كلّنا نعلم أنّ قلّة النوم مضرّة جدّاً لصحّتنا، فهي مرتبطة بزيادة الوزن ونقص المناعة وأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن للأسف ليس بإمكان الجميع أخذ ما هو موصى به من سبع الى ثمان ساعات من النوم ليلاً، وهذا بسبب مش…اغل الحياة.
لكنّ دراسةً جديدة واعِدة ولو قليلاً، تشير إلى أن القيلولة القصيرة لا تجعلنا نشيطين أكثر فقط، إنّها قادرة أيضاً على إزالة الجهد ومعالجة ضعف المناعة التي تسبّبها قلّة النوم.
يقول برايس فاراوت “Brice Faraut” من جامعة السوربون في باريس – فرنسا الذي شارك في هذا البحث، في بيانٍ صحفي له:
«البيانات تشير إلى أن أخذ قيلولة لمدّة 30 دقيقة يمكنها أن تعكس وتعالج التأثُّر الهورموني الذي يسبّبه قلّة النوم ليلاً، هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي وجدت أن القيلولة بإمكانها أن تعيد النشاط الحيوي للغدد الصمّاء العصبية ومناعة الجسم للمستوى الطبيعي.»
قام الباحثون بدراسة وملاحظة 11 رجلاً في صحّةٍ جيدة، وتتراوح أعمارهم ما بين 25 و 30 سنة، خضعوا لإختبار النوم في المختبر حيث تمَّ التحكُّم بدقّة بكل من الإضاءة والطعام.
خلال واحدة من إحدى الجلسات الثلاث، سُمِحَ للمشاركين بالنوم لساعتين فقط خلال اللّيل ولم يُسمَح لهم بأخذ قيلولة في اليوم الذي يليه. لكن في جلسةٍ أخرى تمكّن المشاركون من أخذ قيلولتين لمدّة 30 دقيقة خلال اليوم التالي الذي تلى حرمانهم من النوم ليلاً، وأيضاً سمحوا للرجال المشاركين بأن يناموا قدر ما يشاؤون، ومن ثمَّ ملاحظة ما جرى عليهم.
خلال هذه التجربة، قام الفريق خلال فترة العصر بدراسة مستوى الهورمونات والبروتينات في البول والعرق للمشاركين فيها. ووجدوا أنّ هؤلاء الرجال عندما سُمِحَ لهم بالنوم لساعتين فقط من دون أخذ قيلولة كان هنالك زيادة بمقدار 2.5 ضعف في مستوى هورمون نورإيبنفرين “norepinephrine” – وهو هورمون وناقل عصبي يدخل في مقاومة الجسم وإستجابته للإجهاد.
مستويات بروتين انترلوكين 6 “interleukin-6″، وهو بروتين يمتلك خواص مضادّة للفيروسات ، انخفضت أيضاً في اللّيلة التي لم يأخذ فيها المشاركون كفايتهم من النوم، ممّا أدّى إلى إضعاف نظام المناعة لديهم.
ولكن عندما سُمِحَ للمشاركين بأخذ قيلولة في اليوم التالي، وجد الباحثون أنّ مستويات هورمون النورإيبنفرين وبروتين انترلوكين 6 لم تتغيّر، ممّا أدّى إلى إستنتاج أنّ نظام مناعتهم ومستويات الإجهاد التي تعرّضوا لها قد استعادت طبيعتها بعد أخذهم للقيلولة.
وقال فاراوت في بيانه الصحفي: «إنّ القيلولة تعتبر وسيلة للحدّ من الآثار المضرّة لقلّة النوم، من خلال مساعدة الجهاز العصبي والمناعي في إستعادة وظائفه،» وأضاف قائلاً: «هذه النتائج تدعم تطوير استراتيجية عمليّة لمعالجة الذين يعانون من حرمان مزمن في النوم، مثل أولئك الأشخاص الذين يعملون في اللّيل أو عمّال المناوبة اللّيلية.»
الأمر المثير في هذه الدراسة، أنّها قد أُجريَت على فئةٍ صغيرةٍ ومستويات الهورمونات معروفة بتذبذبها وتغيّرها خلال اليوم، لهذا فإنّ هذا الأمر يحتاج بالتاكيد إلى المزيد من الإختبارات قبل أن يتم الإعلان بشكلٍ نهائي بأنّ القيلولة قادرة على معالجة كل الضرر الذي يسبّبه قلّة النوم اللّيلي. لكنّ الحقيقة القائلة بأنّ القيلولة هي طريقة ممارسة سهلة التنفيذ عمليّاً تجعل من هذا البحث واعِداً حدّاً.
نُشِرَت هذه الدراسة في مجلّة علم الغدد الصمّاء والأيض السريرية “The Journal of Clinical Endocrinology & Metabolism,”، وضع الباحثون استنتاجاً مختصراً مفاده: «إنّ القيلولة ممارسة يمكن المداومة عليها بسهولةٍ في حياتنا اليومية كوسيلة مضادّة للآثار الصحيّة السيئة التي يسبّبها قلّة النوم.»
هنالك جامعة في المملكة المتّحدة فتحت مؤخّراً غرفاً لطلّابها من أجل أن يأخذوا قيلولةً فيها، وهنالك شركات أيضاً مثل شركة الجوجل “Google” قامت بتطبيق هذه الفكرة، نحن نآمل فقط أن يكون تطبيق هذه التجربة مقبولاً ومرّحباً به أكثر – لأنّ مجرّد النظر إلى كل الدلائل، نجد بأنّ أجسادنا تعمل بشكلٍ أفضل عندما نكون نائمين.
واكتشف في هذا الفيديو، ما الذي قد يحدث لك إن توقّفت عن النوم تماماً: هنا
المصدر: هنا