بقلم: كريس بود.
قدمه: مارين في 12 ديسمبر 2018.
ترجمة: أيوب أوقاسي
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
ما الصورة التي تستحضرها كلمة “روبوت” ؟ بالنسبة للعديد منا، هي في الصورة الفورية، رجل/إمرأة معدنية، له تصرف وسلوك تماماً كالبشر، لكنه أكثر قوةً وسرعةً وأعلى ذكاءً (وعادة) تسليحه يكون مخيفاً.
وتعتبر الروبوتات أساسية في الخيال العلمي، ذلك بتكريس كتب وأفلام عديدة لقصص الروبوتات المنقلبة على مبدعيها أو حتى من تصبو لإستبدال البشر بشكل كلّي.
كلمة “روبوت” تأتي من المصطلح التشيكي “روبوتا”، ومعناه “السّخرة” أو (العمل بالإجبار). وقد صيغ المصطلح بواسطة كارل كابيك في مسرحيته “آر، يو، آر” (روبوتات روسوم العالمية، 1920). بعدها غدت فكرة أن يكون الروبوت كجزء من المجتمع البشري أكثر شيوعًا بفضل كاتب الخيال العلمي إسحق عظيموف عبر رواياته هائلة النجاح عن الروبوتات. في هذه الروايات رأى المستقبل الذي نَظَرَتْ وتصرفت فيه الروبوتات (مسترشدة بقوانين عظيموف الثلاثة للروبوتات) بنمط شبيه جدا للبشر، ولهم حتى حسّ بالأخلاق والغاية.
من الطبيعي أن نتساءل إن كان العالم الذي تصوره إسحق عظيموف سيظهر في الواقع. الآراء منقسمة حول هذا الموضوع. البعض يقول أن ذلك لن يحصل إطلاقًا، والبعض الآخر يقول أن ذلك سيحصل في المستقبل القريب. بعد أن رأيت النمو السريع للقدرة الحاسوبية في حياتي الخاصة، أنا أميل إلى اعتقاد أن ذلك سيحصل، وربما عاجلاً غير آجل. لكن واضح أنني قد أكون مخطأً في هذا التكهن بشكل ميؤوس منه.
بمعنى أن الروبوتات موجودة في كل الأرجاء فعلاً. السيارات الحديثة لا تُصَنع من طرف الروبوت فحسب، لكن العديد من أشغال محركاتها يتحكم فيها الكمبيوتر. وللهاتف الذكي الحديث مستوى من الذكاء والوظائف التي كانت ستبدو كمعجزة قبل خمسين سنة. لكن ورغم هذه التطورات، هذا يبدو كشوط طويل بعيد عن المستقبل الذي تصوره عظيموف بخصوص الكمبيوترات الذكية ذات العقول الإلكترونية.
الذكاء الاصطناعي:
مفتاح هذا المستقبل هو مسألة إن كان للروبوتات قدرة الحصول على ذكاء إصطناعي يستطيع منافسة (أو تخطي) ذكاء البشر. وينقسم الذكاء الاصطناعي عمومًا إلى صنفين.
الذكاء الاصطناعي القوي هو قابلية الكمبيوتر على إظهار الذكاء العام. والإختبار القياسي له هو إختبار تورينغ الذي ابتكره آلان تورينغ سنة 1950. الروبوت يجتاز اختبار تورينغ إذا تعذّر على الشخص الذي يحاوره معرفة ما اذا كان إنسان أم روبوت. كما ارتكز الفيلم الأخير “إكس ماكينا” إلى قصة إدارة هذا الإختبار، وكيف حصل كل ذلك الخطأ الفضيع.
وعكس ذلك، فالذكاء الاصطناعي الضعيف هو قابلية الروبوت ل (التدرب) ليقوم بمهمة معينة (حتى إن كانت صعبة). كمثال جيد على ذلك هو قدرة التعرف على الكلام. ويعتبر ذلك الآن روتينًا يوميًّا للكمبيوترات، وأجهزة الهاتف المحمول كمساعد آبل “سيري”، والمساعدين الشخصيين الإفتراضيين، بل حتى أنظمة الهاتف الخاصة بتأمين السيارات. وفي هذه الحواسيب، وبإستخدام خوارزميات رياضية، يكون ذلك قادرًا على التعرف وفهم الكلام المعقد إلى حد ما، وحتى تقديم إجابات على أسئلة بسيطة.
الذكاء الاصطناعي الضعيف يتم استخدامه بصورة روتينية في مهام كشف الإحتيال وفي روبوتات لعب الشطرنج. كما لديه تطبيقات تحويلية محتملة، في المركبات الآلية على سبيل المثال. وقد صار الآن تقدم الذكاء الاصطناعي صناعة نامية ويطلق عليه عادة التّعلم الآلي.
القصد هنا هو أن الذكاء يتم إدراكه، ولا يعتبر شيئاً يتم تعليمه لآلة (بمعنى برنامج كمبيوتر تقليدي)، بل هو شيء تتعلمه الآلة بمفردها، أي تتعلم تأدية مهام معقّدة بشكل مباشر من التجربة (أو البيانات) لتقوم بذلك. ومع تقدم سرعة الكمبيوتر بشكل مهول، والتطور في الخوارزميات التي تبرمجه، ينمو فعلاً التّعلم الآلي بسرعة بالغة، والخوارزميات التي نتجت عنه بدأت بإظهار تأثيرها الكبير على حياتنا. وكثيرًا ما تجاوزوا أداء البشر في هذه المهام. كمثال، الإعلانات الموجودة على موقع غوغل في الويب توضع من طرف خوارزمية للتّعلم الآلي. في سنة 2015، تمّ توليد دخل قدره 66 مليار دولار. ووفقًا للمدير التنفيذي لشركة غوغل ساندر بيتشاي، “التّعلم الآلي هو نواة أساسية تحولية، نعيد بفضلها التفكير في كل ما نقوم به”.
ممكن أن يُستخدم التّعلم الآلي في المستقبل للتّشخيصات الطّبّية، ولتكييف الخدمات العامة للمستخدمين. تبدو الإحتمالات لا نهائيّة تقريبًا.
المصدر: هنا