كتبته لـ (بيغ ثينك): ناتالي شوميكر
ترجمة: أحمد حازم سلطان
تدقيق: نعمان البياتي
تصميم: حسام زيدان
أدرك العلماء مؤخراً أن هناك علاقة بين الأمعاء ودماغ الانسان، لكن ما مدى عمق هذه العلاقة؟ هل يمكننا، مثلاً، علاج الاكتئاب فقط باعتماد نظام غذائي متوسطي؟ دراسة جديدة تجيب على ذلك بالإيجاب.
لقد دأب الأطباء على وصف أنظمة تغذية صحية لمرضاهم كتدبير وقائي ضد أمراض القلب والسرطان والسكري، والآن ينظم الاكتئاب إلى تلك القائمة، فبحسب (درو رامزي)، الأستاذ بجامعة كولومبيا، صاحب كتاب “تغذ جيداً”: “لدينا الآن أدلة حقيقية لدعم المنطق السليم: إذ إن تناول الطعام بشكل جيد لا يعود بالنفع على جسدك فحسب، بل يفيد عقلك أيضاً”.
ويمثل (رامزي) مجموعة متزايدة من خبراء الصحة النفسية الذين يمارسون الطب النفسي التغذوي، ففكرة وجود علاقة بين الأمعاء والدماغ، واحدة من الأفكار التي حظيت بالقبول في الدراسات العلمية، كما إن البعض بدأ بوضع تلك الأفكار موضع التنفيذ، فهناك أدلة تشير إلى إن بعض الأطعمة تؤثر على البكتيريا في الأمعاء لدينا، والتي بدورها تؤثر على الصحة العقلية.
ومن المهم أيضاً أن نلاحظ أن حوالي 95% من السيروتونين في أجسادنا، يتم إنتاجه في الجهاز الهضمي؛ وقد بدأ العلماء للتو باكتشاف هذه الحياة السرية للجراثيم ومدى تأثيرها على جوانب أخرى من صحتنا العامة؛ لكننا نملك قدرة التأثير على “العالم الميكروبي” من خلال ما نأكل.
يتأثر الدماغ أيضاً وبشكل مباشر بالنظام الغذائي المتبع. “إن التريبتوفان هو الحمض الأميني الذي نستخدمه لصنع السيروتونين والدوبامين” هذا ما أخبرنا به (رامزي) عبر بوابة “بيغ ثنك”؛ “لهذه الناقلات العصبية أهمية كبيرة جداً في ضبط المزاج والتعلم، أو المواد الكيميائية في الدماغ، وبالتالي فإن الفكرة هي تزويد الإنسان بمجموعة أساسية من الأطعمة، فكما تعلم، مرة أخرى، إن الدماغ يحصل على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها مع كل لقمة طعام تحصل عليها”.
قاد باحثون في جامعة ديكين الأسترالية تجربة سريرية خاضعة للرقابة، والتي أعطت نتائج واعدة نحو اقتراح “إن تحسين النظام الغذائي من اخصائي التغذية السريرية قد يوفر استراتيجية علاج فعالة لإدارة هذا الاضطراب العقلي الأكثر انتشاراً”، فقد جند الباحثون عدة مئات من المرضى الذين يعانون من حالات اكتئاب معتدلة وشديدة، وشارك 67 شخص منهم في تجربة شبه جماعية لمدة 12 أسبوعاً. عانى جميع المشاركين من تغذية فقيرة عند دخولهم التجربة، بمعنى أن غذائهم تضمن الكربوهيدرات فقط وأطعمة تفتقد للقيمة الغذائية، مثل البيتزا والمعكرونة والأطعمة المخبوزة – والتي اصطلح (رامزي) على تسميتها “النظام الغذائي البني” أو “النظام الغذائي للصبي ذي 12 عاماً”.
يشرح (رامزي) نتائج التجربة المثيرة لمستقبل العلاج بالصحة النفسية:
كان تأثير الزيادة شديداً للغاية بالنسبة لعلاج مساعد، وتوصل حوالي 32% من المرضى إلى حالة من الهدوء والسكون، في مجموعة العلاج، بالمقارنة مع 8% في المجموعة الخاضعة للرقابة، أما من حيث المخاطر والمنافع، فإن التدخل الغذائي يبرز كطريقة آمنة وفعالة للغاية بالنسبة لنا لإشغال مرضانا”.
وقد سميت خطة الوجبة الواعدة النظام الغذائي بحمية “مودي ميدي” – أو النظام الغذائي المتوسطي المعدل – والذي يتكون من البقوليات، والخضار الورقية والخضروات الملونة، ومجموعة متنوعة من المأكولات البحرية ذات الجودة، واللحوم الحمراء الخالية من الدهون، والفواكه وزيت الزيتون والمكسرات. يؤكد (رامزي) على إن نوعية الغذاء، وخاصة اللحوم والمأكولات البحرية، مهمة والتي غالباً ما تكون مجال قلق بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون إحداث تغيير إيجابي في النظام الغذائي، فالأغذية العضوية مكلفة، وأثناء التجربة، وجد الباحثون الأستراليون في الواقع أن تناول الأطعمة المناسبة لصحة الدماغ المثالية “أرخص”، إذ يقول: “ينفق الأسترالي ما معدله 138 دولاراً أسبوعياً على الغذاء، أما أولئك الذين شاركوا في الدراسة فقد أنفقوا 112 دولاراً فقط”. ما الذي تقوم به هذه الأطعمة والذي من شأنه تعزيز وظيفة الدماغ والصحة النفسية؟ تحتوي هذه الأطعمة على العناصر الغذائية التي يحتاجها الدماغ، وعلى وجه التحديد دهون أوميغا 3، والزنك، والمغنيسيوم، والحديد، وفيتامين بي 12، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً مع انخفاض خطر الاكتئاب والخرف”.
من المهم ملاحظة أن مجال الطب النفسي والتغذية لا يزال حديثاً، لذلك ينبغي ألا تستخدم هذا النظام الغذائي كبديل عن استشارة المعالج إذا كنت تشعر بالاكتئاب.
رابط المقالة باللغة الإنكليزية: هنا