الجزيئات الصغيرة تمحو وتمنع تشكيل تاو في القردة والفئران
تعزو عدد من الدراسات الصاعدة في مجال الزهايمر أساس المرض الى ترسب بروتين –مايسمى بتاو(tauبالانكليزية)- في الدماغ وهذا هو الاعتقاد السائد والمعمول به حالياً, استهداف هذا البروتين الخبيث من أجل علاج هذا المرض العقلي قد نتج عنه نتائج متباينة. منها فشل هذا المركب المضاد لتاو في القضاء او التخلص من المرض في مراحله المتقدمة.
في دراسة حديثة متعلقة بهذا الشأن أُشير الى أن التغير في هذه الاستراتيجية قد يثمر عن نتائج افضل. تقترح الاكتشافات المقدمة في مجلة Science Translational Medicine) الامريكية ) مركبات اوليجونو نوكلوتيدات (قليلات النيكليوتيد المعاكسة لاتجاه النسخ ) – بالانكليزية – antisense oligonucleotides مختصرها ASO من المزمع أن هذه العقاقير لاتقلل من مراحل تشكل بروتين تاو فحسب بل تمنع تشكله نهائياً.
مركبات ASO هي جزيئات شبيهة بال DNA معدلة ومصممة من اجل ادراك والتخلص من تسلسلات معينة في ال RNA وبالتالي تمنع التشكيل المباشر لبروتين معين. هذا العقار بانواعه المختلفة يظهر تفاؤل او امل في علاج سلسلة من الحالات المرتبطة بالدماغ او الجهاز العصبي من ضمنها عدد من اضطرابات الدماغ. ففي السنة الماضية وثقت حالة علاج لمرض ضمور العضلات الشوكي (مرض يؤثر على القدرات الفيزيائية لاشخاص كالاكل او المشي عن طريق التاثير على الجهاز العصبي الحركي ) وباقي الأنواع تدخل في طور التحقيقات للتأكد مما اذا كانت تساهم في علاج كل من مرضي التصلب الجانبي الضموري (مرض عصبي سريع وقاتل يهاجم الخلايا العصبية المسؤولة عن السيطرة على العضلات الارادية “مرض العالم المشهور ستيفان هاوكينك”) وكذلك مرض هونتينغتون او متلازمة هونتينغتون (اضطرابات دماغية متقدمة تؤدي الى حركات لا ارداية, مشاكل شعورية, بالإضافة لفقدان قابلية التفكير “الادراك”).
وجد الباحثون اللذين قاموا بهذه الدراسة أن مركبات ASO تمنع المشاكل الادراكية في عينة فئرة تجارب التي تعتبر كعينة او نموذج لاضطرابات الدماغ المسببة من قبل بروتين تاو (الفئران ضمن قسم المصابين ببروتين تاو ) وتأثيرها لايقتصر على ذلك فحسب بل يتضمن تاثيرها أيضاً في حالات اضطرابات الدماغ النادرة كشلل فوق النواة التدريجي. أظهرت الدراسة أيضاً بأن العلاج او المعاملة بمركبات ASO تقلل من التهاب الدماغ (يعتقد أنه من مسببات الزهايمر), تمنع موت الاعصاب وتقلل من تجمعات تاو في الدماغ. ومن اجل تحقيق تقدم ولو بخطوة واحدة ومن اجل التأكد من أن الدراسة ممكن أن تعمل على الانسان ايضاً أثبت الباحثون أن العلاج المكون من مركبات ASO المستهدفة لتاو يقلل من تجمع الأخيرة في الدماغ لدى القردة ايضاً. “هنالك الكثير من التطلعات على العلاج المبني على استهداف بروتين تاو ” -سارة ديفوس تتحدث (رئيسة هذه الدراسة) ” لكن في الحقيقة هذا اول علاج نكون فيه حذرين من أن هذا العلاج يقلل من تأثير البروتين بل ويمنعه من التشكل أصلاً ” – طالب متخرج من جامعة واشنطن للطب يتحدث.
هنالك مجموعة من مايسمى بمضادات تاو العلاجية والتي تعمل في المراحل الأولى للمرض عن طريق تسخير الجهاز المناعي من اجل مهاجمة دفعات رواسب متواجدة من بروتينات التشابك العصبي نظراً لطبيعتها المتشابكة. في حالة كون مااكتشف في هذه الدراسة صحيحاً في مايتعلق بكون مركبات ASO لها القابلية على إزالة منابع تاو وبل ومنعها من التطور سيكون هذا الاكتشاف بمثابة الضربة القاضية في علاج وإيقاف كل الاضطرابات المسببة من قبل تاو. “من خلال منع تشابكات جديدة” – سارة ديفوس تأمل-“نحن نخفف الضغط على الالية الخلوية المزيلة لتاو” ـ سارة ديفوس مجددا- وبالنتيجة لذلك ستكون الاعصاب افضل في التعامل مع تاو الذي يملك القابلية على التكدس.
كحال اول التجارب الأولية على الباحثين أن يتأكدوا من أن العلاج آمن قبل أن يبدأوا باستخدامه في المجال البشري “عمل علم السموم يتدخل هنا” –تيموثي ميلر يتحدث ” مشرف هذه الدراسة وكذلك اختصاصي أعصاب في جامعة واشنطن يقول : “نحن بحاجة الى التأكد بأن التشابك العصبي الذي يستهدف تاو آمن على الانسان عندها علينا أن نتأكد من كون مركبنا يعمل على تخفيض مستوى تاو لدى البشر كما يفعل في القردة والفئران او لا”.
في الواقع ثيموثي ميلر هو أكثر تفائلاً فيما يتعلق بكون تخفيض نسب تاو مفيد للأشخاص المصابين بالزهايمر وكذلك باقي الاضطرابات المرتبطة بتاو. مرض الزهايمر هو مرض معقد جداً فبخلاف التوقع السائد بأن تاو هو المسؤول الرئيسي هنالك أيضاً من يتوقع بأن التهاب الدماغ يلعب دوراً في هذا المرض,نتيجة لتراكم بروتين الاميلويد. الفئران الاختبارية تعتبر حاجز معرقل للتأكد من كون التوقع السابق صحيح كونها تعكس مرض الزهايمر جزيئاً أي لاتصاب بجميع الاحتمالات الممكنة حيث أن أدمغة الفئران المستخدمة في هذه التجارب تحتوي احدى مراتب تاو (taupathies) من دون حدوث ترسب في الاميلويد . حسب مانوهت سارة ديفيوس ان ترسبات تاو مرتبطة بالانخفاض الادراكي اكثر من هو ارتباطها بالاميلويد.
هنالك قلق اخر من الاضرار الجانبية التي قد ترافق محو او إيقاف أنتاج بروتين تاو لكونه متواجد في الاعصاب العادية حيث أن البروتين يحمل بعض الوظائف المفيدة . نظرياً, خفض نسبة بروتين تاو قد يشهد بعض الانتكاسات للدماغ. على الرغم من عدم رؤية أي تاثير سلبي من استخدام علاجASO في التجارب السابقة . سارة ديفوس وتوماس ميلر يقولون أيضاً قد يمكن التعامل مع الاضرار الجانبية المرافقة لاستخدام هذا العلاج لأن مركبات ASO لها القابلية على المعايرة الدقيقة من اجل تخفيض تاثير بروتين تاو الى النسبة المرغوبة.
يحذر الخبراء من مغبة تطبيق هذه الاكتشافات على الانسان. يقول جيمس دوك الذي لم يشمل في الدراسة (بروفيسور في مجال الطب والطب النفسي في جامعة دوك): “النتائج مثيرة للأعجاب لكن علينا أن نتذكر بأن الأشخاص ليسوا فئران نقل نتائج التجارب على الفئران الى التطبيق على امراض الانسان تحتاج الحذر. العلاج الناجح على عينات الفئران التي تحمل بروتين اميلويد كنماذج لمرض الزهايمر تحمل نجاح محدود جداً في المجال العلاجي “.
بورك ينوه أيضاً بأن مركب ASO لايمكن أن يعطى عن طريق الفم او عن طريق الاوردة او بالحقن العضلية.وانما الحل سيكون كالحل المستخدم مع الفئران المستخدمة في هذه الدراسة عن طريق أنبوب قسطرة او مسبار من اجل ان يصل مباشرة لبطينات الدماغ.
يضيف بورك : “ستغلف محتويات الفجوات المملؤة بالسوائل الدماغ في هذه الحالة وسيكون ذلك ابسط ثمن ممكن ان يسدد اذا كان هنالك اثر إيجابي ضد تقدم هذا المرض في حالة استخدام هذا العلاج”. هو أيضاً موافق بأن استهداف تاو هو افضل من الاميلويد في الزهايمر ويتفق أيضا بان ديفوس وميلر قد اصبحوا اقرب الى استخدام مركب ASO المستند على بروتين تاو في العيادات من اجل علاج الامراض العصبية.
ريتشارد ايساكسون اخصائي أعصاب في كلية وايل كورنيل الطبية والذي لم يكن أيضا مشمولا في هذه الدراسة يتفق على ان هذا الاكتشاف واعد في مجال الاعصاب والذي يضمن مجال دراسة أوسع في مجال الحيوان بالإضافة للإنسان. مستقبل الزهايمر يعتمد على الاكتشافات المتعددة اللتي تستهدف امراضا متشابهة، كالانوليد وتاو على حد قوله.
ميلر متفائلا : ” نعتقد أن طريق جعل هذا استخدام هذا الاكتشاف في الانسان اصبح واضحا الان ، مع الاخذ بنظر الاعتبار بان هذا الأنواع المتشابهة من هذا العلاج أظهرت تأثير في حالات عصبية أخرى . هنالك نوايا حقيقة للمضي قدما “
المصدر: هنا