نهاية الحقن اليومي لمرضى داء السكري قد يكون قريباً بعد أن اكتشف العلماء أنه من الممكن استعادة القدرة على إفراز الأنسولين لمدة قد تصل إلى عام بتعزيز الجهاز المناعي.
مئات الآلاف من الناس في بريطانيا يعانون من داء السكري النوع الاول ويحتاجون إلى حقن أنفسهم يومياً للحفاظ على مستوى السكر في الدم تحت السيطرة.
يهاجم مرض السكري الخلايا الفارزة للأنسولين في البنكرياس. والناس الأصحاء يمتلكون المليارات من نوع من الخلايا “الحافظة للسلام” والتي تُدعى بخلايا تي التنظيمية “T-regs” والتي تقوم بحماية الخلايا الفارزة للأنسولين من الجهاز المناعي، لكن المصابين بداء السكري النوع الاول لا يمتلكون العدد الكافي من هذه الخلايا.
“تَدَخُل خلايا تي التنظيمية يخلص الأشخاص مثلي من الألم اليومي المرافق للعلاج بالأنسولين والمخاوف المستمرة من المضاعفات” قالت ماري روني وهي مصابة بداء السكري من النوع الأول.
والآن أوضح باحثون في جامعتي كاليفورنيا ويَّل أن إمكانية إزالة هذه الخلايا من الجسم، ومضاعفتها الى حوالي ١٥٠٠ ضعف في المختبر، ثم تُعاد الى المجاري الدموية لاستعادة التوازن الطبيعي في وضائف الجسم.
وفي تجربة أولية أُجريت على ١٤ مريضاً أظهرت ان العلاج آمن، ويمكن أن يستمر لعام كامل.
حيث قال الدكتور جيفري بلوستون أستاذ الأيض والغدد الصُّم في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسسكو “هذا يمكن أن يكون مُغيراً لّلعبة”
” باستخدام خلايا تي التنظيمية ‘لإعادة-تعليم’ الجهاز المناعي، ربما نكون قادرين حقاً على تغيير مَنحى هذا المرض،” “نتوقع أن تكون هذه الخلايا جزءاً مهماً من علاج السُكري في المستقبل.”
هذا العلاج يمنع أيضاً تفاقم المرض، الامر الذي قد يقي المُصابين من الْعَمَى أو بتر الأطراف لاحقاً.
السُكري هو من أمراض المناعة الذاتية، حيث إن الجهاز المناعي عادةً ما يحمي الجسم من العدوى، لكن في النوع الاول من داء السكري تنحرف هذه العملية عن مسارها فَبِالإضافة الى محاربة الأجسام الغريبة، يستهدف الجهاز المناعي الخلايا الطبيعية للجسم.
في العملية الجديدة، اخذ الاطباء عينات بحجم كوبين من الدم وتحتوي على حوالي مليونين الى أربعة ملايين من خلايا تي التنظيمية من ١٤ مريضاً تتراوح أعمارهم بين ١٨ والـ ٤٣ عاماً ممن شُخِصوا حديثاً بالإصابة بالسكري. حيث تم فصل خلايا تي التنظيمية عن الخلايا الاخرى وإنماؤها مختبرياً في وسط زرعي، قبل حقنها مجدداً الى الدم.
ماري روني طبيبة نفسية مختصة بالأطفال ذات الـ ٣٩ عاماً، شُخصت إصابتها بالسكري عام ٢٠١١، كانت مشاركة في التجربة الأولى، وقالت ان العلاج الجديد “حررني من الأذى اليومي” للحقن.
وأردفت متحدثةً عن تشخيصها بالمرض “بَعَــد أسابيع من فقدان الوزن، والشعور الدائم بالعطش، وعدم وضوح الرؤية بين الحين والآخر، والشعور بالهزل العام، علمت إن هنالك خللٌ ما، لكن وبالرغم من هذا، النوع الاول من داء السكري كان الاحتمال الأبعد لذهني.”
“في البداية كنت في حالةٍ من الصدمة. لم أعلم أنه يمكن تشخيص اصابتك بالنوع الاول من داء السكري على الرغم من أنك بالغ.”
” أفكاري الأولى كانت ‘ هذا مقرف ‘ و ‘ لا يمكن أن يحدث فعلاً’، لكنني أدركت انه لا يمكنني أن أبقى في حالة الإنكار والخيبة الى الابد.”
السيدة روني، والتي عملت كَباحثة في جامعة كاليفورنيا، علِمَّت مؤخراَ أنَّ المؤسسة كانت تبحث عن مرضى لتجربة خلايا تي التنظيمية وطُلبَ منها الانخراط في التجربة.
“كوني المريض الأول، عَلِمتُ أنني أحصل على فرصة. وعليَّ أن أعترف، كنت خائفة” في حديث لِـ Healthline.
“لكن أعجبتني حقيقة ان هذه التجربة تضمنت استخدام خلاياي من نوع تي التنظيمية والتي نُمِّيت مختبرياً ثم أُعيدت إلى الجسم، والنظرية التي نتجت عنها هذه التجربة كان لها معنى بالنسبة لي.”
“تَدَخُل خلايا تي التنظيمية يحرر الناس مثلي انا من الألم اليومي لعلاج الانسولين والخوف الدائم من المضاعفات.”
وقد قال الفريق البحثي أن العلاج باستخدام خلايا تي التنظيمية سيكون واعداً كَعلاجات امراض المناعة الذاتية الاخرى مثل التهاب المفاصل الروماتويدي وداء الذئب الاحمر، وحتى كَعلاج لأمراض القلب والأوعية الدموية والأمراض العصبية والسمنة.
قال الاُستاذ جيفري بلوستون إنه في المستقبل يمكن مزج العلاج باستخدام خلايا تي التنظيمية مع علاجات أخرى في المستقبل ‘ومصدر حُر لِخلايا بيتا المُنتجة للأنسولين’ للحفاظ على حالة المريض تحت السيطرة.
المصدر: هنا