كتبه لموقع “بيغ ثينك”: فيليب بيري
منشور بتاريخ: 11/2/2018
ترجمة: نجوى سليمان
تدقيق: أمير صاحب
تصميم الصورة: أحمد الوائليّ
إن الطرق المتبعة لعلاج السرطان في الوقت الحاضر ليست فعالة على الدوام كما إن لها آثاراً جانبية سيئة تؤثر على صحة الإنسان. و مما يزيد من خطر هذه الآثار بصورة كبيرة هي علاجات مثل العلاج الاشعاعي و العلاج الكيميائي و عدد المرات التي يحتاجها المريض للخضوع لمثل هذه العلاجات. لذلك قام باحثون من جامعة ستانفورد بتطوير تقنية تعتمد على عاملين عندما يجتمعان، فإنهما ينذران الجهاز المناعي في الجسم بوجود خلايا سرطانية ليقوم الجهاز المناعي بدوره بإزالتهما.
إن بإمكان حقنة واحدة فقط أن تكون فعالة للأورام الصلبة و لذا فإن هذه الطريقة المتبعة تقلل (تحدد) الآثار الجانبية السيئة و بالتالي فإنها تكون ذات فعالية أكبر من الطرق المتبعة الان. هذه النتائج تم نشرها في مجلة (ساينس ترانزيشنال ميديسن). و يخبرنا الدكتور “رونالد ليفي” المسؤول عن الدراسة، في تصريح له لـ(ميديكال نيوز دايلي): “عندما نقوم بجمع هذين العاملين معاً فإننا نلاحظ اختفاء الأورام من جميع أنحاء الجسم”. قام الدكتور “ليفي” و زملائه بحقن فئران مصابة بأورام خبيثة صلبة بمستويين دقيقين من (عوامل التحفيز المناعي) و مما استرعى انتباههم إنها لم تؤثر على الورم المحقون فقط و إنما الأورام البعيدة عنها أيضا في داخل الجسم. يعتقد الباحثون بأن هذه الطريقة ستساهم في علاج مختلف أنواع السرطان حيث أن استخدام (خلايا-تي) لقتل السرطان كان محط اهتمام العلماء في مجال العلاج المناعي منذ زمن بعيد.
بالرغم من أن (خلايا-تي) لها قابلية كبيرة في محاربة الخلايا السرطانية ألا أن الأخيرة تقوم ببعض “الحيل” لتلتف حولها و تفتك بالجهاز المناعي بالكامل. ولذا يستهدف العلاج المناعي أن يرفع من جاهزية الجهاز المناعي ليكون بإمكانها التعرف على الخلايا السرطانية و إبادتها.
تجري حالياً تجارب سريرية لرؤية ما إذا كان بالإمكان الحصول على ذات النتائج مع البشر. يشترك 15 مريضاً مصاباً بدرجات منخفضة من الليمفوما (سرطان الغدد اللمفاوية). لقد تم إختيار المصابين بهذا النوع من السرطان بالذات لأن هذا المرض يؤثر مباشرة على الجهاز المناعي و بالتالي فإن الاستجابة يجب أن تكون أقوى للعلاج.
أحد العامِلَين تمت الموافقة عليه من قبل سلطة إدارة الغذاء والدواء الأمريكي بالفعل و يبقى العامل الآخر تحت التجربة السريرية لعلاج الليمفوما مما ساهم في انسياب العمل بسلاسة أكبر. إن من المثير معرفة، أنه بالإضافة إلى كونها فعالة، فإن العاملين المستخدمين بهذه الطريقة لا يكلفان الكثير. يقول الدكتور ليفي: “إن هذه الطريقة “تعلم” الجهاز المناعي كيف يحارب ذلك النوع المحدد من السرطان و بعدها تهاجر لتقضي على جميع الأورام الموجودة”.
يوجد العديد من طرق العلاج المناعي المختلفة تحت التطبيق اليوم، بعضها يقوم على تفعيل الجهاز المناعي في كل أنحاء الجسم، وأخرى يتم فيها استئصال خلايا مناعية من جسم المريض نفسه ليتم هندستها جينيا لتفتك بالسرطان. فيما يقوم آخرون بتعطيل بعض مفاتيح الخلايا المناعية و التي تتسبب في تحديد قابليتها على محاربة السرطان. من سلبيات هذه الطرق إنها أما تكلف الكثير من المال أو إنها تستغرق الكثير من الوقت أو إن لها آثاراً جانبية سيئة. ولكن، وبحسب الدكتور ليفي فإن: “هذه الطريقة الجديدة تتجاوز الحاجة إلى تعيين أهداف مناعية محددة بورم ما ولا تتطلب تفعيل الجهاز المناعي بأكمله أو تشخيص الخلايا المناعية للمريض، حيث إن الحقن الثنائي يتضمن مايكروغرام واحد من كل عامل.
تتميز هذه الطريقة بسهولة التطبيق و قلة الكلفة و لربما تكون أكثر فعالية من العلاج الكيمياوي و العلاج الإشعاعي. يتضمن تركيب الحقنة ارتباط قطعة صغيرة صناعية من الحمض النووي تدعى (اوليغونيوكليوتايدCpG) بالمُستَقبِل (أو اكس40) و يوجد الأخير على السطوح الخارجية للخلايا-تي. أما العامل الآخر فأنه عبارة عن جسم مضاد والذي يترابط مع الخلايا-تي وينشطها. حالما تعمل على ورم ما، فإن خلايا-تي المزودة بالطاقة تنتقل في أنحاء الجسم و تقتل جميع خلايا السرطان المشابهة.
لاختبار هذا العلاج، قام الباحثون بحقن 90 فأراً يعاني من الليمفوما و كانت النتيجة أن 87 فأراً من أصل 90 أصبح خالياً من السرطان. و حين عاودت خلايا السرطان ظهورها في الثلاث حالات المتبقية، تم حقن تلك الفئران مرة أخرى ليتم علاجها تماماً من الورم بدون أن تعاود ظهورها مرة أخرى. أظهرت التجارب نفس النتائج عند اجراء الاختبار على فئران تعاني من سرطان الثدي، سرطان الجلد، وسرطان القولون.
التحفظ الوحيد على هذه الطريقة هي أن الخلايا-تي تقوم بمهاجمة نوعية السرطان التي حُفِّزَت لقتاله أول الأمر حيث أن الفئران التي كانت تعاني من الليمفوما و سرطان القولون معاً أظهرت أن الليمفوما وحدها قد تمت ابادتها. بمعنى أن الخلايا-تي يتم تدريبها لقتال نوع محدد من السرطان و هكذا فإنها تركز عليه مستقبلاً.
في حال نجحت هذه الطريقة على البشر، يتوقع الدكتور “ليفي” و زملاءه أن يتم الحقن بعد التدخل الجراحي لإزالة الورم الصلب لضمان عدم ظهور الخلايا السرطانية مرة أخرى. يمكن لهذه الطريقة أيضا أن تبيد أوراما متبرعمة حديثا والناتجة عن طفرات وراثية حيث يؤكد الدكتور ليفي أنه ليس هناك سرطان لا يمكن علاجه بهذه الطريقة طالما أن بإمكان الجهاز المناعي التسلل إليه.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا