تقديم : لورا سبيني
تاريخ : 6-4-2020
لموقع: THE GUARDIAN
ترجمة : دعاء عماد
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: امير محمد
تجارب اللقاح البشرية قد بدأت بالفعل لكن حتى أذا تم الأمر بنجاح ووُجد لقاح للفايروس هناك العديد من العوائق قبل أن تكون اللقاحات مُتاحة بصورة شاملة لكل أنحاء العالم ومن هنا نبدأ …………
على الرغم من اعتقادنا أننا نستطيع السيطرة على أنتشار الفايروس والحول دون تفشيه باتخاذ اجراءات عدة كفرض الحظر العام والتباعد الإجتماعي أثناء عمل الخبراء والمختصين على تطوير علاجات من شأنها علاج الأعراض المصاحبة للمرض وتحجيمها، لكن في الواقع أن الحل الوحيد لحماية الناس من التقاط العدوى هو اللقاح وحتى الآن مع الأسف لا نملك لقاحاً فعالاً.
هنالك الآن ما يقارب ثمانين شركة ومؤسسة أكاديمية ذات اختصاص طبي وعلمي تتسابق حرفياً لانتاج تركيبة لقاح فعالة، بدأت خمسة منها بالفعل بأجراء اختباراتها على متطوعين لتجربة اللقاحات الجديدة. أولى تجارب اللقاح البشرية تم تطبيقها من قِبل شركة للمنتجات البايولوجية تقع في بوسطن في 16 من شهر أذار.
يرجع الفضل في هذهِ السرعة غير المسبوقة في تكوين تركيبات متعددة للقاح وتقديمها للتجربة للجهود الصينية المبذولة في تحديد وتقديم التركيبة الجينية لفايروس (السارس كوفيد-2) الفايروس الذي ينحدر من نفس السلالة المسببة لفايروس(كورونا كوفيد-19) بدأت الصين بمشاركة التركيبة الجينية للفايروس في مطلع كانون الثاني من هذه السنة مُتيحة لعدة مجموعات من الباحثين والعلماء والأطباء حول العالم لخلق تركيبة محاكية للفايروس ودراسته عن كثب ومعرفة ماهية القوة التي يمتلكها والتي تجعل الناس يصابون بالمرض بهذا الشكل.
هناك سبباً أخر لهذهِ الدراسات والبحوث المُبكرة وعلى الرُغم من أن أحداً لم يتوقع أن الوباء الجديد الذي سيهدد العالم سيكون فايروس الأنفلونزا(كورونا) المسبب لهُ ألا أنهُ الآن يُعد من أكبر المخاطر الوبائية التي نواجهها. علماء وخبراء اللقاحات قد وضعوا ووظفوا كل جهودهم في وجهة واحدة تتمثل في تكوين وتوفير نموذج أولي تجريبي بإمكانه التعاطي بصورة مباشرة مع المسببات المرضية المحاكية للفايروس وطريقة تفاعلهُ معها.
يقول (ريتشارد هاتجيت) الرئيس التنفيذي لمنظمة الاتحاد العالمي لمواجهة الأمراض الوبائية وهي منظمة غير ربحية تقع في (أوسلو) والتي تنسق وتمول الجهود المبذولة لتطوير لقاح مضاد لفايروس (كوفيد-19): ” هذه ِ الخطوة السريعة التي قمنا بها بتوفير نماذج تجريبية لأجراء تجارب اللقاح ومتطوعين مستعدين لخوض التجربة ساعدتنا كثيراً في توفير وقت ومعلومات من شأنها أن تساهم في توضيح الصورة وتطوير لقاح مضاد لفايروس (كورونا) ”
أن سلالة (كورونا فايروس) كانت أيضاً السبب الرئيسي في جائحتين وبائيتين مرتا على العالم بوقتٍ ليس ببعيد ففي عام 2002 تسبب الفايروس بوباء (السارس) الذي أنتشر في الصين, و(متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) التي ظهرت في السعودية عام 2012 في كلتا الحالتين تم العمل على تطوير لقاحات وتفعيلها لكن تم اهمالها وعدم العمل بها لقدرتهم أنذاك على الحد من أنتشار المرض واحتواء الحالات المصابة واستجابتها للعلاجات المتاحة ,(نوفافاكس) أحدى الشركات الطبية الواقعة في (مايرلاند, الولايات المتحدة الأمريكية ) قامت بعمل تعديلات على اللقاحات التي تم تطويرها مسبقاً لفايروس (السارس كوفيد-2) وأعلنت أن هذهِ اللقاحات المُعدلة على أتم الاستعداد لادخالها مرحلة التجربة البشرية, في حين قام مركز (موديرنا) ببناء أجندة عمل أولية تفصيلية كاملة عن فايروس (متلازمة الشرق الأوسط التنفسية) تم عملها في المنظمة الدولية الأمريكية للأمراض الأنتقالية والحساسية في (بيثسايد,مايرلاند).
أن فايروس (السارس كوفيد-2) يتشارك بنسبة 80-90% من المادة التركيبة الجينية لفايروس (السارس) الأساسي المُكون لهُ وكذلك يتشاركان نفس الاسم, حيث أن كلاهما يتكونان من شريطين من الحمض النووي الرايبي المنغلقين على بعض في غلاف دهني يُكون نتؤات بروتينة على هيئة أشواك حيث تعلق هذهِ الأشواك على المستقبلات الحسية على الخلايا المُبطنة لرئة الأنسان ونفس هذهِ المُستقبِلات تسمح لكلا الفايروسين باختراق الخلية وبمجرد ما أن يخترق الفايروس الخلية يسلبها القوة والألية الحيوية على التجدد وسيتحوذها لنفسه وينسخ عدة نسخ بسرعة فائقة قبل أن ينفصل عن الخلية ويقتلها أثناء العملية حيث أن الفايروس ببساطة يخترق الخلايا الرئوية ويقتات عليها ويدمرها ومن ثم يقتلها.
كل اللقاحات تعمل في الجسم بمبدأ أساسي واحد بمجرد حقن اللقاح في جسم الأنسان والتي تكون عادةً على هيئة حقن بجرعة مخفضة يتم تقديم جزء من الفايروس الخامل غير الفعال للنظام المناعي لجسم الأنسان ليتم تحفيزهُ لتكوين مضادات حيوية استجابةً للمسبب المرضي. تقدم المضادات الحيوية نوع من الذاكرة المناعية ما أن تتعرض لنوع لأي نوع من الفايروسات فأنها تُكون أُسس مناعية ودفاعية للتعامل معه وتبقى مُخزنة بصورة دائمة في الجسم في حالة تعرض الجسم للفايروس بصورته الطبيعية.
عن طريق عدوى انتقالية أو ما شابه فأنها تكون في حالة تأهب واستعداد للتعامل معه وهذا أساس عمل اللقاح أن الفايروسات المحقونة عادةً تكون غير فعالة شُبه الميتة حيث يتم تحوريها بعدة طرق كتعريضها لمستوى معين من الحرارة أو معاملتها بأنواع خاصة من المواد الكيميائية. وهذه الطرق لها بعض التبعات والسلبيات في بعض الأحيان حيث أن الهيئة الحية غير الفعالة للفايروس يمكن أن تتطور وتتخذ شكلاً أخر داخل جسم المضيف “الأنسان” وهذا ما يجعل الأمور تأخذ منحنى سيئاً فبدلاً من أن يحقق الفايروس المحقون بهيئة لقاح الغاية المطلوبة منه أي تحفيز النظام المناعي للجسم وانتاج قدرة وكمية دفاعية من المضادات الحيوية يمكن أن يستعيد نشاطهُ المرضي ويجعل الجسم المستقبل بحالة مرض اعتماداً على الجرعة المحقونة وتكراراتها ولهذا يجب التعامل بحذرٍ تام مع اللقاحات لأنها وأن صح القول سلاحٌ ذو حدين.
بعض المشاريع التي تعمل على عمل توليفة لقاح لفايروس (كورونا كوفيد-19) تعتمد على أساليب تم العمل بها وتجريبها مسبقاً لكن البعض الأخر بادر بالعمل ضمن تقنيات جديدة لم يتم العمل بها مسبقاً من أحدث هذهِ الاستراتيجيات التي طُرحت والتي تم اعتمادها من قِبل شركة (نوفافاكس) تتم بتكوين توليفة لقاح تتضمن التركيبة الجينية للأشواك البروتينية لفايروس (السارس كوفيد-2) المنحدر من نفس السلالة لفايروس (كورونا)حيث تقوم هذه التوليفة اللقاحية بتحفيز واستفزاز النظام المناعي للجسم واستحصال ردة فعل مناعية وتحويلها لجينوم بكتيري أو فطري مُرغماً هذه الكائنات الدقيقة على تكوين هذا البروتين, ومن الأساليب الأخرى الأكثر حداثة التي تتجاوز مرحلة تصنيع اللقاح من البروتين الفايروسي إلى تصنيع اللقاح من الفايروس نفسهُ وهذا ما يتم العمل بهِ في شركة (موردينا ) والشركة الألمانية (كيورفاك) واللتان تعملان على عمل تركيبة لقاحية اعتماداً على الحمض النووي والحمض الرايبي للفايروس.
أن الخطة التمويلية التي وضعتها منظمة الاتحاد العالمي لمواجهة الأمراض الوبائية كانت تنص على تمويل أربع مشاريع كبرى لتطوير لقاح مضاد لفايروس (كورونا) تم تغييرها وتوجيهها نحو المشاريع والتجارب التي تستنبط بعملها تقنيات وأساليب ابتكارية مستحدثة مع ابقاء التمويل للمشاريع البقية التي تعتمد على أساليب تقليدية مجربة ومعتمدة مسبقاً من ضمنها المشروع التجريبي الذي تعمل عليه جامعة أكسفورد التي تستعمل فايروسات غير فعالة غير قابلة للنسخ تحمل التركيب الجيني المماثل لفايروس (السارس كوفيد-2) يتم حقنها في جسم الأنسان مع الاستمرار بمتابعة التغييرات الحاصلة والاستجابة المناعية. يقول السيد هاتجيت: ” تتلخص تجربتنا في تكوين لقاح لفايروس(كورونا) أننا لا نستطيع التنبؤ بمواضع الاخفاق ولا الاستدلال عليها بصورة أوضح وأن التنويع بوسائل وتقنيات وأساليب تصنيع اللقاح هو حليفنا الوحيد وأننا في وضع يجعلنا على استعداد لتقبل أي أسلوب أو طريقة لتصنيع لقاح حتى وأن كانت ستتكلل بالإخفاق فمجرد دخولها حيز التجربة البشرية والطبية ستجعلنا نستفيد منها ولو بشيءً بسيط لأننا وبكل بساطة لا نملك صورة واضحة لمعطيات الفايروس لنعرف بالضبط ما الذي نتعامل معهُ.”
تعتبر التجارب السريرية الطبية العامل الأساسي في الحصول على الموافقة الرقابية لأي علاج أو لقاح من المنظمات الطبية وتتكون عادةً من ثلاثة مراحل الأولى تكون بالتعامل مع مجموعات من المتطوعين الذين يتمتعون بصحة جيدة, أجراء اختبارات أمان للقاح, مراجعة وتدوين الأعراض الجانبية, الثانية تتضمن زيادة أعداد المتطوعين إلى مئات وعادةً يكونون من الأماكن التي تقع تحت وطأة المرض والتي تم تسجيل عدة أصابات فيها مع متابعة مراقبة الأعراض والتأثيرات, أما المرحلة الثالثة فتتم بنفس الاجراءات والمعايير لكن مع زيادة أعداد المتطوعين الخاضعين للتجربة إلى ألاف ويجب الأخذ بنظر الاعتبار تولد مستوى عالي بتناقص الأعداد خلال التجربة كون أن اللقاح قد مر بعدة مراحل وتعرض له أشخاص مختلفين جسدياً وصحياً تماماً وكما تحدث بروس جيليني الرئيس التنفيذي لمؤسسة البرنامج العالمي للقاحات والتطعيم وهي منظمة غير ربحية تقع في (واشنطن,الولايات المتحدة) قائلاً “أثناء عمل التجارب السريرية هناك شيئاً واحداً علينا الاقرار بهِ والتعامل معهُ لا يفلح الجميع في الوصول إلى نقطة النهاية.”
هناك العديد من الأسباب تحول دون ذلك منها أن يكون المتطوعين مصابين أو حاملين للفايروس, أو تتكون لديهم ردة فعل أو أثار جانبية نتيجة لتعاطيهم مع اللقاح ولهذا فأن عملية فرز وتقييم الحالات والتجارب الناجحة والفاشلة شيء أساسي وضروري ولهذا يجب الالتزام الكلي بالتجارب السريرية الطبية وعدم استعجالها أو تجاوزها نهائياً, أما في حالات الموافقة على منتج طبي مُعين فهذا يعود للمنظمين المشرفين وعادةً تكون في حالة دخول منتج مشابه للمنتج الداخل ضمن التجربة السريرية تمت الموافقة عليه من قبل مثل لقاح الأنفلونزا العادية السنوي حيث أن تركيبتهُ الأساسي يتم اعتمادها سنوياً بإضافة تحديثات بسيطة للتركيبة الأساس في حال تطلب الأمر ذلك، مقارنةً بلقاح (السارس كوفيد-2) وهو مسبب مرضي جديد مستحدث وتقريباً كل التقنيات المستخدمة في تصنيعهِ جديدة ولم يتم اعتمادها في تجارب أخرى من قبل حيث لم يتم تصنيع والموافقة على أي لقاح مكون من الحمض النووي والحمض الرايبي للفايروس حتى هذهِ اللحظة, وعليه فأن كل المتطوعين لتجربة لقاح فايروس (كورونا كوفيد-19) عليهم معرفة واستيعاب أنهم يتعاملون مع مادة لقاحية جديدة تماماً لم يتم التعاطي والتعامل معها من قبل ولهذا فإن الموضوع مقلق وحرج للغاية أضافة لذلك تزايد الضغوط للاستعجال في تكوين تركيبة لقاح مستقرة، إلا أن الموضوع خطر وحساس ويجب التعامل معهُ بحيطة وحذر وعدم أتخاذ أي طرق مختصرة أو تجاوز أي خطوات معينة للاسراع في ذلك.
في الرسم التوضيحي أعلاه نلاحظ لقاح مضاد لفايروس (المخلوي التنفسي) تم أنتاجهُ عام1960 هو فايروس شائع يسبب علامات برد قوية لدى الأطفال. خلال التجربة السريرية للقاح لوحظ أنهُ يفاقم حدة الأعراض لدى الأطفال الرضع الذين يحملون الفايروس, ونفس هذا الشيء حدث عند تجربة لقاح ( السارس) على بعض الحيوانات في التجارب المختبرية الأولية وبعدها تم تعديلهُ وأجراء العديد من التحويرات واختبارات سلامة وأمان للقاح قبل ادخالهِ لمرحلة التجربة لتلافي حدوث أي خطأ من شأنهِ أن يزيد من خطورة المرض بدلاً من تثبيطهُ, ولهذا السبب فإن عملية اختيار متطوعين للقيام بالتجارب السريرية تكون دقيقة ومهمة للغاية وفق معايير واجراءات خاصة تضمن تواجدهم بوضع صحي وسليم لحين انتهاء التجربة تماماً ويتم توثيقها والموافقة عليها وأعتمادها وهذا الأمر يمكن أن يأخذ عقداً من الزمن كأقل تقدير وبأخذ هذه الثوابت المهنية في التجارب السريرية بنظر الاعتبار ظل المجتمع الطبي في حالة حيرة وقلق من أمرهِ عندما ظهر الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في مؤتمر صحفي لهُ في الثاني من شهر أذار المنصرم وقال أن لقاح فايروس(كورونا كوفيد-19) سيكون جاهزاً في مطلع شهر تشرين الثاني القادم تزامناً مع الانتخابات الرئاسية, ” وهذا الشيء علمياً وعملياً لا يمكن تحقيقهُ حيث أنهُ في أقل تقدير ممكن لإمكانية توفير توليفة لقاح فعالة ستكون خلال 18 شهراً وأن افتراض واعطاء مواعيد غير دقيقة سيكون شيء غير مجدي تماماً ” وفقاً لأناليس وايدلر البروفسيورة الاختصاص في الأمراض الانتقالية المستجدة في جامعة لندن قسم الصحة والطب الاستوائي.
في نفس الوقت علينا التعامل مع مشكلة أخرى وهي حالة توفير لقاح والموافقة عليه فنظراً للظروف الراهنة سيتم الطلب عليه بكميات هائلة وببساطة أكثر إن المنظمات التي تعمل على مشاريع أنتاج اللقاح لا تملك المواد ولا الامكانيات ولا الموارد التي تكفي لسد هذهِ الحاجة المهولة.
مجال صناعة وتطوير اللقاحات هو مجال صعب أصلاً ومحفوف بالعديد من المخاطر والمعوقات بدءً من الحصول على متطوعين ملتزمين بصورة تامة إلى الحصول على الدعم والتمويل المناسب فضلاً على أن الشركات الانتاجية تميل إلى أنواع معينة من التجارب واللقاحات التي أثبتت نجاحها مسبقاً فكيف سيكون الوضع أذا كان اللقاح جديد والفايروس جديد ولا توجد أي سابق معرفة في أمكانية توفير مكوناتهُ تجارياً أو وجود ضمانات لنجاحهَ أو فشله, منظمة الاتحاد العالمي لمواجهة الأمراض الوبائية والعديد من المنظمات الأخرى ساهمت بشكل كبير في حل هذه المشاكل مُتيحة للشركات الطبية مواصلة عملها في تطوير وتكوين لقاح لفايروس (كورونا) واستحداث لقاحات أخرى ذات صلة, كذلك قامت هذهِ المنظمات بتحفيز الخطط الانتاجية والاستيعابية وتطويرها حيث قامت الشهر الماضي بفتح خط أتصال مباشر لجمع التبرعات للمساهمة بهذا العمل الجبار.
جونثان كويك الخبير الصحي العالمي في جامعة “ديوك” في (كارولانيا الشمالية, الولايات المتحدة) ومؤلف كتاب (نهاية الوباء) عام 2018 تحدث قائلاً “ما أن تتم المصادقة على توليفة لقاحية مناسب للفايروس ستواجهنا الكثير من التحديات فتوفير لقاح أثبت فعاليتهِ في مكافحة هذا الفايروس المستجد سيستنزف معظم الموارد والامكانيات التي يوفرها البرنامج العالمي للقاحات, حيث أن تقنيات تصنيع اللقاحات يمكن أن تكون عوامل مُعيقة وتقديرية لكن العوائق الحقيقة تكمن في سياسة واقتصاد بلدان العالم المختلفة في ظل هذهِ الأزمة والمشكلة الرئيسة تكمن في كيفية التأكد أن اللقاح سيصل إلى من يحتاجه فعلاً وهذا بحد ذاته يعتبر تحدي صعب للغاية.
قامت بعض الدول بوضع استراتيجيات وخطوط توجيهية واضحة في سيناريو التعامل مع هذا الوباء فمن ناحية اللقاح أعطت (المملكة المتحدة ) الأولوية للعاملين في المجال الطبي والرعاية الاجتماعية أضافة إلى الأطفال والنساء الحوامل مع الحفاظ على الهدف العام لمعدلات أصابات ووفيات منخفضة, لكن في حالة وجود وباء عام ووضع مشابه لما نشهدهُ الأن فأن دول العالم ستتسابق للحصول الدواء واللقاح وهذا ما سيترك الدول ذات النظام الصحي الضعيف الغير ممول بوضع حرج للغاية, وفيما يخص اللقاحات فدائماً كان هناك عدم توازن متوارث لسنين عدة بين حاجة اللقاح الفعلية وبين القدرة الشرائية على توفيره مثال ذلك (أنفلونزا الخنازير ) عام 2009 حيث أن اللقاحات تم سحبها وشرائها بصورة كاملة من قِبل الدول التي تملك قدرة شرائها في حين أن الدول الفقيرة لم تستطع سد حاجتها, في سيناريو أخر لنقل الهند مثلاً بتعداد سكاني هائل بحدود مليار النسمة وأصبحت المزود الرئيسي للقاح وقررت سد حاجتها الذاتية أولاً باللقاح قبل تصديره لبقية العالم ماذا سيكون مصير بقية العالم!
بعيداً عن الوباء فإن منظمة الصحة العالمية تقوم بجمع المنظمات الصحية ومشاريع تصنيع اللقاح المدرجة بصورة رسمية لدى حكومات العالم للاتفاق ووضع خطط استراتيجية توزيعية عالمية بصورة متساوية مثل منظمة “جافي” التحالف العالمي للقاحات والتطعيمات حيث قامت بوضع خطط ابتكارية لجمع الأموال للدول الفقيرة لضمان تزويدها باللقاحات. لكن كل وباء يختلف عن الأخر ومنظمة الصحة العالمية لا تُلزم دول العالم على المُضي في اتفاقاتها المُبرمة وهذا ما يترك مصير العديد من دول العالم الفقيرة مجهول” كما يقول سيث بريكلي الرئيس التنفيذي لمنظمة “جافي” متابعاً ” السؤال الحقيقي المطروح هنا بقوة ماذا سيحدث لو أعلنت حالة طوارئ عالمية وأن احتمالية تأرجح هذا الوباء بين معدلات انخفاض وارتفاع قد تصل الى ذروتها قبل الوصول إلى تركيبة لقاح مناسبة اللقاح سينقذ حياة العديد خاصة إذا تحول الفايروس من مستجد إلى مستوطن ومنتشر بصورة كبيرة كالأنفلونزا العادية وسيتحتم علينا التعامل معهُ بصورة دائمة لكن حتى حينها يبقى أملنا في حصر أنتشارهِ قدر الأماكن وأتباع التعليمات بالبقاء بالمنزل وغسل اليدين.
المصدر: هنا