بعد مهمةٍ إستمرت لمدة عامٍ في محطة الفضاء الدولية، عاد رائد الفضاء التابع لوكالة ناسا وزميله الروسي في الطاقم أخيراً إلى كوكبهم.
أمضى كورنيينكو “Kornienko” وكيلي “Kelly” الـ340 يوماً على متن محطة الفضاء الدولية خلال رحلتهم التي إستمرت لمدة عام. ووصل فولكوف “Volkov” إلى المحطة في سبتمبر الماضي، أي ما مجموعه 182 يوم. حطم كيلي وكورنيينكو خلال رحلتهم،… الرقم القياسي الماضي لأطول فترة بقاء على متن محطة الفضاء الدولية كتجربة (على الرغم من أن رواد فضاء الحقبة السوفييتية أمضوا وقتاً أطول على متن المحطة الفضائية مير “Mir”).
هبط رائد الفضاء الأمريكي سكوت كيلي ورواد الفضاء الروس ميخائيل كورنيينكو وسيرجي فولكوف بأمان في منطقةٍ نائية في كازاخستان مساء الثلاثاء بعد سفرٍ إستمر لأكثر من ثلاث ساعات من محطة الفضاء الدولية. هبط الثلاثي في كبسولة سويوز “Soyuz” في الساعة 11:26 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (042 بتوقيت غرينتش).
وقال المتحدث بإسم ناسا روب نافياس “Rob Navias” من موقع الهبوط، “لقد فعلوها – إنهم في المنزل بعد عامٍ في الفضاء”.
كان هدف فريق الفضاء الأمريكي-الروسي دراسة كيفية تأثير رحلات الفضاء الطويلة على جسم الإنسان، بإستخدامها كبحثٍ للرحلات المستقبلية ذات المدة الزمنية الطويلة، كرحلةٍ إلى المريخ.
سنتهم التي قضوها في الفضاء
خلال العام الماضي، تقاسم كيلي وكورنيينكو محطة الفضاء الدولية مع 13 شخصاً من رواد الفضاء الآخرين. أخذ كيلي معه عيناتٍ من الخضار ونبات الزينيا ولاحظ إزهارهم في حالة إنعدام الوزن، سار أيضاً ثلاث مرات في الفضاء وعانى من فشلين في شحن البضائع. شارك أيضاً في تجارب لوصف تأثير إنعدام الجاذبية على بصره، قاس الصوت، قام بتهيئة الأقمار الصناعية الصغيرة، وعمل على العديد من الدراسات العلمية، ما يقارب الـ400 تحقيق للعالم من الفضاء. وَثَّق كيلي أيضاً أرضنا بشكلٍ غير رسمي، حيث أصبحت صوره دعامةً أساسية على تويتر وإنستغرام، حيث كان يتكلم عن المواقع التي يمر بها ويقوم بتصوير الظواهر مثل الثلج والرعد والشفق.
لم يذهبوا لأي مكانٍ جديد – بجانب سفرهم لأكثر من 17،000 ميل (27359 كم في الساعة) حول الأرض – ولكن رواد الفضاء الذين قضوا سنةً واحدةً في الفضاء لا يزالون يدفعون بحدود ما نفهمه عن الجسم البشري في الفضاء. (ويشمل ما نحاول فهمه الدماغ البشري أيضاً، مع خمسة تحقيقات في الصحة السلوكية التي تدرس الأداء الإداركي، النوم، بنية الدماغ، العاطفة، والتعب).
يحمل كيلي ميزةً خاصةً في هذا المجال: إلى جانب المقارنة بين علم وظائف الأعضاء بالتفصيل إلى القياسات قبل مغادرته، ستتم مقارنته جينياً بشقيقه التوأم أيضاً، وهو رائد الفضاء المتقاعد مارك كيلي “Mark Kelly”، لمعرفة التأثير السلبي للرحلات الفضائية على الجينوم بالمقارنة مع البقاء في المنزل.
وقال كيلي عن رحلة العودة في حفل التغيير القيادي يوم الإثنين، “عند مغادرة هذا المكان المذهل، فالأمر دائماً حلوٌ ومرّ”. حيث تحولت قيادة المحطة لرائد الفضاء تيم كوبرا “Tim Kopra” التابع لوكالة ناسا. وأضاف، “كنا أنا وصديقي ميشا [كورنيينكو] هنا لفترةٍ طويلةٍ جداً جداً، وكنا مؤخراً نمزح مع بعضنا البعض، وسوف نقول شيئاً مثل ‘فعلناها’ أو ‘حققنا ذلك’، ولكن كلٌ منا يُدرك أن الأمر يتعلق بالعمل الجماعي وجميع الناس الذين إستغرقهم وضع هذه البعثات معاً ونجاحها أكثر مما يكون الأمر عنا نحن فقط”.
وأضاف، “أود شكر الجميع على الأرض، لقد كرّسوا في بعض الحالات حياتهم، حياتهم المهنية لهذا البرنامج. وهذا الأمر لا يقل أهميةً في مستقبل ذهابنا الى المريخ في يومٍ من الأيام، بالإضافة لي ولميشا”.
في وقت العودة
قضى كيلي وكورنيينكو وفولكوف جزءاً كبيراً من يومهم الأخير في الفضاء في أخذ القياسات العلمية والتحضير لرحيلهم وتوديع بقية الطاقم – كوبرا، ورائد الفضاء البريطاني تيم بيك “Tim Peake” ورائد الفضاء الروسي يوري مالينتشينكو “Yuri Malenchenko” – قبل الذهاب للمركبة الفضائية سويوز وإغلاق الباب في الـ04:43 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (21:43 بتوقيت غرينتش).
مع وجود فولكوف في مقعد الطيار، إنفصلت المركبة الفضائية عن محطة الفضاء الدولية في الساعة 8:02 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (01:02 بتوقيت غرينتش يوم 2 مارس) مع الدوران حول الأرض أكثر من مرتين كما ناور فولكوف لإتخاذ الموقع وتخلص من الوحدات المدارية وأجهزة الدفع ثم جلب الطاقم أخيراً إلى الأرض.
وقد تم إخراج رواد الفضاء من المركبة عن طريق فريق الإستعادة الروسي وتم حملهم إلى خيمة لإجراء إختباراتٍ ميدانية، حيث راقبهم العلماء عند أدائهم مهاماً بسيطة – كالوقوف، المشي في خطٍ مستقيم أو حول العقبات، والبقاء واقفاً لمدة ثلاث دقائق – وقد قال مسؤولون في وكالة ناسا في بيان، إن هذه الأمور قد لا تكون بهذه البساطة بعد هذه المدة الطويلة في الفضاء. سيقوم الثلاثي بتكرار تلك المهام ثلاث مراتٍ في غضون يوم الهبوط ومراتٍ عدة في وقتٍ لاحق، لمراقبة إنتعاشهم، والذي من المرجح أن يكون أكثر صعوبة بالنسبة لكيلي وكورنيينكو.
وقال المتحدث بإسم وكالة ناسا دان هيوت “Dan Huot”، “كل هذا يهدف إلى فهمٍ أفضل لكيفية فهمنا في توقع تفاعل أفراد الطاقم بعد أن كانوا في حالة جاذبية صغرى لفترةٍ طويلة من الزمن”. كما وأضاف، لدينا هنا على الأرض فريق الإستعادة، ولكن الوافدين الجدد على سطح المريخ لن يكونوا محظوظين جداً: ستساعدنا هذه الإختبارات في فهم ما يمكن أن نطلبه من أعضاء الطاقم الخاص بنا عندما يخطون خطواتهم الأولى على الكوكب الأحمر بعد عدة دقائق من الهبوط”.
المصدر: هنا