———————–
ترجمة: رغد قاسم
مُراجعة: علي أدهم
———————–
أظهرت دراسة أن مادة موجودة في نبات (البروكولي)- أحد أنواع القرنبيط- بإمكانها تخفيف أعراض التوحد، حيث أُجرِي البحث الذي قام بهِ علماءٌ من جامعة جون هوبكنز (John Hopkins) في الولايات المتحدة على مادةٍ كيميائية تعرف باسم السلفورفان (sulforaphen)، وتوجد هذهِ المادة في براعم البروكولي؛ والتي عُرِفت مسبقاً باحتوائها على خصائص محارِبة للسرطان.
أُعطيَت المادة إلى 26 مريضاً ذكراً؛ تتراوح أعمارهم بين 13 و27 عاماً، و يعانون توحداً حاداً أو متوسطاً. أدّى المركب في غالبية المشتركين إلى تحسُّنٍ جوهريٍّ في تواصلهم اللفظي وتفاعلهم الاجتماعي؛ مع انخفاضِ طقوسهم الروحانية المتكررة مقارنةً مع مرضى آخرين تم مُنحوا علاجاً وهميّاً. ونُشر البحث في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة (Proceedings of the National Academy of Sciences).
وقال الباحث الصيدلي بول تالالي (Paul Talalay) من جامعة (جون هوبكينز): «نحن نؤمن أن هذا قد يكون تمهيداً لتطوير أول علاج للتوحد، والذي يُحسن الأعراض ظاهرياً عن طريق تصحيح بعض المشاكل الخلوية».
يُقدر عدد المصابين بالتوحد بنحو 1 إلى 2 في المائة من سكان العالم، و يصيب الأولاد أكثر من البنات، ورغم انتشار المرض؛ ما زال العلماء يناضلون لفهم الأسباب البايولوجية للأعراض السلوكية والاجتماعية للمرض.
يقول أندرو زايمرمان (Andrew Zimmerman)؛ الباحث المساعد في المركز الطبي بجامعة ماساتشوستس التذكارية (Massachusetts Memorial): «نحن بعيدون عن القول بقدرتنا على الانتصار على التوحد، لكن بإمكان هذا البحث أن يُعطينا رؤية مهمة الى ما يمكن مساعدتنا على ذلك».
أوضحت الدراسات أن هناك بعض التشوُّهات الكيميائية ترتبط بمن يُعانون من اضطرابات طيف التوحد، وهي تتعلق بكفاءة الخلايا المولدة للطاقة، حيث تحتوي خلايا المصابين بالتوحد غالباً على نسب عالية من المواد المؤكسدة المسؤولة عن بناء مركبات عرضية ضارة خلال استخدام الخلية للأكسجين، والتي يمكن أن تُسبب الالتهابات وتُحطم الحامض النووي وتؤدي أيضاً إلى السرطان وغيره من الأمراض المزمنة.
في عام 1992؛ كان البحث الذي أجراه (تالالي) قد أوضح أن بإمكان مركب (السلفورفان) أن يُساعد في دعم و إسناد دفاعات الجسم الطبيعية ضد الأكسدة، وتولدت من هناك فكرة اختبار المركب على مرضى التوحد.
في التجربة الطبية التي شملت 40 مريضاً؛ أُعطي 26 شخصاً منهم 27 ميلغراماً من (السلفورفان) يومياً، بينما استلم البقيةُ العلاجَ الوهميَ (البلاسيبو). ولوحِظت التغيّرات في السلوك بعد 4 و10 و18 أسبوعاً، حيث أُوقِف العلاج بعد الأسبوع الثامن عشر؛ واستمرت مراقبة المرضى لأربعة أسابيع بعدها.
من بين الستة و عشرين مريضاً الذين أُعطوا المركب من نبات البروكولي؛ اختبر 46% منهم تَحسّناً واضحاً في التواصل الاجتماعي، وأظهرَ 54% تحسُّناً في سلوكياتهم الغير معتادة، وأظهر 42% تحسّناً في التواصل اللفظي.
على الرغم من عدم استجابة كل المرضى للعلاج؛ إلا أن أولئك الذين استجابوا استفادوا من العلاج بعد مرور أربعة أسابيع فقط، ولكن بعد إيقاف العلاج؛ عاد كل المرضى إلى وضعهم الأصلي من حيث شدة الأعراض.
اقترحت الدراسات السابقة أن عمل مركب (السلفاروفان) يتضمن تحسين «الاستجابة للحرارة و الصدمة»، وهي مجموعة أحداث تحمي الخلايا من الضغط الذي تسببه الحرارة العالية. ومن المثير للاهتمام أن حوالي نصف الآباء الذين لديهم أطفال مصابين بالتوحد يلاحظون تحسُّن أعراض أطفالهم بشكل ملحوظ بعد إصابتهم بالحمى، و لكنها تعود إلى وضعها الأصلي بعد التحسن، هذهِ الحالة أُثبِتت صحتها سريرياً.
ستكون الخطوة التالية هي اختبار المركب بشكل أوسع، والتقصي عن دوره في أعراض التوحد, وعلى الرغم من كونها دراسة صغيرة المدى، إلا أن نتائجها واعدة جداً، ويمكن أن تُمهد الطريق لفهمٍ أفضل للاضطرابات المعقدة.
المصدر: هنا