الرئيسية / أجتماع / المشاكل النفسية التي يواجهها الأطفال والبالغين الذين تم تبنيهم

المشاكل النفسية التي يواجهها الأطفال والبالغين الذين تم تبنيهم

————————-
بقلم: د. آلان سوارتز
ترجمة: ريام عيسى
مراجعة: أحمد الوائلي
————————-

أمثلة على الحالة (كل الأسماء والأماكن من وحي الخيال)

أ. إمرأة إكتشفت أن أمها بالولادة لا زالت على قيد الحياة على الرغم من أن والديها بالتبني أخبارها أنها ماتت. في الحقيقة فإن أمها بالتبني حاولت الإتصال بها وعائلتها بالتبني منذ أن كان عمرها 5 سنوات.

ب. فتاة من دولة آسيوية تبنّتها عائلة أمريكية بيضاء بعد حرب جرت في أسيا. لم تبحث عن عائلتها لأنه مُقتنعة بأنهم ماتوا بسبب الحرب الطاحنة التي جرت في بلادها، ولم ترغب بخيانة أبواها الأمريكيين. ولأنها تواجه صعوبة في بناء علاقات عميقة وتشعر بالإكتئاب الشديد، أصبحت تأخذ جلسات للعلاج من هذهِ المشاكل.

ج. فتاة متبناّة أقنعوها أن أبواها بالتبني هم أبواها الحقيقيين. لكنهم لم يكونوا قادرين على شرح كيف تكون إبنتهم وقد ظهرت في صور زفافهم!، وقد أخبروها أنها ولدت قبل زفافهم بسنة.

د. طفل تبنّته عائلة يهودية ونشأ على الديانة اليهودية. لاتوجد أي معلومات عن عائلته الأصلية ولا يُعرف أي شيء عن أصوله الوراثية.

هذه فقط بعض الأمثلة للمواقف التي يواجهها الأطفال المتبنّين في مرحلة الطفولة والبلوغ.

مصادر أخرى للمعلومات:

بالرغم من أن الكثيرين اليوم يعرفون أهمية أن يعلم المُتبنى عن أهلهُ الحقيقيين وتاريخهم الوراثي، فأن العديد القضايا الفردية والعائلية التي يكون الأشخاص الذين يقومون بالتبني أطرافاً فيها،

تتعارض مع التنمية الجيدة بالنسبة للطفل، والإعداد المُنضبط بالنسبة للبالغ. يوجد الكثير من كتب السيرة الذاتية التي كتبها أشخاص كانوا مُتَبنّين عن تجاربهم الشخصية، وتحتوي الكثير من المعلومات عن المشاكل التي مرَّ بها هؤلاء الأشخاص. بالإضافة الى أن محرك البحث غوغل يوفر الكثير من البحوث التي درست هذه القضية.

المشاكل التي يواجهها الإشخاص المُتَبنّين:

1. من الشائع جداً أن يشعر الأطفال المُتبنّين أنهم مُبعدين أو منبوذين من قِبل أبائهم بالولادة، مصحوبة بمشاعر الحزن والخسارة. لايوجد وقت او عمر محدد لظهور هذه المشاعر لكنها عاجلاً أم أجلاً ستظهر.

2. الشعور بالضياع والرفض عادة مايرتبط بإنهيار الشعور بإحترام الذات. هناك ميل يُمكن فهمهُ على أنهُ التفكير بـ”شيء ما سيء حصل لي، لذلك أبواي الحقيقيين أبعداني”. يجب أن يكون مفهوماً أن هذه الأفكار والمشاعر لاعلاقة لها بكمية الحب والدعم الذي يتلقاه الطفل من أبواه او عائلته بالتبني.

3. يرافق الإحساس بالذنب الإحساس بالخسارة والحزن لأن الشخص المُتبنّى يعتقد أنهُ أصبح خائناً لثقة الأشخاص الذين تبنوهم وأحبوهم وربوهم. ولا يرغب بجرح او فضح أبواه بالتبنّي. الإحساس بالذنب والخوف من كشفهم هو مامنع الفتاة في الحالة ج من أن تسأل: “لماذا أظهر في صور زفافكم إذا لم أكن قد وِلدتُ بعد؟”.

4. في الحالتين ب و د هناك إنفصال عن التراث الأصلي للأباء الأصليين. بالنسبة للفتاة الآسيوية التي نشأت في عائلة كبيرة مع الكثير من الأشقّاء، أصبحت الإختلافات العِرقية تؤرقها في مابعد. بينما تحلم بزيارة مكان ولادتها في أسيا فهي متأقلمة جداً مع كونها أمريكية. وتخشى بأن إثارة ماضيها قد يتسبب بالأذى لأبواها بالتبنّي. ومع ذلك فقد قام أبواها بالتبنّي بتشجيعها، وعرضوا عليها المساعدة في بحثها. رغم ذلك، فقد أبدت عدم أستعدادها للقيام بأي بحث. لم تكشف النقاشات العديدة خلال العلاج عما تخافه.

5. بالنسبة لعالم النفس الكبير إريك إريكسن، تتضمن مرحلة المراهقة البحث عن الذات. بينما يكون هذا البحث صعب على كثير من المراهقين، فأنهُ يُسبب مشاكل خاصة للمُتبنّين. على افتراض أنهم لم يقابلوا أبائهم وعوائلهم الأصلية أبداً ولا يمتلكون أدنى فكرة عن تاريخهم الجيني، ستتكون لديهم فجوة هائلة في بحثهم عن إجابة لسؤالهم “من أنا؟”. بالتأكيد كلما زادت المعلومات المتوفرة عند الشباب كلما قلت الفجوة في المعلومات التي يحتاجونها لتشكيل شعور حقيقي بأنفسهم. في كل الحالات أعلاه وِجدت فجوة هائلة في المعلومات. بإستثناء الفتاة الأسيوية، كلهم حُرِموا من أي معلومات، لأن معظم العائلات المُتبنّية لم يُقدموا لهم المعلومات الحقيقية، إما عن قصد أو عن غير قصد.

6. المعلومات الوراثية المفقودة مهمة لمعرفة الأسباب الطبية بوضوح. إنها مهمة لكل شخص لمعرفة التاريخ الطبي لأنه من الممكن أن يُقدم مفاتيح العلاج لأمراض وراثية. على سبيل المثال في الحالة د، بدأ المريض بالعلاج النفسي وهو غير مُدرك أن لديه إضطراب نقص الإنتباه المُفرط، وعائلته لم تكن تعلم أيضاً. إذا كانوا يعرفون أكثر عن عائلته الأصلية سيكون من الممكن التنبؤ بمشاكل الطفولة في البيت والمدرسة. بعد دخوله العلاج النفسي شُخّص على أنه يُعاني من مرض قصور الانتباه وفرط الحركة “ADHD” وعولج على هذا الأساس. المعلومات تخفف عن المريض والأبوين بالتبني لأن كلهم الآن يعرفون أنه ليس سيئاً أبداً او غبي لكنه يعاني من إضطراب في الدماغ.

7. العديد من البالغين المُتبنّين يخافون من أنهم سيكونوا خائنين لأبائهم بالتبني اذا قاموا بالبحث عن أبائهم الحقيقيين. من خلال تجربتي، الإستثناء الحقيقي الوحيد عندما يبذل الأباء بالتبني جهد واعي ومدروس لإخبار وتشجيع أطفالهم على البحث وجعلهم يعرفون مدى أهمية ذلك. للأسف، كما موضح بالحالتين أ و ج، هناك أشخاص لا يشجعون بحثاً من هذا النوع، ويكذبون على أطفالهم بالتبنّي بخصوص أصولهم. في النهاية، الكذب والتحريف لن ينجح وربما يؤدي إلى الشعور بالغضب من الأباء بالتبنّي، وأحياناً يسبب شرخ في العلاقة.

لماذا يخفي العديد من الأباء بالتبني الحقيقة؟

في بعض الحالات، تعيش الأسرة بالتبنّي حالة من الخوف من أنهم، بطريقة أو بأخرى، ويوماً ما، سوف يفقدون أطفالهم. هذا الخوف من الخسارة، في كثير من الأحيان غير منطقي، يشكل دافع قوي للحفاظ على الطفل المتبنّى قدر الإمكان.

الحقيقة هيَ أن الأطفال المُتبنّين الذين يبحثون عن أبواهم الحقيقيين ليس لديهم سبب لتغيير ولائهم ومشاعرهم. هم يشرعون بالبحث لأنهُ في أعماقنا، توجد حاجة ملحّة لمعرفة المزيد عن أنفسنا وعن تاريخنا العرقي والثقافي والشخصي والوراثي.

التبنّي في هذهِ الايام:

لقد تعلمنا الكثر من تجارب التبني الماضية والتي تُمكننا من تقديم بعض المساعدة لتسهيل عملية التبني للعوائل والمُتبنّين:

1. التبني الثلاثي: في هذه الحالة تتفق الأم الحقيقية والأبوين بالتبني بشكل قانوني على أن تشارك الأم الحقيقية بتربية الطفل. من الممكن أن يؤدي هذا النوع إلى زيارات شهرية أو إسبوعية أو حتى يومية، حسب مايتفق عليه الطرفين.

2. الأشخاص الذين يتبنّون أطفال من ثقافات او مجموعات عِرقية مُختلفة، يوافقون على تربية الطفل حسب الثقافة والمعرفة التي يرجع إليها أصله. أنا اعرف حالات حيث الاباء بالتبني يرون أنه من المناسب لطفلهم أن يتربى على معرفة وممارسة اللغة والأزياء والدين لأبائه الأصليين.

3. تحفظ وكالات التبني الان كل التسجيلات في ملف الطفل وتجعله جاهز ومتوفر في حالة أراد الشخص المُتَبني معرفة خلفية الطفل التأريخية. يساعدون أيضاً على ترتيب لقاءات مع الأباء الحقيقيين.اليوم، التبني شائع ولم يعد يحمل في طيّاتهُ خصائص سيئة قد تجلب العار كما كان يُعتقد في بدايات القرن التاسع عشر. هذا التغيّر الإيجابي يجعل أي شخص يشعر بالإنفتاح تجاه مسألة التبني.

هل أنت مُتبنّى وتعاني من إحدى او كل هذه المشاكل؟ هنا بعض الإقتراحات التي ربما قد تُساعدك:

1. هناك العديد من مجموعات الدعم للأشخاص الذين تم تبنيهم وهم بحاجة لمساعدة في التعامل مع مشاعر والخوف والإحباط. البحث عن طريق الأنترنت قد يُساعدك للوصول الى هذا النوع من المجموعات.

2. العلاج النفسي يساعد بشكل كبير في تقليل الشعور بالذنب والقلق والاحباط والخوف من أن تكون مُتبنّى. يمكنه أيضاً إزالة بعض المعوقات الخارجية لعمل البحث، اذا كنت ترغب.

3. إقرأ قدر ماتستطيع عن أطفال مُتبنّين وتجاربهم.

قد يتطلب الامر قدراً من الشجاعة، ولكن، إبحث وسترى ماذا يمكنك أن تعرف. كن منفتح مع عائلتك بالتبنّي. لن تكون خائن او ناكراً للجميل إذا قُمت بهذا البحث.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

القضاء على الفقر المدقع في شرق اسيا ومنطقة المحيط الهادي 

ترجمة: سهاد حسن عبد الجليل تدقيق: ريام عيسى  تصميم الصورة: أسماء عبد محمد   في …

عملية هدم الحضارة

ادريان ولدرج يرثي انهيار منظومة العادات والاعراف    بقلم : ادريان ولدرج ترجمة: سهاد حسن …