——————
ترجمة: علي أدهم
مراجعة: أحمد الجنابي
——————
الحمض النووي (DNA)، هذا الجزيء القابع في قلب الحياة، هو جهاز التخزين الأقوى والأكثر تعقيداً في الوجود، ولذلك لا عجب في أن يحاول العلماء تسخير قدراته في مجال الحوسبة والإلكترونيات، فمميزاته لا تقتصر فقط على إمكانية تخزين كمٍّ هائلٍ من البيانات، بل يوفر كذلك فرصة لتجاوز القيود المفروضة حالياً على تقليص أحجام الأجهزة الإلكترونية.
على الرغم من أننا قد قلّصنا بالفعل أحجام أجهزة الكومبيوتر بشكلٍ كبيرٍ عن حجمها عند بداية اختراعها، إلا أن العلماء قد لا يمكنهم تصغيرها لأقل من ذلك، حيث أن هناك حداً أدنى للمسافات القصيرة جدا الموجودة بين الترانزستورات- الوحدة الرئيسية لأي جهاز إلكتروني-، وذلك لمنع التداخل فيما بينها، وهذا يعني أن (المعالجات – processors) أصبح من الصعب تصميمها بشكل أصغر مما هي عليه الآن.
يمكن للحمض النووي أن يمدنا بحلٍّ فريدٍ للتغلب على هذه المشكلة، ولكن للأسف، واجه العلماء عقبة كبيرة في استخدامه في مجال «الإلكترونيات الجزيئية»- علم يختص بدراسة وتطبيق الكتل البنائية الجزيئية في تصنيع المكونات الإلكترونية المختلفة-.
إن تصميمَ وتصنيعَ جزيئاتٍ معتمدةٍ على الحمض النووي سهلٌ بما فيه الكفاية، لكنّ نقلَ تيارٍ كهربيّ كبير من خلالهم ثبت أنه أمرٌ عسير، وعلاوةً على ذلك، فقد ثبت أيضاً أن قياس تدفق التيارات خلال جدائل الحمض النووي الصناعي دائماً ما تكون نتائجه متناقضةً، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها، ولكن الآن، قام فريقٌ دوليّ من الباحثين بقيادة علماء من «الجامعة العبرية» في القدس بإحراز تقدمٍ كبير يمثل خطوة في تطوير الدوائر الكهربائية المبنيّة على الحمض النووي.
فوفقاً لجريدة (Nature Nanotechnology)، قام العلماء بصنع أسلاكهم المعتمدة على الحمض النووي عن طريق امتصاص أربع جدائل حمض نووي بواسطة ركيزة من (المَيْكا)- مجموعة معادن سيليكات تختص بكونها تتبلور في هيئة طبقات-، وحينها أصبحوا قادرين على قياس التدفق الكهربي من خلال الجزيئات بدقةٍ تامّة ولعدة مرات، والذي ترواحت شدته بين 10 و100 بيكو أمبير- البيكو أمبير يساوي واحد من تريليون من الأمبير-، وعلاوة على ذلك، انتقل التيار مسافة أطول من 10 نانومتر.
وقال العالم البارز البروفيسور (Danny Porath) في بيانٍ صحفيّ: «هذا البحث يُمهد الطريق لتزويد الدارات القابلة للبرمجة بالإلكترونيات الجزيئية المعتمدة على الحمض النووي، مما سيؤدي إلى جيلٍ جديد من الدوائر الكهربية الأكثر تطوراً، والتي ستكون أرخص وأسهل في صنعها».
بينما يضع هذا البحث مجالَ «الإلكترونيات الجزيئية» في مساره الصحيح، إلا أنه لا تزال هناك بعض العقبات التي يحتاج العلماء للتغلب عليها قبل أن تُعتمد هذه النتائج في صناعة الدوائر، فعلى الرغم من أن جزيء الحمض النووي مستقرٌ جداً، إلا أن الحفاظ على سلامته في ظروف المُعالجة الشديدة سيكون أمراً صعباً.
المصدر: هنا