الحلقة الرابعة: معادلات ترسم لنا الجمال
هناك طريقة بسيطة جداً تمكننا من قياس البعد الفركتلي تسمى طريقة عد المربعات (box-counting). تقوم هذه الطريقة على رسم الشكل الفركتلي على ورقة بيانية ثم حساب عدد المربعات البيانية في الشبكة كاملة ولتكن h، وبحساب عدد المربعات البيانية في الشبكة التي تحتوي ولو على جزء صغير من الشكل الفركتلي وليكن عدد هذه المربعات N، والآن البعد الفركتلي D هو حاصل المعادلة التالية المتضمنة للوغارتم عدد المربعات التي يغطيها الشكل، مقسوماً على لوغارتم مقلوب العدد الكلي للمربعات في الورقة.
D=log(N)/log(1/h)ونشير هنا إلى أن البُعد الفركتلي يكون أكثر دقة كلما صغرت مربعات الورقة البيانية وكثر عددها. ومع بساطة هذه الطريقة إلا أنها ليست دوماً بالدقة اللازمة. هنالك أسلوب أكثر تعقيداً قليلاً من أسلوب حساب المربعات وهو ما يعرف ببعد هاوزدورف ويمكن حسابه من معرفة عدد التكسرات التي تعانيها القطعة الأصلية بكل دورة تغذية راجعة في خوارزمية توليد الشكل الكسوري، إضافة إلى مقلوب الطول النسبي لكل قطعة صغيرة، توضيح في الهامش (2)، ثم نأخذ لها اللوغارتمات ونقسمها، وحسب المعادلة التالية:
d=log(N)/log(s)
حيث s تمثل مقلوب طول كل قطعة من الشكل الفركتلي بالنسبة لطول الشكل كاملاً، N تمثل عدد القطع التي يقسم لها الشكل الفركتلي بكل دورة للتغذية الراجعة. ورغم إن هذه الطريقة قد تبدو بسيطة هي الأخرى لكن ستراها تبدأ بالتعقيد والصعوبة كلما تعقدت الأشكال الفركتلية المراد معرفة بُعد هاوزدورف لها.
من خلال تكرار تطبيق نظام معادلات من 3 أو 4 معادلات بحلقات تغذية راجعة وبتغيير بعض من الشروط الأولية لهذه المعادلات ستحصل على أشكال فركتلية غاية في الغِنى والإختلاف، وهذا ما يطلق عليه (نظرية الفوضى). حيث لتغييرات بسيطة في الشروط الأولية أن تحدث تغيرات هائلة (3) في ما تحاول الهندسة الفركتلية إيجاد النظام لما يبدو للوهلة الأولى مجرد فوضى عارمة. من هنا يبدو لك سبب وجود عدد لانهائي من الأشكال الفركتلية جلياً حيث إن أي تلاعب بالمعادلات ينتج لك شكلاً أخر مختلف تماماً عن سابقه.
مما سبق يبدو لك إن الهندسة الفركتلية جميلة وآخذة، وبنفس الوقت تقف خلفها رياضيات لاتنقصها الصعوبة والأناقة على حدٍ سواء. لكن إذا كنت تعتقد إن انتشار الأشكال الفركتلية في حياتنا جميل ومغري فلإنك لم تحاول في حياتك تنظيف سطح “اسفنجة مانجر” (4) Menger Sponge.
============
الهوامش:
(1) البعد الإقليدي: نكتفي هنا بالإشارة إلى أن الفضاء الإقليدي ذو البعد الواحد هو عبارة عن خط، فيما يمثل الفضاء الإقليدي ذو البعدين مستوي، والفضاء الإقليدي ذو الثلاثة أبعاد يُمثل بمجسم له ثلاثة مساقط نسميها اصطلاحاً (طول، عرض ،ارتفاع)، البعد التبولوجي هو عبارة عن تعميم وتجريد رياضي لهذه الفكرة. حيث إن الفضاءات التبولوجية فضاءات لاتعير أي أهمية للتغيرات التي لاتتضمن قطع أو توصيل. لمعلومات أكثر دقة يرجى الدخول على الرابط: هنا
المترجم
(2) لنأخذ منحني فان كوخ الذي مر بنا، هو منحني يقوم على تقسيم قطعة مستقيم لثلاث اجزاء ورسم مثلث بدل الجزء الثالث لذلك، وبذلك يصبح لدينا 4 قطع مستقيم يبلغ طولها ثلث الطول الأصلي لقطعة المستقيم. هذا الرابط لمزيد من الشرح () الآن بعد هاوزدورف لهذا الشكل يمثل
D=log(4)/log(3)=1.6219
هناك طرق عديدة لحساب بعد هاوزدورف منها إدخال عدد المعادلات التي تدخل في كل حلقة تغذية راجعة لتوليد الشكل إضافة لمعامل تصغير الشكل بدل عدد الكُسيرات وطولها.
المترجم
(3) نظرية الفوضى Chaos Theory: نظرية رياضية تقوم بدراسة الأنظمة الديناميكية ذات الحساسية المفرطة للتغيرات الطفيفة في الشروط الأولية كنا في المشروع العراقي للترجمة قد تناولناها بشكل مختصر من خلال المعادلة 16 من مقال السعي وراء المجهول للإطلاع: هنا
المترجم
(4) اسفنجة مانجر: شكل فركتلي مكعب، له مساحة سطحية لانهائية وبنفس الوقت حجمه يساوي صفر! هل أنت مستغرب لذلك؟ يبدو إنك لم تستوعب بعد مفارقة حساب طول الساحل الإنكليزي أو فكرة منحني فان كوخ. الهندسة الفركتلية تسمح لهذه الغرابة بالتواجد! لمشاهدة اسفنجة مانجر: هنا
المترجم
====================
السلسلة كاملة:
المقال باللغة الإنكليزية: هنا