وفقاً لفريق من الباحثين بقيادة الدكتور براين منتليون، من معهد وود هول لعلم المحيطات، فإنه من المحتمل إن محيطات الأرض قد وجدت منذ تكون كوكب الأرض.
يقول الدكتور آدم سارافين، الباحث في معهد وود هول لعلم المحيطات، والكاتب الأول لهذا البحث المنشور في مجلة العلوم[1]: «محيطاتنا كانت دائما موجودة. ولم نحصل عليها من عمليات متأخرة، كما كان يُعتقد في السابق». إذ كانت إحدى الفرضيات (عن نشوء مياه المحيطات) إن الأرض والكواكب الصخرية الأُخرى تكونت في الأصل جافة، وذلك نتيجة الطاقة العالية، وعمليات التصادم العالية لتكوين الكواكب، وعليه فأن المياه فيها قد تكونت لاحقاً من مصادر أُخرى، وهذه المصادر هي مثل الكويكبات ‘الرطبة’ أو المذنبات.
ألا إن كل من دكتور منتليون والدكتور سارافين وزملائهما، فكروا في مصدر مكمني آخر لمياه الأرض- وهي الكوندرايت الكربونية[2]، وهي أحد أكثر أصناف النيازك الأولية. إذ تكونت الكوندرايت الكربونية في نفس دوامة المواد التي كونت الشمس قبل ٤٫٦ بليون سنة، أي قبل تكون الكواكب. ويضيف الدكتور سين نيلسون، المشارك في معهد وود هول للعلم المحيطات إن: «هذه النيازك الاولية تماثل معظم تركيب نظامنا الشمسي. وهي تمتلك الكثير من المياه في داخلها، وقد رُشحت سابقا كأحدى مصادر المياه على الأرض».
ولتحديد مصدر المياه في الأجسام الكوكبية، يقيس العلماء النسبة بين نظيري الهايدروجين المستقرين: ديوتيريم والهايدروجين. إذ تتصف المناطق المختلفة من النظام الشمسي بنسب متغيرة من هذه النظائر. وقد عرف العلماء هذه النسبة للكوندرايت الكربونية وعلوها بأنه إذا كان بامكانهم مقارنتها بمصدر كان معروفا بتبلوره أثناء التجمع الفعال للأرض، فإنه بأمكانهم تقدير وقت ظهور المياه على الأرض. ولإختبار هذه الفرضية، استخدم العلماء نموذج نيزكي من وكالة ناسكا للفضاء من الكويكب (فيستا-٤). وهو الكويكب الذي تكون، كالأرض، في نفس المنطقة من النظام الشمسي، وهو ذو سطح من الصخور البازلتية بشكل حمم متجمدة.
تعرف هذه النيازك البازلتية – من الكويكب فيستا-٤ – بإيوكرايت (eucrites) وتحمل علامة فريدة لأحد أقدم مكامن الهيدروجين في النظام الشمسي. ويقدر عمرها بحوالي ١٤ بليون سنة عقب تكون النظام الشمسي- مما يجعلها مثالية لتحديد مصدر المياه في النظام الشمسي الداخلي في وقت ما كانت الأرض في طور تكونها الرئيس. وقد حلل الفريق خمس نماذج مختلفة منها ووجدوا إن نيزك فيستا-٤ يحتوي على نفس تركيب الهايدروجين النظيري للكوندرايت الكربوني، وهي ذات النسبة الموجود في الأرض. وهذا، فضلا عن بيانات نظير النايتروجين، يشير إلى إن الكوندرايت الكربوني هو المصدر الأكثر قبولا للمياه.
وعليه فقد أظهرت الدراسة إن مياه الارض من المحتمل إنها قد تجمعت بنفس وقت تجمع صخورها. إذ تكونت الأرض ككوكب رطب يمتلك مياه على سطحه. إن هذا الكشف لايحول دون [فكرة] الإضافة اللاحقة للمياه على الأرض، الا إنه يبين إن هذه الفكرة لم تكن ضرورية مادامت الكمية والتركيب المناسبتين للمياه كانت موجودة في مرحلة مبكرة جدا من تكون الأرض.
المصدر: هنا
الهوامش:
[1]Adam R. Sarafian et al. 2014. Early accretion of water in the inner solar system from a carbonaceous chondrite–like source. Science, vol. 346, no. 6209, pp. 623-626; doi: 10.1126/science.1256717[2] الكوندرايت الكربونية: هي نوع فريد من النيازك الصخرية تمتاز بعدم امتلاكها نسيج كوندريتي، وتتكون من معادن سليكاتية حديدو-مغنيسية متميئة تشبه السربنتين والكلورايت في كثير من خواصها، وتحتوي على نسبة من المركيات العضوية قد تصل نسبتها الى 10%، وتؤكد الدراسات على المصدر غير العضوي لهذه المركبات