تُشير دراسة جديدة إلى أنه إذا ما أستمرت الأساليب الحالية، نصف سُكان العالم سيُصابون بقُصر النظر خلال ثلاثة عقود فقط، سيمتلك خُمس هؤلاء خطرًا مُتزايدًا بشكلٍ كبير للإصابةِ بالعمى.
إن هذا يُمثل سبعة أضعاف زيادة الإصابة بقُصر النظر “myopia” من عام 2000 إلى 2050، وبالرغم من أن هذه الحالة تُصبح سائدة بسرعة، لا يزال العُلماء غير مُتفقين على مُسببِـها. أنه لمن السهولة أن نربط هوسنـا مع شاشات الحاسوب والهاتف مع ما يُعرف بـ “وباء قُصر النظر” “myopia epidemic”، ولكن فقط لو كانت الأمور بهذه البساطة.
ما بين السبعينيات وبدايات الـ 2000، تضاعفت تقريبًا حالات قُصر النظر في الولايات المُتحدة، وفي مناطق مُعينة من آسيا، الإرتفاع كان مُثيرًا بدرجة أكبر، مع نتائج المسح الأخير أنّ ما يقارب 96% من المُراهقين في كوريا الجنوبية مُصابين بقُصر النظر. وفي سنغافورة، الصين واليابان تتراوح نسبة الإصابة عند المُراهقين بين الـ 80 و الـ 90 بالمئة.
قد بحث تقريرٌ جديدٌ الآن بواسطة فريق دولي من الباحثين في حالات إرتفاع حالات الإصابة بقُصر النظر خلال العقود القليلة الماضية من أجل التوصل إلى توقعات للمُستقبل.
وعند النظر إلى بيانات من 145 دراسة تُغطي 2.1 مليون مُشارك، وجدوا أنه في عام 2000، حوالي 1,406 مليون شخص قد شُخّصوا بالإصابة بقُصر النظر (يُمثلون نسبة 22.9 من سكان العالم) و163 مليون شخص مُصابين بقُصر نظر عالٍ، والذي يُصاحبه زيادة خطرة للإصابة بالعمى وماء العين ” cataracts”.
إستنتجوا في مجلة طب العيون: “نتوقع أنه بحلول عام 2050 سيكون هناك 4،758 مليون شخص مُصاب بقُصر النظر (49.8 من نسبة سكان العالم) و938 مليون شخص مُصاب بقُصر نظرٍ عالٍ.”
إذًا، ما الذي يحدُث هُنـا؟
عند النظر فقط إلى كيف أصبح هذا الأمر مُشكلة حتى وقتٍ قريب، يبدو من المُحتمل جدًا أن هذه الزيادة المُفاجئة في حالات الإصابة بقُصر النظر ترتبط مع أسلوب الحياة وتغيُّرات السلوك التي حدثت خلال العقود القليلة الماضية. وضعها الباحثون لعوامل بيئية (التنشئة)، التغيُّرات الأساسية في إسلوب الحياة الناتجة عن مجموعة من قلة التواجد في الخارج وزيادة نشاطات العمل القريب، من بين عوامل أُخرى.
نحنُ نقضي في الداخل وقتٌ أكبر بكثير من أي حقبة زمنية أخرى في التاريخ الإنساني، وعددٌ قليلٌ منا فقط يستطيع العيش من دون الجلوس على الشاشة بجدية، سواءٌ عند العمل، المدرسة، أو للمتعة. ولكن ما يُعاني العٌلماء لمعرفته هو، ماهي الآليات البيولوجية التي تلعب دورًا في القيام بمثل هذه التغييرات الجذرية والجسدية لتراكيب أعيُننا؟ كيف يُمكننا تحويل هذا الإرتباط إلى علاقة سببية؟
أفضل دليل نملكه حاليًا هو ليس زيادة وقت التعرُّض إلى الشاشة – لإنه كما وضحنا سابقًا، حدثت الزيادة في قصر النظر قبل أن تصبح الهواتف الذكية سائدة بوقتٍ طويل – إنه النقص في الوقت المقضي في الخارج والذي جعلته الشاشات أسوء تدريجيًا.
تقول سارة شانغ “Sarah Zhang” “بناءًا على عددٍ قليل من الدراسات الوبائية الكبيرة على قُصر النظر، فإنّ قضاء الوقت خارجًا – لا سيما في الطفولة المُبكرة – يُقلل من الإصابة بقصر النظر.”
لذا لدينا فرضية قوية للمضي قدمًا عليها، ولكن المشكلة أنك لا تستطيع حقًا أن تؤدي تجارب طويلة الأمد على الأطفال للتأكُد من صحة ذلك. نحن في حاجة إلى الإعتماد على الدراسات التي تجرى على الحيوانات لهذا، وسواءٌ كانت دجاجًا، زبابيات الشجر، أو قردة، لا أحد على يقينٍ تام أي نموذج حيواني هو الأمثل لمحاكاة قصر النظر البشري.
لحسن الحظ، في مثل هذه الحالة، معرفة بالضبط ماذا يسبب قصر النظر ليس بالضرورة شرطًا لتوفير العلاجات والتدابير الوقائية. شهدت الأبحاث حول العلاقة بين قضاء الوقت في الداخل وقصر النظر نتائج واعدة جدًا عندما يقضي الأطفال بضعة ساعات إضافية في الخارج كُل يوم.
يقول الباحث المشارك في الدراسة كوفن نايدو “Kovin Naidoo” “لقد تم بحث تدخلات مُختلفة ولكن الذي كان له جذبٌ أكبر هو أنه لو قضى الأطفال ساعتين أو أكثر خلال اليوم خارجًا، فإن ذلك سيكون وقائيـاً بما يكفي.”
وأكمل “يقول البعض أن الأمر يتعلق بالنظر إلى مسافة أبعد، وهناك بعض الدلائل على أنها بسبب إفرازات كيمياوية في شبكية العين. مزيدًا من النتائج لا زالت تأتي حول العالم لكن، واقعيًا هُناك توافق على حقيقة أن قضاء ساعتين أو أكثر خارج المنزل وقائية بما فيه الكفاية. بإمكانك أن تقضي وقتًا طويًلا تقرأ على شاشات الحواسيب، ولكن إقضِ ايضًا ساعتين خارج المنزل، إذ لازال هذا الحل وقائيـًا.”
المصدر: هنا