ترجمة: رشا الخطيب
تدقيق: نعمان البياتي
تصميم: حسام زيدان
كتبه لمجلة ”آي إن سي“ جيسيكا ستيلمان
بتاريخ 29 سبتمبر 2017
يعاني البشر من الشعور بالخوف من فوات شيء ممتع منذ بداية التاريخ البشري على الأرجح، ولكن عصر مواقع التواصل الاجتماعي المليء بالقلق الأبدي تمكن من إقصاء الناس اجتماعياً، ليصبح المصطلح مستحقاً لاختصارٍ خاصٍ به (FOMO)، وبسبب منشورات الجميع المعبرة عن الانشغال والسعادة بمواقع التواصل، فقد نال منا الخوف من فوات الشيء بشكل خطير حالياً.
شعورك بالقلق المستمر من أن الجميع لديهم المزيد من الأصدقاء ويحظون بالمتعة أكثر منك ليس بدعابة، فقد أظهرت دراسات جادة (بالإضافة إلى تجربتك الشخصية على الأرجح) بأن شعورك بأنك لست ناجحاً اجتماعياً قد يسبب ألماً عاطفياً حقيقياً. ولطالما كانت الوحدة أكثر خطورة من السجائر.
لحسن الحظ وجد مجموعة من العلماء من جامعة هارفرد وجامعة كولومبيا البريطانية بكندا علاجاً جزئياً على الأقل لهذه المشكلة الشائعة جداً: الكثير من الصُحبة لتخليصك من بؤسك.
لا تشعر بالوحدة وحدك
لأجل الدراسة، تم الاستعانة بنماذج لما يمكن أن تكون أكثر المخلوقات قلقاً على الإطلاق – طلاب السنة الأولى بالجامعة، فقد جمع الباحثون 1099 منهم وسألوهم عن عدد الأصدقاء ومقدار المتعة التي يعتقدون أن الطلاب الآخرين يعيشونها، بالإضافة إلى مقدار سعادتهم والتفاعل الاجتماعي الذي يحظون به.
الخبر السيء أن الخوف من فوات الشيء، في الواقع، منتشر بشكل مذهل. مبدئياً، قال نصف الطلاب الذين أُجريت عليهم الدراسة (48 بالمائة) أنهم يشعرون أن الطلاب الآخرين كانوا يبلون أفضل منهم اجتماعياً. وهذا الاعتقاد كان، كما يمكنك أن تتوقع، مشكلة كبيرة جداً للطلاب الجامعيين القلقين. تَتَبَّعَ جزء آخر من البحث 389 طالباً بالسنة الأولى، ووجد ارتباطاً وثيقاً بين الاعتقاد بأنك تبلي أقل من الأخرين نسبياً في اكتساب الأصدقاء وبين الشعور بالتعاسة.
وعلَّقَت (آشلي ويلانز)، الأستاذة بكلية هارفرد للأعمال التي شاركت بالبحث، “حتى وإن كنتَ تُبلي حسناً اجتماعياً، فإنك ستواجه مستويات متدنية من الرفاهية والانتماء إذا اعتقدتَ أن الآخرين لديهم المزيد من الأصدقاء”. أما عن الخبر الجيد فإن هناك منظوراً آخر لنفس نتائج الدراسة، حيث تشير هذه الأرقام أنك إذا كنت تشعر بالوحدة فأنت لست الوحيد، ومن المرجح أنك أسأت تقدير موقعك النسبي بين التحديات الاجتماعية؛ ومع انتشار الشعور بالخوف من فوات الشيء فإن أغلب الأشخاص الذين يتعرضون له يسيئون تقدير مستوى نجاحهم الاجتماعي.
هل يجعل “الفيس بوك” شعورنا بالخوف من فوات الشيء أسوأ؟
وفقاً للباحثين، عادةً ما يتلَّخص القلق بشأن الأداء الاجتماعي بالجامعة في الطبيعة العامة للحياة الجامعية.
وكما فسر (فرانسيس تشين)، مصمم دراسة طلاب السنة الأولى بالجامعة، “إن النشاطات الاجتماعية مثل تناول الطعام أو المذاكرة مع الآخرين، تميل إلى أن تكون في المقاهي والمكتبات حيث يمكن رؤيتهم بسهولة، قد يبالغ الطلاب في تقدير مقدار الاختلاط الاجتماعي لأقرانهم لأنهم لا يرونهم يتناولون الطعام أو يذاكرون بمفردهم.”
بالطبع لا يقضي أغلبنا وقته في صف لشراء عجة البيض بالمقصف أو في أَقْبِيَة المكتبة، لكن هذا لا يعني أن هذه الأفكار لا تنطبق على من تركوا الجامعة منذ وقت طويل. لم يدرس الباحثون المراحل المتقدمة من شعور الخوف من فوات الشيء، ولكن بفضل الفيس بوك ما زلنا نعيش حياتنا (أو على الأقل نسخة ملمعة من حياتنا) بالعلن بعد تخرجنا بمدة طويلة. يخبرنا التفكير السليم أن هذا على الاقل جزء من سبب اعتقادنا أن الآخرين يحظون بالمتعة من غيرنا.
في لقاء مع (ويلانز) بالإذاعة الوطنية العامة، وافقت على أن الفيس بوك يُخلِّد فكرة أن الأشخاص الآخرين أكثر اجتماعية منك. وأضافت قائلة “عادة ما نفشل في التواصل عندما نفشل وقد يكون هذا سيئاً لنا وكذلك للشبكة الاجتماعية خاصتنا”
ولكن وفقاً لهذا البحث، فإن هذا القلق شائع جداً ليكون صحيحاً بمعظم الأوقات، ولعلّ معرفة هذا تهدئ من قلقك قليلاً، ولكن تقليل استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (أو حتى الابتعاد عن لحم الديك الرمي البارد إذا استطعت هضمه) قد يكون جديراً بالنظر إذا كان خوفك من فوات السيء يقف في طريق سعادتك.
الآراء المذكورة هنا خاصة بكتاب العواميد بموقع ” انك” ولا تعبر عن رأي الموقع.
المقال باللغة الانكليزية: هنا
شاهد أيضاً
القضاء على الفقر المدقع في شرق اسيا ومنطقة المحيط الهادي
ترجمة: سهاد حسن عبد الجليل تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: أسماء عبد محمد في …
عملية هدم الحضارة
ادريان ولدرج يرثي انهيار منظومة العادات والاعراف بقلم : ادريان ولدرج ترجمة: سهاد حسن …