تسمى هذه المنطقة الخالية في الكون بما يعرف بـ”البقعة الباردة ” و هي عبارة عن منطقة باردة بصورة غير طبيعية موجودة في منطقة الخلفية الإشعاعية التي ظهرت في الكون و لا تزال باقية فيه ليومنا هذا بعد حدوث الانفجار العظيم.
أن هذا الغطاء الإشعاعي يسمى باشعاع الخلفية الكونية وعلى الرغم من تميزه بدرجات الحرارة المختلفة إلا أن “البقعة الباردة ” هي أكثر برودة من المناطق المجاورة لها والتي بقيت لغزاً يصعب على العلماء حله.
إن الفرق في درجة حرارة هذه البقعة و محيطها والذي يقدر بـ 0.00015 درجة سيليزية أي (0.00027 فهرنهايت) جعل العلماء يعتقدون أنه من المحتمل أن تكون هذه البقعة ناشئة من المنطقة التي تعرف بمنطقة الفراغ الهائل او العظيم و التي امتدت على مساحة توازي 1.8 بليون سنة ضوئية و التي تضيع فيها حوالي ما يقارب 10000 مجرة.
بهذا فهي تُعتبر واحدة من أكبر البقع بالنسبة لمثيلاتها حيث أنها تتكون من مواد أقل كثافة بنسبة 20% من بقية الكون و لكن حسب دراسة قام بها فريق علماء فلكيين من جامعة دورهام الانكليزية فإن منطقة الفراغ العظيم ربما ليس لها أي دور في تشكل البقعة الباردة.
و لإتمام هذه الدراسة إستعان الفريق بالتلسكوب الأسترالي لمراقبة ظاهرة الانزياح الأحمر للضوء الصادر من 7000 مجرة من الأرض باتجاه الكون الواسع.
بوجود هذه البيانات توصل الباحثون للقول بأن الفراغ الهائل ليس له أي دور في نشوء البقعة الباردة في الكون فبدلاً من نظرية فراغ هائل مجرد من المجرات يقترح الفريق أن البقعة الباردة مكونة من مناطق خالية أصغر حجماً والتي تكون بدورها محاطة بتراكمات مجرية.
وقد توصل العلماء ايضًا الى أن كتلة المادة الموجودة بمنطقة الفراغ مجتمعة مع التراكمات المجرية حولها مساوية للكتلة خارج المنطقة الباردة.
و على حد قول روري ماكينزي وهو أحد أعضاء فريق الباحثين ” لا يمكن تفسير نشوء المنطقة الباردة على اساس العلاقة بينها و بين المناطق الفارغة الموجودة في الفضاء حسب النظريات الكونية الاعتيادية”.
و يضيف ماكينزي قائلاً ” هناك احتمالية بأن يتم اللجوء إلى نمط تفكير خارج عن المألوف في المستقبل لإثبات هذه العلاقة إلا أن البيانات المتوفرة لدينا تعوق دون حدوث ذلك”.
بالرغم من تقدير الباحثين بأن هناك فرصة من واحد إلى خمسين بالمئة بأن المنطقة الباردة قد تكونت نتيجة تغيرات عشوائية في الكون إلا أنهم يقرون بضرورة التفكير بشكل خارج عن المألوف للوصول لتفسير واضح حول وجود المنطقة الباردة.
وفي سياق هذا يقول عالم الفلك توم شانكس و هو واحد من أعضاء الفريق أيضاً بأنه ” ربما من أكثر الأفكار غرابة هو أن المنطقة الباردة تكونت نتيجة تصادم بين كوننا و كون اخر”
و بالرغم من الآراء المتضاربة حول فرضية الكون المتعدد و التي توضح أن كل كون موجود ضمن فقاعته الكونية الخاصة أسوة ببقية الأكوان الموازية، إلا ان العلماء يسعون دائماً لإيجاد دليل يدعم هذا المفهوم مستعينين بتقلبات الأشعة الخلفية الكونية مثال لدعم النظرية.
يقر الباحثون أن النتائج التي توصلوا إليها لا تدعم هكذا نظرية إلا أنهم و بنفس الوقت يشيرون إلى أن اعتبار نظرية الفراغ الهائل كتفسير لظهور المنطقة الباردة قد يمهد الطريق أمام قبول تفسيرات أكثر غرابة.
” قد يساعد إجراء تحليل معمق أكثر للبيانات الخاصة بأشعة الخلفية الكونية، بمعنى آخر نحن لا نزال نجهل كيف نشأت المنطقة الباردة في الفضاء و لكن إن ثابرنا على تعلم المزيد عن هذه المنطقة والأشعة الخلفية الكونية بصورة عامة فسنتكتشف مجالاً جديداً من العلوم و نحن لا نطيق صبراً لحصول ذلك.
تم نشر هذه الاكتشافات البحثية في اصدارات الاخبار الشهرية الشهرية لمجلة المجتمع الفضائي الملكي.
المصدر: http://www.sciencealert.com/the-largest-void-in-the-universe-might-not-be-what-we-think-it-is