتصل لأطوال خيالية؟
تفسير داروين مختلف تمام الإختلاف فحسب الداروينية فإن طفرة أو خطأ بنسخ المادة الوراثية سيؤدي لطول صغير جداً برقبة زرافة ما مما يعطيها أفضلية على أخواتها الاتي لن يجدن الكفاية من الطعام فتكون فرص هذه الزرافة المتميزة أكبر بالعيش والتكاثر فتمرر جيناتها ذات الطول الأكبر للجيل القادم من الزرافات وتستمر هذه العملية لفترة طويلة وبأجيال متعاقبة لتعطينا زرافات ذات رقبة أطول وأطول. من جانب الأشجار الأمر مشابه فطفرة عشوائية كفيلة بأن تعطي شجرة ما أفضلية التنافس والإبتعاد عن أفواه المفترسات وبذلك تمرر جيناتها عبر بذورها لأجيالها اللاحقة وتصبح الأشجار أطول وأطول بمرور الزمن فيما تنتهي مسيرة تلك الأشجار ذات الطول الطبيعي (أو ما كان طولاً طبيعياً يوما ما).
هذه العملية يطلق عليها البايلوجي الشهير ريتشارد دوكنز “سباق تسلح” في كتابه الشهير كذلك “الجديد في الإنتخاب الطبيعي” (صانع الساعات الأعمى). دوكنز يشدد على إن الفهود والنمور المعاصرة أسرع بكثير من أسلافها قبل ألف سنة مثلاً، الأمر نفسه ينطبق على الغزلان والحمير الوحشية هي الأخرى أصبحت أسرع بكثير لكن بما إن الفريسة والمفترس زادت سرعتهم يبقى معدل الإفتراس ثابت ولو قُدر لنمر من جيل سابق أن يلاحق غزالاً من جيل معاصر لما لحق به.
يُذكر إن الأبحاث الحديثة حول الوراثة اللاجينية تُشير لإمكانية إنتقال صفات غير مرتبطة بالمادة الوراثية مما يُعيد نظرية لامارك للصدارة من جديد. فأيهما الأصح نظرة لامارك أم نظرة داروين للتنوع البايلوجي أم مزيج من الأثنين؟ والسؤال الأهم متى يكف العِلم عن تغيير طريقة رؤيتنا للعالم من حولنا؟!
الصورة المرفقة تتحدث عن “سباق التسلح” وكيف تتسابق الأشجار والزرافات على الطول الذي يمثل ضمانة للبقاء.
المصدر:
Posted by I fucking love science on Thursday, May 1, 2014