ولكن هذا ليس بخيال علمي فقط. بالطبع لا يزال العلماء بعيدون عن تحقيق هذا بالنسبة للبشر – وحتى لو استطاعوا؛ فستكون هناك حواجزٌ أخلاقيةٌ كبيرة -؛ ولكن هناك الآن فريقٌ دوليّ من الباحثِين قد تَمكنوا من تحقيق هذا باستخدام دودة (الربداء الرشيقة -Caenorhabditis elegans). هذه الدودة هي أحد الديدان الخيطية التي درسها العلماءُ على نحوٍ كبيرٍ، ولدينا المعرفة الكاملة بجيناتِها، كما دُرِسَ جهازُها العصبي عدة مرات.
هنالك عملٌ جماعيٌّ الآن يُدعى (Openworm)، قام بمسح كل الشبكات بين الخلايا العصبية للدودة البالغ عددها 302 شبكة، وتمكنوا من محاكاتها برمجيًا. الهدف النهائي للمشروع هو محاكاة الدودة «الربداء الرشيقة» ككائنٍ افتراضي، ولكن لم يتمكن العلماء حتى هذه اللحظة إلا من محاكاة الدماغ فقط، وقاموا بتحميل نسخةٍ منه على روبوت «ليغو» بسيط.
يحتوي هذا الروبوت على كلِّ الأطرافِ والمتحسِّسات التي تكافيء تلك الموجودة في الدودة. فمثلًا؛ تم إضافة مُستشعِر سونار بدلا عن الأنف، ومحركاتٍ لمحاكاة الأطراف على كل جانبٍ من الجسم.
وبصورةٍ مدهشة، ودون أي تعليماتٍ أو برمجةٍ للروبوت؛ تمكن برنامجُ المحاكاةٍ من التحكم وتحريك روبوت الليغو.
وقالت لوسي بلاك (Lucy Black) في موقع (I Programmer): «يُقال أن الروبوت تَصرَّف بطرُقٍ مشابهة لتلك التي تتصرف بها الدودة. فتحفيز الأنف أوقف الحركة الأمامية، وأدّى لمس أجهزة الاستشعار الأمامية والخلفية إلى تحرك الروبوت وفقًا لذلك، كما أن تحفيز مُتشعِر الغذاء نتج عنه تحرُّك الروبوت إلى الأمام».
في هذا الفيديو يظهر روبوت الليغو متحركًا، ليتوقف بعدها ومن ثَم يعاود الحركة إلى الوراء
[youtube url=”https://www.youtube.com/watch?v=YWQnzylhgHc&feature=youtu.be” width=”500″ height=”300″]بالطبع لا تزال محاكاة الدماغ غير دقيقة، وكان على الباحثِين تبسيط العملية التي تقوم بتفعيلِ عصبٍ معيَّنٍ ليبدأ. ولكن حقيقة أن هذا الروبوت يمكنه الحركة، والتوقُّف قبل أن يصطدم بشيء، وعكسَ حركتِه باستعمال شبكة اتصالاتٍ عصبية تحاكي دماغ الدودة؛ أمرٌ لا يُصدَّق.
ويعمل العلماءُ الآن على إجراءِ مسحٍ كاملٍ لكافة الشبكات العصبية في دماغ الإنسان، لتكوين خريطة عصبية تُدعَى (Connectome). وحتى لو لم نستَطِع تحميل أدمغتنا على الحواسيب؛ إلا أن قدرتنا على محاكاةِ دماغٍ بشريٍّ سيساعد على إحداثِ ثورةٍ في الذكاء الاصطناعي والحواسيب.
وإذا ما تمكنّا يومًا من الوصول إلى مرحلةٍ يمكننا فيها تحرير أدمغتنا من هذه الأجسام الضعيفة المستضيفة لها؛ فستكون النتائج مُذهلةً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ.
المصدر: هنا