الرئيسية / ظواهر غير طبيعية / هل تجارب الخروج من الجسد دليل على وجود الروح؟

هل تجارب الخروج من الجسد دليل على وجود الروح؟

ترجمة: أسماء حاتم بن ستيتي
تدقيق: نعمان البياتي
تصميم الصورة: مرتضى ضياء

يعتقد الكثير من الناس منذ الأزل بأننا نمتلك روحاً بداخلنا، وسواء أكانت على شكل قوة حياة متعددة المستويات في مصر القديمة، أو روح السفر العالمية من الشامانية البيروفية، فإن فكرة وجود جوهر خالد في الإنسان ومنفصل عن الجسد تماماً فكرة موجودة يصدقها الناس في معظم الثقافات حول العالم. في أوروبا شجعت الكنائس فكرة وجود الروح لدعم اللاهوت منذ ملايين السنين، وبقيت هذه الفكرة سائدة حتى ظهور الفكر العلمي منذ حوالي 500 سنة. وعلى الرغم من أن العلم قد أنكر منذ القدم وجود الروح إلا أن الفكرة هذه استمرت لعدة أسباب؛ إحداها، هي التجارب البسيطة المنتشرة التي يختبرها بعض الأفراد وهي أن النفس لا تتغير، بالرغم من التغيرات التي تحصل مع مرور الوقت، وقد أحرزت علوم الأعصاب تقدما كبيراً في تفكيك وفهم هذا الشعور الذي يحدث للإنسان، والذي يهيئه العقل لنا.
ولكن هنالك ظاهرة أخرى، ظاهرة الخروج من الجسد (OBE)، والتي قد يكون من الصعب التطرق إليها، ففي تجربة (OBE)، أفاد شخص بأنه رأى أشخاصاً وهم يعومون خارج جسدهم وهو يراقبهم من بعد؛ هناك اعتقاد قوي بأن وعي وإدراك هؤلاء الأشخاص هو بطريقة ما مختلف ومنفصل عن أجسادهم. تجربة الخروج من الجسد تجربة شائعة جداً، خصوصا في حالات الصدمة الجسدية الشديدة، وهنالك تقارير عديدة عن هذه الظاهرة (من النواحي الغيبية والأوساط الشعبية) لإيجاد أدلة تدعم وجود الروح إلى وقتنا الحاضر.
وقد نجح الفيلسوف (توماس ميتزينجر) من جامعة (ماينز) بألمانيا في تجسيد تجربة مصطنعة لخروج الروح من الجسد من خلال أجساد المشاركين في الأبحاث، ومن خلال التعاون مع (أولاف بلانك) في سويسرا، حفز الباحثون منطقة من الدماغ المعروفة باسم الفص الأيمن الصدغي الجداري، ونتج عن ذلك تجارب موثوقة خارج الجسد. تكهن (ميتزينجر) و(بلانك) بأن الفص الأيمن الصدغي الجداري هو محور اندماج الإحساس بوجود الروح والجسد في الفضاء، وعند تعطل وظيفة الفص الأيمن الصدغي الجداري، باستخدام التحفيز المغناطيسي عن طريق الجمجمة مثلاً، فإنه يتعطل الاندماج في المعلومات متعددة الحسية، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بأن نفسك لم تعد في جسدك؛ وقد أنتج الفريق تأثيراً مماثلاً باستخدام نظارات الواقع الافتراضي، التي عرضت صورة لأجساد المشاركين في الفضاء أمامهم، وقد تم توليد صورة لأجساد المشاركين عن طريق كاميرات الفيديو، فعندما تحركت أجسادهم تحركت الصورة، و بحركات وتوقيت مطابقين تماماً لحركة الجسد. إن هذا التشتيت في المدخلات الحسية لأجساد المشاركين هو ما يجعل الجسد يشعر بأنه في مكان، وأن صورة الجسد في مكان آخر. إن هذا الإدخال البصري-الحسي-الجسدي المتضارب يتسبب في أن يخطئ الشخص في التعرف على مكان جسده عندما يكون في الفضاء، مما يدل أيضاً على أن الشعور بالروح وشعور الإحساس بالجسد يتطلب شعوراً إلزامياً ومستمراً باندماج الروح مع الجسد، وكما يبدو فإن هذه التجارب ليست دليلاً لإثبات وجود الروح، وبدلاً عن ذلك فإنه يتم توجيه الاهتمام العلمي على الآليات الرائعة التي نواجه بها تجربتنا وتعكس إدراكنا الشخصي لذواتنا.

المصدر هنا

عن