بعد حادثة الانقسام
“سأصبح الموت المدمر في العالم”
…
روبرت اوبنهايمر
الاختلاف بين العلم والدين في القرن السابع عشر، كان خطوة مهمة في تقدم المعرفة البشرية، لأن العقيدة والالتزام الصارم قد اوقف التقدم.
استمر العلم على مر القرون ليكتشف مساحات واسعة من المعرفة ويجيب على الاسئلة المُلِحة لفائدة البشرية. هناك بعض الشك بأن العلم قد قام بتحسين نوعية الحياة البشرية، لكن التركيز قد تحول الان فيما اذا كان التقدم بحاجة الى شعار او لا.
يغير التقدم التكنلوجي من ثقافة البشر بصورة لا يمكن التراجع عنها، والسوال هنا فيما اذا كانت الانسانية والقيم الاخلاقية سيتم نسيانها في طريق الاكتشاف العلمي.
على الرغم من تألق العديد من العلماء في مجالهم الا أنهم اذنبوا بعدم البحث عن التأثيرات الواسعة لبحوثهم وأصبح تركيزهم على النتيجة. أصبحوا عالقين في نظرياتهم وتجاربهم المبتكرة من دون السؤال فيما اذا كان عليهم متابعة الابحاث.
الاسئلة الاخلاقية جزء مكمل للعملية العلمية، ويجب أن يكون مبني في خطوات عملية البحث العلمي. حاليا، هناك اجماع ضئيل على من او ما الذي يحدد هذه القيم الاخلاقية وعدم عمل التنظيم الذاتي. وضع السياسيون قوانين، لكن حكمهم مشتبه به وخاضع لدوافع خفية.
على سبيل المثال، الفوضى البيئية نتيجة لسخرية اختيار السياسيون للبحوث التي منحتهم الاجوبة التي يريدونها وليس ماهو مفيد للبشرية. استراتيجية السياسيون مبنية على دورة انتخابية واحدة، وليست مهتمة بوضع الاساس للاجيال القادمة.
علم تنظيم رموز القيم الاخلاقية
قد واجه العلم أسئلة حول القيم الاخلاقية والاداب، خلال عملية التصميم التجريبية، وايضاً في تحديد كيفية استعمال النتائج.
تجربة مرض الزهري التوسكيجي، رفض الاشخاص المصابين بالمرض للعلاج من اجل تجهيز مجموعة مسيطر عليها، كانت غير اخلاقية. تعرض الجنود الى تأثيرات غير صحية للاشعاع كانت تجربة غير اخلاقية للغاية.
يعرض العلم الحديث معنى افضل للاخلاق الذاتية. حاليا اعتبرت المعاناة النفسية قيم غير اخلاقية، كما في تجربة آش، حيث خضع الاشخاص لتأثيرات عاطفية شديدة غير مسموح بها في العلم الحديث.
يخضع العلم حاليا لبروتوكول صارم ومجموعة من القوانين، توجه عملياته وتحمي حقوق الافراد. على سبيل المثال، في اختبار طبي حيث تم استعمال مجموعة العلاج الوهمي، اذا اظهر العقار الطبي مساعدة يتم انهاء التجربة واعطاء جميع المرضى العقار. هذه البروتوكولات رائعة، لكن نادرا ما تستعمل على نطاق خارجي واسع.
تنشأ المشاكل عندما نبحث عن اهتمامات اخلاقية حاكمة للبشرية. نظهر هنا بأن نكون متمسكين بعقلية “العملاء يعرفون الافضل.”
سواء كان الفرد يؤيد المخاوف حول ابحاث الخلاية الجذعية، هادرون المصادمات الجزئية، او المعالجة الوراثية، فأن هذه المناطق هي التي تؤثر على كل البشرية، وينبغي ان تُحكم بواسطة مسؤولية منظمة.
بنفس الطريقة التي ترتكز عليها فلسفة عملية المنطق الأساسية الحاكمة لبنية وصلاحية البحث العلمي، ينبغي ان يلعب الدين دور اساسي في القيم الاخلاقية. عند استعمال مصطلح الدين، ينبغي ان يشمل المتحضرون والملحدون، الذين يستطيعون ان يعبروا عن اراء قانونية مُسندة الى قوانين شرعية قوية.
التطرف الديني والعلمي
هذا ليس خوفا من المجهول، لكنه حاجزا منيعا يتم من خلاله مناقشات قليلة. فقدان مجال التفاهم والتسوية تعتبر ارضا خصبة للتطرف والتعصب لدى كل من الطرفين.
اذا كان العلماء راغبين بمعالجة المفاهيم الاخلاقية حقاً، فهل يسمح جدال التصميم الذكي بالتفاقم لفترة طويلة؟
انبعاث المتعصبون الدينيون من عقول متعصبة ووجهات نظر مشوهة من العالم امر في غاية الخطورة، لكن ايضا يرفض العلماء تقبل امكانية وجود خالق.الالحاد مقبول تماما، لكن من المهم عدم الوقوع في الفخ نفسه معتقدين ان ذلك هو الاعتقاد الوحيد القابل للتطبيق.
المفاهيم الاخلاقية ليست وحدها مركز الدين فحسب وهؤلاء الذين مع العقيدة او بدونها لديهم الحق للتعبير عن ارائهم على الموضوع، طالما كانوا منطقيين ومنفتحي التفكير.
يذكر العلماء المبجلون ان “الاشخاص المؤمنون بالاله هم مغفلين” وهم متعصبين كالقادة المتدينين يتبجحون ان اولئك الذين لم يؤيدوا نظريتهم المحدودة عن العالم هم اشرار، ويستحقون الموت واللعنة الابدية.
قوة المساومة
لفترة طويلة جدا، هناك بعض التداخل بين المجالين، وهذا يؤدي الى التطرف. ولكن المسار يقع في مكان ما في المنتصف، حيث بإمكان الهيئات الدينية طرح الاسئلة الاخلاقية من دون احباط، والسماح للعلماء ببناء نظرياتهم من دون ان يهاجموا من اولئك المؤمنين في الحقيقة الحرفية للنصوص القديمة.
لم يحتل العلم والدين مجالات حصرية مشتركة فيما بينهما. عمر الاسلام من القرن الثامن حتى القرن الثالث عشر، رأى فترة عظيمة من التطور العلمي برعاية الحكومة الدينية.
للاسف، فترة مابعد الانقسام، والاتهامات التكفيرية المتسببة بواسطة نظرية التطور والانتقاء الطبيعي تركت ندوب، تحتاج الى ان تلتئم. عمل هذا على كلا الاتجاهين، مع اعطم العلماء مثل جورج كارفر واشنطن الذي هزا به بواسطة المجتمع العلمية بسبب معتقداته الدينية.
جدلية التصميم الذكي توسع هذا الصدع، ويسعى المتطرفون المتدينين للحفاظ على المسافة بين العلم والدين. على الرغم من احتجاز وجهة النظر بواسطة الاقلية البارزة، تستولي المناقشة على الوعي الشعبي، واخفاء اي مناقشة وحوار بناء.
على الرغم من هوامش العلم والدين المسببة للصعوبات، هناك علامات ان قلق التعايش السلمي بدأ بالذوبان. العديد من العلماء سعداء بنشر معتقداتهم الدينية، وتدعم العديد من المنظمات الدينية العلم الحقيقي، بدلا من استعماله لدعم المعتقدات المحدودة الفكر.
لحظة بدأ شوط الجدلية، متى ما سمح للنقاشات والاديان بالتعبير عن مخاوفها الاخلاقية، ستكون البشرية قادرة لتتحسن وتتطور بمعدل اكبر.
المصدر: هنا