“أينما وجدت الموسيقى، ثمة حياة. وأينما كانت الحياة، ثمة موسيقى”
بقلم : البروفسور وليام كليم
أوركستالية، روك، ريفية أو جاز، معظم كبار السن يحبون أن يستمعوا إلى نوع معين من الموسيقى، فبإمكان الموسيقى أن تساعد على تهدئتنا أو تصيبنا بالنشاط وأن تسعدنا أو تحزننا. ولكن من المؤكد أن نوع الموسيقى الذي نستمع له يمكنه أن يكون إيجابياً ومعززاً وإلا ما كنا لنستمع له، وكما قال صديقي عازف البوق “ريتشارد فيلبس” في عيد ميلاده الثمانين “أينما وجدت الموسيقى ثمة حياة، وأينما وجدت الحياة ثمة موسيقى”.
قليلة نسبياً تلك الأبحاث التي أجريت حول تأثير الموسيقى على أدمغة كبار السن ولكن مؤخراً بحثت دراسة عن أثر الموسيقى على سرعة دماغ كبار السن وأثرها على نوعي الذاكرة الدلالية والعرضية، لم يكن المبحوثون موسيقيون وكان متوسط أعمارهم 69 عاماً، وكانت شروط الاختبار ألا يتم التحكم بالموسيقى، وأن يتحكم بالضوضاء، واستخدام تسجيلين أحدهما لموزارت والآخر لماهلر.
واختير المبحوثين الذين بلغ عددهم خمس وستون شخصاً ضمن أربعة فئات بشكل متساو، تم تشغيل الموسيقى على مستوى منخفض قبل وخلال الاختبارات المعرفية التي تٌعنى بالسرعة العقلية ونوعي الذاكرة الدلالية والعرضية. كان اختبار الذاكرة العرضية أن يحاول الفرد تذكر 15 أمراً من القائمة المعروضة خلال دقيقتين. أما الذاكرة الدلالية فكان اختبارها أن يحاول الفرد كتابة أقصى عدد من الكلمات حول موضوع ما .
استخلص الباحثون هذه النتائج:
– كان أداء السرعة العقلية أفضل عند الاستماع لمقطع موزارت، أما مقطع ماهلر أو أي ضوضاء أخرى فلم تظهر تحسناً في السرعة.
– أظهر اختباري الذاكرة تحسناً في كلا المقطعين الموسيقين دون فرق يذكر، بينما لم يظهر أي تحسن عند سماع الضوضاء
– أظهرت الذاكرة الدلالية تحسناً كبيراً عند سماع المقطعين الموسيقيين بدلاً من الضوضاء وأظهرت تحسناً ملحوظاً عند سماع موسيقى موزارت تحديداً مقارنة بحالة الهدوء .
وبالأخذ بعين الاعتبار أن العواطف بإمكانها أن تكون عاملاً مرتبطاً، نظم الخبراء استبياناً حول المزاج العام في كلا المقطعين الموسيقيين والضوضاء، أعطى مقطع موزارت لدى المبحوثين سعادة أكبر من مقطع ماهلر والضوضاء أما مقطع ماهلر صنف على أنه الأحزن ضمن الباقي.
وهكذا، ارتبطت الموسيقى السعيدة والحزينة بتعزيز سرعة العملية العقلية وخمّن الباحثون أن الأفراد السعيدون كانوا أكثر يقظة ووعي. وما أثار الدهشة أن الموسيقى الحزينة والسعيدة قد نشّطت نوعي الذاكرة في مقابل حالتي الضوضاء و الهدوء ولكن ليس من الواضح إلى الآن ما إذا كان بإمكاننا أن نعمم هذه الملاحظة.
أشار الباحثون – دون تأكيد – على أن المقطعين اللذان كانا من الآلات الموسيقية الهادئة افتقرا للصخب والكلمات التي من شأنها تشتيت الذاكرة وأظن أن هذه النقطة مهمة وأساسية فعندما ترافق الكلمات الموسيقى ينشغل العقل بمحاولة سماع الكلمات وفهم معناها وعملية التفكير هذه ستتداخل بالتأكيد مع عملية استذكار الأحداث أو المعلومات السابقة. كما أن تحسن الذاكرة لن ينجح مع الموسيقيين الذين يولون بالعادة اهتماماَ أكبر لتفاصيل نوعية الموسيقى عوضاً عن مجرد الاستماع.
وهناك نقطة لم تؤخذ بعين الاعتبار وهي أن لكل شخص نوع مفضل من الموسيقى فهناك من لا يحب الموسيقى الكلاسيكية وومن الممكن أن تكون معلومات هذه الدراسة مشوشة إذا كان عدد من المبحوثين لا يفضلون الموسيقى الكلاسيكية مثلاً. بكلمات أخرى يمكن لنتائج هذه الدراسة أن تكون مختلفة إن استمع كل فرد إلى موسيقاه المفضلة.
عن نفسي، الأمر الذي أذكره جيداً أني استمعت كثيراً لىتسجيلات الجاز في حين كنت أحفظ منهاج الطب البيطري وأعتقد أن موسيقى الجاز السعيدة قللت من التوتر والإجهاد، والآن أرى أن الاستماع المتكرر إلى الموسيقى المحببة لي ساعد ذاكرتي كثيراً.
على أية حال أنا اعتبر الآن من فئة كبار السن وأرى أن هناك سبباً وجيهاً يدفعني للاستمرار في الاستماع للموسيقى وهو أنها يمكن أن تكون علاجاً فعالاً للتقدم بالسن.
“لم يكن البشر دائماً هنا… ولكن الموسيقى كانت” – تايلور سويفت
المصدر: أضغط هنا